ليس في مقدور أحد ان يتكهن بمصير الانتخابات النيابية المقبلة، ما اذا كانت ستجرى في موعدها قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في 31 أيار مايو المقبل أو انها ستتأجل لأسباب تتعلق في التأخر بتشكيل حكومة جديدة اياً كان شكلها. لكن ما يؤكده وزراء ونواب في الموالاة ان احتمال اعتماد القضاء دائرة انتخابية بحسب ما هو وارد في مشروع القانون الذي أرسلته الحكومة قبل استقالتها الى المجلس النيابي الذي اضطر الى تعليق البحث فيه تحت وطأة التداعيات السياسية لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد يعاد النظر فيه لمصلحة العودة الى المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة النظر في التقسيمات الادارية. واستبعد هؤلاء ان يكون السبب تعثر تشكيل حكومة وحدة وطنية بمقدار ما انه يتعلق بوجود"يقظة"وان كانت متأخرة لدى أركان الدولة بضرورة التمسك بتطبيق اتفاق الطائف. وأكد هؤلاء ل"الحياة"ان حكومة الرئيس كرامي كانت توافقت على القضاء دائرة انتخابية انسجاماً مع الوعود التي كان التزم بها رئيس الجمهورية اميل لحود ووزير الداخلية والبلديات سليمان فرنجية في لقاءاتهما مع البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ظناً منهما ان قانون انتخاب كهذا سيساعد على تبديد المخاوف الموجودة لدى بكركي ومن خلالها في الشارع المسيحي. وأضافوا:"الا ان العودة الى القضاء كما نص عليه قانون الانتخاب في العام 1960 لم تحقق الأغراض المنشودة منها، خصوصاً بالنسبة الى استيعاب بكركي من جهة وتقطيع أوصال المعارضة من جهة ثانية وصولاً الى كسب تأييد المجتمع الدولي، على رغم ان كرامي وافق على مضض على القانون وان رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان أبدى تحفظه واستمر في دعوته الى اعتماد المحافظة على أساس النظام النسبي". ولفت النواب والوزراء الى ان بكركي بعد ان استحصلت على قانون الانتخاب، سارعت الى الذهاب في طريق سياسي آخر بخلاف التوقعات التي كانت تراهن على ان هناك فرصة لتهدئة موقف صفير. وأكدوا ان اعادة الاعتبار الى الطائف بعد تجاهله لأكثر من ست سنوات والتعاطي معه كمرشد أساسي في ادارة البلد في ضوء ما ورد على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في الخطاب الذي ألقاه السبت الماضي، ستكون العامل الضاغط من أجل صرف النظر عن القضاء لمصلحة الدائرة الانتخابية الكبرى، مشيرين الى ان هذا القرار سيكون نهائياً بصرف النظر عن رد فعل صفير والمعارضة. ورأى هؤلاء انه لن يكون في وسع المعارضة الاعتراض على الدوائر الكبرى طالما انها ما زالت تطالب بتطبيق الطائف، أما اذا كانت تصر على تنفيذه في صورة انتقائية وفي شكل يتناسب مع موقفها من قانون الانتخاب، فهي ستواجه احراجاً من الآخرين. وفي المقابل تعتقد أوساط مقربة من المعارضة ان تراجع الدولة عن القضاء دائرة انتخابية ستكون له محاذير على صعيد الصعوبة التي ستواجهها خصوصاً في منطقة الشمال وتحديداً بالنسبة الى ان الأجواء السائدة بين القوى المحسوبة على الموالاة لا تشجعها على الخوض في مغامرة انتخابية يمكن ان تتيح للمعارضة تحقيق انتصار يضاف الى انتصاراتها في بيروت وجبل لبنان. وأكدت هذه الأوساط ان أي تحالف بين أطراف الموالاة على قاعدة ترتيب العلاقة بين كرامي وفرنجية سيفتقد الى دعم قوى أساسية في طرابلس في ضوء الخلاف المتصاعد بين رئيس الحكومة المستقيلة وبين النواب الحاليين الذين لا ينفكون عن توجيه الانتقادات اليه، اضافة الى انه سيواجه اعتراضاً من شخصيات شمالية اخرى في مقدمها نائب رئيس الحكومة عصام فارس الذي يفضل وحتى إشعار آخر فصل محافظة عكار انتخابياً عن الدوائر الاخرى لا سيما ان المقاعد المخصصة لها تعكس تمثيلاً حقيقياً للطوائف والمذاهب الموجودة في الشمال. واعتبرت ايضاً ان عودة البعض الى التلويح بالدوائر الكبرى قد يكون من باب التهويل أو تكبير الحجر في محاولة لعقد تسويات في بيروت حيث قوتها الأساسية المتمثلة ب"تيار المستقبل"لن تتراجع عن الموقف الذي كان حدده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وستتصرف منذ الآن على انها ماضية في خياراتها الانتخابية التي رسمها الأخير. لذلك فإن معظم المراقبين للأجواء الانتخابية يعتقد بأن الدولة لن تغامر من خلال رفضها للقضاء بمستقبل حلفاء أساسيين لها في الشمال لا سيما أن هؤلاء سيواجهون تياراً سياسياً لا يستطيع احد ان يقدر وزنه الانتخابي في صناديق الاقتراع بعد الاجماع ليس على ادانة الجريمة فحسب وانما على عدم التفريط بالقوة التي أخذت تتمتع بها المعارضة.