يتفق عدد الوزراء على ان الحكومة اعدت العدة بالتنسيق مع اطراف اساسية في الموالاة لشن هجوم سياسي مضاد على المعارضة "التي استمرت في التصعيد، وبدأ معظم اطرافها يجنحون الى تأييد القرار الرقم 1559 بعدما استجاب مجلس الوزراء طلبهم اعتماد القضاء دائرة انتخابية". ويؤكد وزراء انطلاقاً من الاجواء التي سادت جلسة مجلس الوزراء الاخيرة ان المعارضة "تستضعف سورية في لبنان وتتصرف وكأنها تعبر عن رأي الاكثرية بخلاف الواقع وتوحي بأن الموالاة استسلمت لمواقفها ولم يعد في مقدورها استنهاض قواها". واذ يشير هؤلاء الى ان رئيس الجمهورية اميل لحود ووزير الداخلية سليمان فرنجية استجابا رغبة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير اجراء الانتخابات النيابية على اساس القضاء دائرة انتخابية، مراعاة للساحة المسيحية لتنفيس الاحتقان السياسي ويقولون ان الموالاة اخذت تشعر بأن المعارضة تخطط لانقلاب سياسي ضد الطائف الذي هو بمثابة "عقد سياسي" تم التوافق عليه باشراف عربي ودولي وبدعم سوري مؤكدين انها اختارت توقيت هجومها مع ازدياد الضغط على لبنان وسورية لتطبيق القرار الرقم 1559. ويتابعون ان موقف البطريرك صفير المؤيد ضمناً للقرار الرقم 1559 احدث صدمة سلبية في صفوف الحكومة، خصوصاً انه عبر عنه بصراحة متناهية بعد عودته من زيارته لفرنسا بخلاف تقديرهم ان جعل القضاء دائرة انتخابية يسترضي المسيحيين والقوى الدولية الداعمة للقرار الرقم 1559. ويحول دون احداث شرخ بين اللبنانيين. الا ان توافق الوزراء على تشخيص الاسباب السياسية التي دفعت بمعظم قوى المعارضة الى تصعيد موقفها السياسي من خلال البيان الصادر عن لقاء "البريستول -3" لا يعني انهم مجمعون على ان قرار العودة عن القضاء دائرة انتخابية قد اتخذ بصورة نهائية. ويرى بعض الوزراء ان "هناك صعوبة في العودة عن القضاء من خلال المجلس النيابي بسبب الاحراج الذي سيواجهه لحود وفرنجية وآخرون من الوزراء". ويضيف هؤلاء ان التهويل قائم لمصلحة الدائرة الكبرى وانه يأتي في اطار العودة الى لعبة شد الحبال وان صرف النظر عنه يشترط على المعارضة التهدئة واعادة النظر في حساباتها وهذا ما ابلغ بطريقة او بأخرى الى مرجعيات روحية مسيحية والى اطراف تربطها صلة وثيقة بشخصيات في "لقاء قرنة شهوان". ويتصرف البعض الآخر على ان قرار العودة عن القضاء اتخذ من ابرز القوى في الموالاة التي ستبادر الى ترجمته بخطوات ملموسة لتفادي احراج مجلس الوزراء في حال طلب منه التراجع عن مشروع القانون. ويؤكد هذا البعض ان الترويج للدائرة الكبرى لا يأتي في سياق التهويل وان الموالاة التي تقوم بتجميع صفوفها قادرة على رد الصاع صاعين للمعارضة، طالما انها تراهن على عوامل خارجية مع تحرك الامانة العامة للأمم المتحدة لاعداد تقرير الى مجلس الامن الدولي عن تطبيق القرار الرقم 1559. لكن المعارضة والموالاة تحاولان معرفة موقف رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ازاء التطورات. وتعتبر اوساط الحريري ان تركيزه على اتفاق الطائف في هذا الوقت بالذات جاء بمثابة رد مزدوج على بعض المعارضة والموالاة. مشيرة الى ان تمسكه به يعكس عدم موافقته على البيان الاخير الذي صدر عن لقاء المعارضة في البريستول. كما انه يشكل رداً على البعض في الموالاة الذي لا يرى في قانون الانتخاب سوى اضعاف الحريري في بيروت. وتنقل اوساطع عنه ان موقفه ينطلق من رفضه التراجع عن الطائف، ومن تطييف الانتخابات في الدائرة الثانية من العاصمة وفي شكل مخالف لروحية الوفاق الوطني بذريعة انه يراد من التقسيم تأمين مناطق نفوذ للطوائف الاخرى. واذ تؤكد اوساط الحريري ان التحفظ الذي ابداه النائب في تيار المستقبل بزعامة الحريري احمد فتفت على الوثيقة السياسية للمعارضة ينم عن ان لدى التيار قناعات اخرى يتمسك بها، وان تحفظه كان سبق رد فعل الموالاة على بيان المعارضة وهو قام بذلك انطلاقاً من تمسكه بالطائف كسقف سياسي وعدم مراعاته لأي جهة تريد الالتفاف عليه. وتنقل اوساط الحريري عنه قوله انه يختلف مع سورية في التفاصيل المحلية، لكنه على موقفه من الاساسيات وانه لن يتخلى عنه استرضاء لأحد. وتضيف: "ان الحريري لم "يقسم" عن سورية سياسياً وان كانت الاخيرة ارادت ان "تقسم" معه، من خلال البعض الذي يتصرف على انه مقرب منها ويحاول استهدافه من خلال التقسيم الانتخابي لبيروت. وهو ليس في وارد الانقلاب على سورية تحت أي ظرف كان، وان سورية كما يتردد على لسان مقربين تريد منه نائبين او اكثر في بيروت. ويسأل الحريري - بحسب اوساطه - "تريدون الحريري في السياسة ام تريدون منه نائبين او ثلاثة، ففي السياسة مواقفه واضحة". ويضيف: "انا على خط واحد في السياسة لن احيد عنه. وان كنت ارفض التعاون مع نواب فازوا على لائحتي في الانتخابات الاخيرة، فإن رفضي ليس موجهاً ضد احد، وانما اريد المجيء بكتلة نيابية منسجمة بصرف النظر عن عدد نوابها، وموقفي من دمشق لن يتبدل وان كتلتي لن تكون في السياسة الا مع دمشق". وتنقل اوساط الحريري عنه قوله، ان "ملاحظاتي على الاداء السوري في لبنان شيء، وموقفي السياسي من دمشق شيء آخر، ولن ارضى على الاطلاق اضعاف سورية من لبنان او فيه، لكن المسألة تتعلق في كيفية التعامل، آملاً في ان يكون بالجملة وليس بالمفرق".