يواجه تحرك دولة الامارات ودول خليجية أخرى في اتجاه توقيع اتفاقات التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة والمجموعات الاقليمية الأجنبية الأخرى انتقادات لعقد اتفاقات منفردة معها عشية بدء دولة الامارات الجولة الاولى من المفاوضات مع الجانب الأميركي الثلثاء المقبل في أبو ظبي والتي تليها مفاوضات مماثلة بين الولاياتالمتحدة وسلطنة عمان في مسقط في 12 الجاري. وشكك وزير الدولة لشؤون المال والصناعة وزير المواصلات السابق في دولة الامارات أحمد حميد الطاير في "صدقية دول المجلس في حال توقيع مثل هذه الاتفاقات مع واشنطن وغيرها". وتساءل: "أين صدقية دول المجلس في علاقاتها الاقتصادية؟". ورأى الطاير أن "سعي دول المجلس الى التفاوض منفردة لعقد اتفاقات ثنائية خارج إطار المجلس خرق واضح للاتفاق الاقتصادي لدول المجلس". وقال:"ان الاتفاق الاقتصادي الذي سعت دول المجلس من خلاله الى ايجاد كيان اقتصادي موحد يستجمع كل عناصر القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وصولاً إلى وحدة اقتصادية"، معتبراً أن "دول المجلس تستطيع من خلالها تحقيق معدلات نمو تساعدها في مواجهة التحديات المستقبلية فضلاً عن الافادة كمجموعة اقتصادية من موقعها الجغرافي ومن مواردها الطبيعية والبشرية وموارد الطاقة والموارد المالية وحجم السوق التي تتميز بقوة شرائية عالية". وأشار الى "عناصر كثيرة أخرى تستطيع دول المجلس توظيفها في شكل جماعي للحصول على شروط تفاوضية وميزات أفضل"، مؤكداً أن "الأهم من ذلك الحفاظ على الكيان الاقتصادي الموحد الذي سعت إليه دول المجلس من خلال إبرام الاتفاق الاقتصادي". واعتبر الطاير أنه "مهما كانت مبررات الاتفاقات وأسبابها الاقتصادية المنفردة، فإذا لم تبرم في إطار الاتفاق الاقتصادي لدول المجلس وبصفة جماعية نخشى أن تكون بمثابة بداية النهاية لهذا العمل والانجاز الاقتصادي الخليجي الذي تحقق خلال 25 عاماً". ورأى أنه "بدلاً من أن ينمو حجم مجلس التعاون ككتلة اقتصادية لها وزنها وثقلها في العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية ويؤسس لوحدة اقتصادية على غرار الاتحاد الأوروبي، يتحول هذا الكيان إلى اقتصادات صغيرة متفرقة تابعة لقطب أو أقطاب اقتصادية دولية تفرض شروطها التي تحقق من خلالها مصالحها بغض النظر عن التركيبة الاقتصادية والاجتماعية وأماني أبناء دول المجلس وطموحاتهم في تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي متوازن". وأكد الوزير الاماراتي السابق في مقال نشره في الصحافة الاماراتية أول من أمس ان "الأخطر من كل ذلك أن صدقية دول المجلس في علاقاتها الدولية ستصبح على المحك، وإذا لم تلتزم الاتفاق الاقتصادي الموقع بين دولها، فكيف لها أن تفي بالتزاماتها تجاه الدول الأخرى. أم أن التجارة الحرة مع الدول الكبرى ستكون كما يُعرفها القانون باتفاقات الإذعان؟". وقال إنه "ستكون لانفراط عقد مجلس التعاون في المجال الاقتصادي آثار وخيمة على اقتصادات المنطقة التي استطاعت أن تحقق درجات معقولة من النمو والترابط والعمل لتأسيس مستقبل اقتصادي أفضل". وأضاف: "ما يهمنا في هذا الجانب الإشارة إلى التعارض الواضح بين نصوص الاتفاق والأهداف التي أبرمت من أجلها وبين متطلبات الاتفاقات الانفرادية للتجارة الحرة التي يتم البحث في شروطها". وسبق للوزير الاماراتي أن وجه انتقادات مماثلة في الأسابيع الاخيرة لعقد اتفاقات منفردة مع الولاياتالمتحدة بعد الاعلان عن توقيع البحرين اتفاقاً مماثلاً مع واشنطن، ولقيت معارضة سعودية في القمة الخليجية التي عقدت نهاية العام الماضي في المنامة. غير أن انتقادات الطاير قوبلت بانتقادات أشد من جانب الصحافة الاماراتية التي عزت انتقاداته الى أسباب شخصية. وأوضحت الى أن هذا الانتقاد يعود الى خلاف شخصي مع وزير الدولة الاماراتي لشؤون المال والصناعة محمد خلفان بن خرباش الذي عمل مع الطاير في هذه الوزارة قبل أن يخلفه فيها. ودافع بن خرباش عن توجه الامارات ودول خليجية أخرى لعقد اتفاقات للتجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة ، ووصف توقيع الاتفاق بين الاماراتوالولاياتالمتحدة بأنه "قضية استراتيجية". وشكل مجلس الوزراء في دولة الامارات مجلساً تفاوضياً مع الولاياتالمتحدة برئاسة بن خرباش الذي عقد الأسبوع الماضي اجتماعين استعدادا لجولة المفاوضات الأولى بين الجانبين في أبو ظبي الثلثاء المقبل.