بعد مرور اكثر من ثلاثين سنة على اقرار الحكومة السويدية قانوناً يجيز للرجال اخذ سنة كاملة ابوة أو تقاسم عطلة الاثني عشر شهراً مع الزوجة بالتساوي بعد انجاب طفل جديد، فان معظم الرجال لا يستخدمون هذه الفرصة التي منحتهم اياها الدولة. ومن المعروف انه يحق للرجل او المرأة السويدية اخذ اجازة سنة كاملة من العمل بعد انجاب طفل والاحتفاظ بثمانين في المئة من راتب العمل من صندوق ضمان الاهل الذي تموله الدولة، اضافة الى شهر عطلة اجباري للرجل مباشرة بعد انجاب زوجته طفلاً. وبسبب تكاسل الاباء عن استغلال هذه الفرصة النادرة من اجل قضاء فترة من الزمن مع مولودهم الجديد، تعمل منظمات حكومية وأهلية تابعة للحزب الاشتراكي الحاكم على بلورة مشروع جديد لتعديل فقرات في قانون الإجازة من اجل تشجيع الأهل على تقاسم سنة العطلة بالتساوي في ما بينهما لإتاحة الفرصة أمام الآباء الجلوس مع مولودهم الجديد والاعتناء به. وتظهر دراسة اجريت حديثاً ان الاباء السويديين لم يستخدموا في العام الماضي سوى 18,7 في المئة من العطلة الابوية. وعينت الحكومة السويدية، الامين العام السابق لمنظمة الشبيبة الاشتراكية التابعة للحزب الحاكم، كارل باتر ثورفالدسون مسؤولاً عن لجنة جديدة تعمل على دراسة كيفية تشجيع الاباء على استغلال اجازاتهم. وتعمل بالتعاون معه مجموعة اختصاصيين من الحزب الاشتراكي. ووضعت اقتراحات عدة لتشجيع الآباء على تقاسم العطلة مع زوجاتهم ولكنها لم تؤد إلى نجاح ملموس. لذا تتوقع اللجنة الخاصة التي تعمل لتعديل قانون العطلة إغراء الأهل من خلال رفع نسبة التعويض من صندوق الضمان من 80 الى 90 في المئة من الراتب الأساسي. وفي حال لم يستخدم الأهل هذه الفرصة، لا يحق لهم سوى 80 في المئة من الراتب. وبحسب دراسة اجرتها نقابات العمال فإن في حال تطبيق هذا الاقتراح ستصل الكلفة الاجمالية الى 1,7 بليون كرون سويدي لكل شهر عطلة إضافي يستغله الرجل. تطالب بعض الاحزاب ومنها حزب اليسار، بنص قانون يجبر الاهل على تقاسم العطلة بالتساوي وتشرح السكرتيرة الثانية في الحزب اولا هوفمان:"لا نرضى ان نغري الاهل بمكافأة مالية من اجل البقاء مع مولودهم الجديد. من المنطقي ان فوائد العطلة من خلال تقاسمها بالتساوي بين الرجل والمرأة تعود بالفائدة على الطرفين خصوصاً ان ذلك يعزز العدالة الاجتماعية والمساواة". تعتبر هذه القضية من الامور الاكثر نقاشاً وجدلاً ضمن كل فروع الحزب الحاكم ومنظماته الرسمية والأهلية، فاتحاد النقابات واتحاد المرأة ومنظمة الشبيبة والمنظمة الطالبية وحركة الاخوة، تطالب اليوم بأن تكون هناك شهور محددة ومخصصة يجب ان يأخذها الرجل سواء رضي بذلك ام لا. ومن المنتظر ان تعقد المنظمات مؤتمراً موسعاً هذا العام لمناقشة كيفية دفع الاباء لاستخدام اشهر اكثر من العطلة مع أطفالهم. ويشرح توماس انروث وهو رئيس اللجنة البرلمانية لشؤون صندوق الضمان عن الحزب الاشتراكي:"من البديهي اننا سنناقش اقتراحات مختلفة حول كيفية تحديد عدد من الاشهر لعطلة الابوة. ولكن لا اريد ان استبعد فكرة اغراء الاهل مادياً عبر رفع نسبة التعويض الذين يحصلون عليه من صندوق الضمان... هدفنا ان نجد اساليب سلسة لدفع الرجال الى استخدام اشهر اكثر من العطلة لقضائها مع مولودهم". واعرب ستوري نورد وهو من قيادات اتحاد النقابات السويدية عن فرحه الكبير في اثارة هذا الموضوع ما يعني:"ان الجميع سيحصلون على مردود ايجابي اكبر ولا احد يخرج خاسراً من هذه القضية". لكن في دراسة جديدة اشرف عليها كارل باتر ثورفالدسون، تبين ان الرجال يريدون استغلال فرصتهم الابوية لغرض الراحة او السفر. الا أن الامر يختلف مع النساء، اللواتي يقررن سلفاً كم شهراً يردن من اجازة الامومة التي غالبا ما تكون لرعاية الطفل ليلاًَ ونهاراً. وشرح ثورفالدسون ان هناك إشاعات كثيرة حول عدم استغلال الاباء لاشهر العطلة منها ان الرجال لا يستغلون العطلة الا في فصل صيد حيوان الرنا. ولكن ثورفالدسون يشير الى ان هذا ليس صحيحاً. كما ان السبب لا يتعلق بنسبة التعويض المالي الذي تحصل عليه العائلة انما بسبب الاعتقاد القديم حول دور المرأة والرجل في تربية الطفل. ويقول ثورفالدسون:"هناك دراسات تشير الى ان سبب عدم استخدام الرجل للعطلة كاملة هو مادي بحت ولكن هذا ليس صحيحاً. اذ اثبتت دراسات اخرى ان الاهل يتمسكون بالعامل الاقتصادي كحجة أقوى للتغاضي عن الهدف الأساسي للاجازة وهو مساواة الرجل مع المرأة في رعاية أطفالهم". ويتوقع ثورفالدسون ان تقوم الدولة برفع عدد اشهر العطلة المخصصة للرجل. وعلى رغم ان الحكومة تحاول لعب دور الاب الذي يقرر وينظم حياة اولاده المواطنين، فان دراسة جديدة تشير الى ان 86 في المئة من الشعب السويدي يعارضون ان تقرر الدولة نسبة تقاسم الاشهر بين المرأة والرجل بل يريدون ان تقرر كل عائلة تقاسم الاشهر وفقاً لظروفها الاجتماعية والمادية. لكن تلك النسبة تشجع على استغلال الآباء لنسبة اكبر من اشهر العطلة. وتظهر الدراسة ان النساء هن من ينظمن مسألة تقاسم اشهر العطلة. ويقول ثورفالدسون:"كان هناك اعتقاد سائد بأن الرجال لا يرغبون في استغلال اشهر العطلة. ولكن هذه الدراسة تؤكد ان النساء هن من يقرر ذلك تماشياً مع حاجة الطفل لأمه خصوصاً في الاشهر الاولى من الرعاية".