قالت مصادر سياسية إن مسودة قانون الأحزاب التي تتداولها الحكومة قبل عرضها على البرلمان، نصت للمرة الأولى على قيام تحالفات بين حزبين وأكثر وفق اجراءات قانونية تخضع لنظام تشكيل الأحزاب وتفرض التصريح بذلك الى وزارة الداخلية خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين عن قرار الانضمام أو التكتل. وتلتزم الدولة، بموجب المسودة، منح اتحادات الأحزاب السياسية دعماً مالياً في حال حيازتها أصوات لا تقل عن 5 في المئة من عدد الناخبين في الانتخابات الاشتراعية. ورأت المصادر ذاتها أن البعد السياسي للقانون هدفه تشجيع الأحزاب المغربية التي يتجاوز عددها العشرين على إقامة تكتلات قوية واضحة المعالم للحؤول دون استمرار تشرذم الخريطة السياسية. وأظهرت تجارب سابقة في تشكيل الحكومات، وتحديداً منذ العام 1998، صعوبات أمام قيام ائتلاف حكومي متجانس يحوز الغالبية، ما دفع الى مشاركة أكثر من سبعة أحزاب في الحكومة الواحدة. يشار الى أن المنافسات بين الأحزاب على تولي رئاسة الوزراء قادت العام 2002 الى اسنادها الى التكنوقراطي ادريس جطو من خارج الأحزاب. الى ذلك، توقف مراقبون أمام اجراء صريح في مسودة قانون الأحزاب ينص على حظر أي عضو في البرلمان تغيير انتمائه السياسي خلال فترة الولاية الاشتراعية، في سابقة تهدف الى القضاء على ما يصفه المغاربة ب"ظاهرة النواب الرحل"الذين يغيرون ولاءاتهم بسبب خلافات سياسية أو اغراءات مالية او اعتبارات شخصية. وتسببت الظاهرة مرات في خلخلة الخريطة النيابية من حيث أعداد الكتل والمنتسبين اليها. ويشار في هذا الصدد الى أن حزب الاستقلال الذي يتزعمه وزير الدولة عباس الفاسي بات يضم الكتلة النيابية الأولى، بعد انضمام نواب من أحزاب أخرى إليه. وكان لافتاً في السياق ذاته، أن أحزاب الحركات الشعبية ذات التوجه الأمازيغي التأمت في اتجاه جماعي ضم"الحركة الشعبية"و"المؤتمر الوطني الديموقراطي"و"الحركة الوطنية الشعبية"ما أهلها من حيث عدد النواب القوة السياسية الأولى في البلاد، وكانت تتوق للافادة من هذا التطور، في حال اجراء تعديل وزاري. لكن الائتلاف الحكومي حافظ على وضعه، استناداً الى نتائج الانتخابات الاشتراعية لعام 2003، ما يرجح الاحتمالات المتزايدة ليخوض اتحاد الحركات الشعبية استحقاقات العام 2007 متحالفاً. والحال أن نقاشاً يسود داخل الأحزاب الرئيسية للائتلاف الحكومي، خصوصاً بين"الاستقلال"و"الاتحاد الاشتراكي"و"التقدم والاشتراكية"وفاعليات يسارية، لخوض الانتخابات بقوائم موحدة. كما أن بعض أحزاب اليمين والوسط شرعت في إقامة تحالفات مماثلة. لكن المراقبين يرون أن الحزب الوحيد الذي يشذ عن قاعدة التحالفات الممكنة هو"العدالة والتنمية"الاسلامي، كونه من جهة، يسعى الى الحفاظ على وضعه في المعارضة، والذي أفادته في الانتخابات السابقة على رغم أنه لم يقدم مرشحين في كل الدوائر الانتخابية، لكنه ترك الباب مفتوحاً في ضوء التغييرات التي طاولت قيادته بعد اعتزال زعيمه المؤسس الدكتور عبدالكريم الخطيب، أمام أي احتمالات. ويقول مناصروه إنه باستثناء الإمكان التحالف مع"الاتحاد الاشتراكي"الذي خاض ضده معارك ضارية، فإن قربه أو بعده من الأحزاب الأخرى رهن بالبرامج والأسبقيات، كما حصل عندما تحالف مع"الاستقلال"في فترة المشاورات لتشكيل الحكومة. الى ذلك، شددت مسودة قانون الأحزاب التي يرجح أن تطاولها تعديلات، لدى درسها في البرلمان، على فرض عقد المؤتمرات الحزبية مرة كل أربع سنوات على الأقل، إضافة الى اجبار الأحزاب الجديدة على عقد مؤتمرات تأسيسية في أقل من عام. كما فرضت للمرة الأولى على الأحزاب تقديم قوائم المؤتمرين وتوقيعاتهم وهوياتهم الى وزارة الداخلية عقب كل مؤتمر، وتركت لوزير الداخلية صلاحية الذهاب الى المحكمة الإدارية لإبطال تشكيل أي حزب في حال كان مخالفاً للقانون. وتحظر المسودة نشاط أي حزب"يحرض على قيام تظاهرات مسلحة في الشوارع"أو تشكيل ميليشيات أو فرق مسلحة يكون هدفها"الاستيلاء على مقاليد الحكم بالقوة أو المساس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي و بوحدة التراب الوطني للمملكة".