مع تباطؤ نمو السياحة الداخلية، سعى التونسيون الى إيجاد حوافز جديدة تشجع أبناء البلد على الإقامة في منتجعاته بدل السفر إلى الخارج. وفي مقدم الصيغ التي لاقت رواجاً كبيراً طريقة تقاسم الملكية المعروفة عالمياً ب"تايم شير"أي توزيع الإقامة في الشقق السياحية بين ملاك كثر يتداولونها في ما بينهم بواقع أسبوع أو أسبوعين في السنة لكل أسرة. وانتشرت الإقامات التي تستخدم هذه الصيغة في منتجعات عدة في الشمال والجنوب من ضمنها حمامات وجربة وطبرقة، لكن البدايات كانت صعبة بسبب الفراغ القانوني وجشع بعض المستثمرين الذين لم يحترموا حقوق الزبائن. لكن بعد سن قانون لتنظيم القطاع سنة 1997، عاود التونسيون الإقبال على شراء حصص في الإقامات الجديدة خصوصاً بعد إنشاء مشروع"المدينة"جنوب حمامات وهي عبارة عن مدينة مصغرة اختزلت المدن التاريخية التونسية ببواباتها وأسواقها ومقاهيها وأسوارها وعلاماتها المميزة وأطلقت الأسماء نفسها على معالم المدينة الجديدة حتى أن الزائر يخال نفسه متجولاً في مدن زارها سابقاً. وفي وسط"المدينة"أقيمت ثلاثة مجمعات سكنية هي"الرياض"و"سيدي بوسعيد"و"البستان"التي منحها موقعها القريب من البحر طابعاً فريداً ما جعل الإقبال عليها كثيفاً. وقال محمد سوسة المدير التجاري للمشروع ل"الحياة"إن التونسيين لا يقبلون على شراء الشقق بصيغة"تقاسم الملكية"للإستمتاع بإجازاتهم في حمامات فقط وإنما لأن هذه الصيغة الجديدة تمنحهم فرصة إستبدال شقتهم بأخرى في أي بلد في العالم بواسطة"بورصة المبادلات"لقاء دفع مبلغ لا يتجاوز 120 دولاراً. وأوضح أن أكبر عقبة تجابه الأسرة التونسية لدى التخطيط للسفر هي نفقات الإقامة، معتبراً أن الصيغة الحالية تحل مشكل السكن بالكامل وتتيح إنفاق المنحة السياحية التي يجيزها المصرف المركزي في الأكل وزيارة المناطق السياحية. ويعتمد نظام"تقاسم الملكية"الأسبوع وحدة للقياس، لكن يمكن للأسرة أن تشتري أسبوعين أو أكثر إذا سمحت إمكاناتها. ولوحظ أن مستوى الإقامات التونسية المنضوية تحت هذا النظام عرف تحسناً كبيراً في الفترة الأخيرة لأن المجموعات الدولية تشترط لقبول الإنضواء تحت لوائها حداً أدنى من المرافق والتجهيزات التي تتيح للأسرة العيش في الشقة كما لو أنها في شقتها، بما في ذلك تجهيزات المطبخ. وأكد مسؤول في وزارة السياحة أن النظام الجديد نشّط الإقبال السياحي على بعض المناطق خصوصاً طبرقة التي شكل التونسيون 44 في المئة من عدد السياح الذين زاروها العام الماضي. وأشار إلى أن الصيغة استهوت أيضاً المغاربيين الذين يزورون تونس فاشترى بعضهم، خصوصاً الجزائريون، شققاً في حمامات وطبرقة ضمن الإقامات المعروضة بطريقة"تقاسم الملكية". واعتبر السائح جميل القروي الذي إلتقته"الحياة"في"المدينة"أن الصيغة الجديدة أفضل من الفندق كونها تتسم بمرونة تتيح لصاحبها تمضية إجازته في شقة وتنظيم وتيرة حياته بالإيقاع المناسب. واعتبر أن وجود شقة في موقع يعبق بالتراث مع تأمين كل مقومات الحياة الحديثة يشكل فرصة قلما تتوافر في مكان آخر ما جعله لا يتشجع لاستبدال شقته بأخرى في الخارج. غير أن إنتشار صيغة تقاسم الملكية لم يمنع إستمرار إقبال السياح التونسيين على الفنادق، وهم كثيراً ما أنقذوا المواسم السياحية عندما يتراجع تدفق السياح من الخارج لسبب أو آخر. وما زالت مناطق سياحية بكاملها تعتمد أساساً على السياحة الداخلية التي تدر إيرادات ثابتة ومضمونة فيما يحمل أصحاب شركات السفريات الأجانب مفاجآت مختلفة في حقائبهم قد تؤدي أحياناً إلى تعذر تحصيل الأموال بسبب عمليات نصب عانى منها أصحاب الفنادق، وأشهرها عمليتان سجلتا العام الماضي مع مكتبي سفريات أوروبيين. ويرجح أن النجاح الذي لقيته تجربة"تقاسم الملكية"في مشروع"المدينة"على ساحل حمامات سيحفز مستثمرين آخرين على النسج على منواله والسعي الى إجتذاب السائح التونسي بتقديم معروض سياحي جديد يتجاوز الحوافز التقليدية المتمثلة بمنح حسومات على الإقامة في الفنادق .