استطاعت ملاعب الغولف في تونس ان تستقطب فئات جديدة من السياح ما شجع على اقامة مزيد من الملاعب في محيط المنتجعات والمجمعات السياحية الى درجة ان منطقتي الحمامات والمنستير صارتا تضمان ملعبين لكل واحدة منهما. واظهرت احصاءات رسمية ان 252 الف سائح جاؤوا الى تونس العام الماضي لممارسة رياضة الغولف في مدن سياحية مختلفة لكن اعداد اللاعبين تراجعت قياساً على عام 1999 الذي سجل مجيء اكثر من 258 الف لاعب. ويعزى التراجع الى قلة اقبال التوانسة على رياضة الغولف فيما زادت اعداد اللاعبين الالمان بنسبة 15 في المئة. وبعدما كان اللاعبون التونسيون ينافسون السياح في المناطق السياحية صاروا أكثر ميلاً في الفترة الاخيرة الى ملعب قرطاج في ضاحية سكرة الذي بات يستقطب 80 في المئة من اللاعبين المحليين. وقال مسؤول في الديوان الوطني للسياحة ل"الحياة": "نسعى لاستقطاب لاعبي الغولف لأنهم يشكلون فئة ميسورة ومعروفة بكثرة الانفاق، اضافة الى كونها تنشط الحركة السياحية في محيط الملاعب الثمانية الممتدة من الشمال الى الجنوب". واللافت ان التونسيين حرصوا على اقامة ملعب غولف اخيراً في محيط واحتي توزر ونفطة الواقعتين في منطقة صحراوية لاستقطاب مزيد من السياح اليها على رغم النسبة العالية لاستهلاك المياه في هكذا ملاعب. كذلك اقيم ملعب للغولف في جزيرة جربة جنوب وبات يتبوأ المرتبة الثانية بين الملاعب التونسية، اذ استقطب نحو 53 ألف لاعب في العام الماضي. وتقبل على ملعب سكرة القريب من العاصمة تونس الفئات العليا من المجتمع، وكذلك السياح الذين يزورون البلد في اطار مهمات اقتصادية او ثقافية. ويأتي الالمان في مقدم المولعين بلعبة الغولف اذ قدرت اعدادهم بنحو مئة الف سائح في السنة، فيما يأتي الاسكندنافيون في المرتبة الثانية والفرنسيون في المركز الثالث. وعلى رغم الزيادة المستمرة في اعداد الملاعب الا ان خبراء السياحة يعتبرونها غير كافية، ويجري حالياً اعداد الدراسات الفنية الخاصة بإقامة ملعبين جديدين الاول في حي البحيرة الراقي القريب من وسط العاصمة تونس والثاني في ضاحية قمرت السياحية. وقال خبير تونسي ل"الحياة" ان قلة المستثمرين الذين يقبلون على الاستثمار في انشاء ملاعب الغولف تشكل العقبة الرئيسية امام تطوير هذا الصنف الجديد من السياحة. ويسعى التونسيون للاقتباس من التجربة الاسبانية في هذا المجال بمحاولة الجمع بين اقامة المنشآت العقارية والوحدات الفندقية من جهة وانشاء الملاعب من جهة ثانية. وتنفيذاً لهذا الخيار سيكون الملعب المنوي انشاؤه في ضاحية قمرت الاول من هذا النوع وربما اخضعت الملاعب القديمة ايضاً لتطويرات تجعلها منسجمة مع الاتجاه الدولي القائم على استثمار ملاعب الغولف لانشاء مطاعم ووحدات سكنية ومراكز ترفيه. وادرك التونسيون ان رياضة الغولف باتت عنصراً مهماً لاجتذاب السياح الغربيين ووجدوا انفسهم في منافسة مع بلدان متوسطية اخرى اظهرت اهتماماً متزايداً بإقامة ملاعب الغولف وفي مقدمها تركيا التي تستعد لإنشاء عشرين ملعباً جديداً وكذلك المغرب ومصر اللذين يسيران على الخط نفسه في الأمد الوسط. في هذا الاطار يسعى التونسيون للوصول الى اقامة خمسة ملاعب غولف في كل منطقة سياحية اي ما يقارب اربعين ملعباً في الجملة، وهم يعتقدون ان هذا الحجم هو المستوى الادنى ليصبح البلد مقصداً مهماً من المقاصد الدولية المفضلة للاعبي الغولف. الا ان المستثمرين يشكون من ارتفاع الضرائب والرسوم الجمركية الموظفة على التجهيزات والمعدات المستوردة من الخارج. كذلك قال مسؤولون في "الديوان الوطني للسياحة" ل"الحياة" ان تونس تحتاج لوضع دراسة شاملة عن سوق سياحة الغولف للسيطرة على التطور المستقبلي للقطاع. ويقبل السياح الغربيون على ملعب طبرقة المعلق وسط الجبال الخضراء والذي لا يبعد كثيراً عن مجمّعات الفنادق النائمة في حضن الغابة ويمضون فيه ساعات وساعات واحياناً يبقون هناك من الصباح الى المساء. ويعتبر الفرنسيون والالمان من اشهر رواد ملعب الغولف في طبرقة، فهم يأتون اثناء الاجازات لممارسة رياضتهم المفضلة فقط. "نأتي الى هنا في رحلة تشارتر وننزل في مطار طبرقة وبعد اسبوع نقفل عائدين الى مطار فرنكفورت على الرحلة نفسها، لكننا لا نفعل شيئاً سوى الاستمتاع بالمناخ المعتدل الذي يساعد على تعاطي رياضتنا المفضلة". هكذا شرح الالماني غونتر فرانك سر اقباله واصدقائه على ملعب طبرقة. اما الفرنسي روبير جامي فكان اكثر صراحة وكشف ل"الحياة" ان كلفة اسبوع مليء برياضة الغولف في طبرقة شاملاً الاقامة وبطاقة السفر اقل من كلفة اسبوع مماثل في ملعب اوروبي، خصوصاً اذا جاء الزائر الى تونس خارج ذروة الموسم السياحي. وهكذا ارتفع عدد زوار طبرقة من لاعبي الغولف من اربعة آلاف سائح الى سبعة آلاف في العام الماضي. وتشهد جزيرة جربة اقبالاً مماثلاً من لاعبي الغولف الذين يصلون مباشرة في مطارها ويستفيدون من اقامتهم في تعاطي لعبتهم المحببة طيلة ايام الاسبوع خصوصاً الطليان والنسمويين والفرنسيين والسويسريين والالمان. وهكذا حقق ملعب جربة زيادة نسبتها 18 في المئة بين عام 1999 و2000 ويتوقع ان يحافظ على مركزه المرتبة الثالثة خلال السنة الجارية.