اليوم على ملعب الصداقة والسلام تستدعي الجغرافيا التاريخ في لقاء القطبين السعودية والكويت، الجغرافيا مع الكويت اذ لم يسبق للسعوديين أن تجاوزوا نظراءهم الكويتيين في الكويت، والتاريخ يقف الى جانب اصحاب الضيافة بفوزهم في 15 مباراة كان آخرها في الدوحة وتحديداً في دورة كأس الخليج السابعة عشرة، بينما فاز السعوديون في 13 مباراة وتعادل المنتخبان في 11 نزالاً. وبدأ التفوق الكويتي في السبعينات من القرن الماضي واستمر طوال عقد الثمانينات، ثم دارت عجلة الزمان واتجهت بوصلة الانتصارات بدءاً من التسعينات وصولاً الى مطلع القرن الحالي نحو السعودية بفضل التألق في البطولات القارية والاقليمية وحتى الخليجية، والأخيرة هي المفضلة لدى الكويتيين. والمنتخبان يلعبان الليلة 7.45 بالتوقيت المحلي برسم التصفيات الآسيوية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم المقبلة، وكان "الأخضر" فاز في كل نزالاته التي خاضها أمام الكويت في ثلاث مناسبات سابقة. الليلة تغيب كل الحسابات والاعداد البدني وتطل برأسها التحضيرات النفسية، وهي التي نجح فيها السعوديون أمام المنتخب الكوري، والكويتيون هم أصحاب القدح المعلى في هذه الخاصية، خصوصاً عندما يلاقون المنتخب السعودي. ويسعى "الأخضر" إلى استغلال فوزه الثمين على كوريا الجنوبية الجمعة الماضي 2-صفر ضمن المرحلة الثانية والذي قفز به إلى صدارة المجموعة برصيد 4 نقاط، في تحقيق الفوز على الكويت في عقر دارها ومواصلة التربع على قمة المجموعة. ويعيش "الأخضر" أزهى فتراته منذ فترة بعيدة إذ استطاع مصالحة جماهيره بعد كبوات وعثرات بدأت في كأس آسيا ثم في كأس الخليج وأخيراً في التجربتين الوديتين أمام مصر وفنلندا. وجاءت المصالحة بفوز غال على رابع العالم "المارد الكوري" وواكب الفوز مستوى فني راقٍ بدد الخوف الذي تسلل الى نفوس الجماهير السعودية، وأعاد الهيبة للكرة السعودية على الصعيد الآسيوي. ويدرك مدرب المنتخب السعودي الأرجنتيني غابريال كالديرون أهمية المباراة بوصفها نقطة تحول مهمة في مشوار "الأخضر" نحو المونديال، كما أنه يدرك حساسية لقاءات "الأخضر" و"الأزرق" على مدار التاريخ والتي تصنف بأنها الأقوى في الخليج، وذهب البعض إلى إطلاق "دربي" على أي مواجهة تجمع المنتخبين، لذلك اعتمد كالديرون خلال التدريبات التي أعقبت لقاء كوريا على الجانب النفسي وإبعاد الشحن المعنوي عن اللاعبين، كما أنه ركز على الشق اللياقي الذي كان سبباً في هزيمة "الأخضر" أمام الكويت 1-2 في كأس الخليج الأخيرة. وطالب كالديرون جميع اللاعبين بالتركيز في المباراة وتحقيق الفوز، مشدداً على أهمية النقاط الثلاث في الطريق نحو التأهل لكأس العالم، وحذر اللاعبين من مغبة الإفراط في الثقة بعد فوزهم على كوريا. ولدى كالديرون أكثر من ورقة رابحة أفرزتها مباراة كوريا. ويعد المهاجم اللامع ياسر القحطاني هو سلاحه في خط الهجوم، خصوصاً بعد أن وصل إلى "فورمة" عالية في مباراة كوريا وصنع الهدف الأول وسجل الهدف الثاني والى جانبه المخضرم سامي الجابر الذي أجاد قيادة "الأخضر" في مباراة كوريا وظهر مدى تأثيره المعنوي على اللاعبين. وفي حراسة المرمى لا غنى عن المتميز مبروك زايد، وفي خط الدفاع سيلعب بعبدالعزيز الخثران وحمد المنتشري ورضا تكر وأحمد البحري، وفي خط الوسط لديه زخم كبير ولكنه لن يستغني عن تيسير الجاسم الذي أبلى بلاءً حسناً أمام كوريا ومناف أبوشقير. وربما يمنح كالديرون الفرصة مجدداً لخالد عزيز، ولكن غياب سعود كريري الذي سجل هدف "الأخضر" الاول في كوريا هو ما أربك حسابات كالديرون، بيد أنه جرب صاحب العبدالله في التدريبات وقدم مستوى جيداً ويعتبر هو الأقرب لحجز مكان كريري في التشكيلة السعودية. أما المنتخب الكويتي فإنه هو الآخر يريد الفوز والحفاظ على أمله في التأهل إلى كأس العالم خصوصاً بعد أن عوض خسارته في الجولة الأولى أمام كوريا الجنوبية صفر-2 بالفوز على أوزبكستان في الجولة الثانية 2-1، وحشد مدرب المنتخب الصربي بوب سلوبودان كل أوراقه الرابحة من أجل اقتناص النقاط الثلاث التي وصفها بأغلى ثلاث نقاط في مشوار الكويت نحو كأس العالم. ويملك سلوبودان عناصر بارزة أهمها الهداف الخطير بشار عبدالله الذي سجل هدفي الكويت في أوزبكستان، والمخضرم عبدالله وبران، إضافة إلى فرج لهيب ونواف المطيري اللذين سيحلان بديلين لبدر المطوع الموقوف وأحمد الصبيح المصاب. ويعتمد سلوبودان في خطي الدفاع والوسط على نهير الشمري وعلي عبدالرضا ويوسف اليوحا ووليد علي ومحمد جراغ وحمد الطيار وحسين حاكم. وأشار سلوبودان إلى أنه لا خيار أمامه إلا الفوز لذلك سيهاجم منذ بداية اللقاءات، وحذر خط دفاعه من خطورة الهجمات المرتدة السعودية التي يقودها ياسر القحطاني الذي وصفه بالهداف العصري الذي يمكنه التسجيل في أي وقت ومن أي مكان. بقي القول إن الأزمنة تتبدل والأمكنة تتغير ويبقى التنافس السعودي - الكويتي ماثلاً للعيان في كل بطولة... ومع أي مدرب وبأي عدد ونوع من اللاعبين... المحايدون يأملون بظهور لقاء يتناسب وسمعة المنتخبين، وأن لا يلعب المنتخبان لمصلحة الكوريين... لكنها كرة القدم... لا تتحقق فيها الامنيات.