اتخذت الحكومة الهندية هذا الأسبوع قراراً قد ينعكس سلباً على مستهلكي الأدوية"الجنريك"الرخيصة حول العالم، ولا سيما على مرضى"الإيدز"والأمراض المستعصية الأخرى. وأقر المجلس الأعلى للنواب الهندي مشروع تعديل"قانون براءات الاختراع"المعتمد منذ 1970، بعد يومٍ واحدٍ من إقراره من مجلس النواب الأصغر، ما سيضع حداً لنشاط شركات الأدوية في تصنيع الأدوية المقلدة الرخيصة. وأصدرت الحكومة قراراً تنفيذياً يجعل القانون سارياً ابتداءً من أول كانون الثاني يناير 2005، تماشياً مع بنود اتفاقية"تريبس"حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة التابعة لمنظمة التجارة العالمية المبرمة في 1994 والتي تعطي الشركات حقوق ملكية فكرية حصرية لمدى 20 سنةٍ. وتهدف التعديلات على القانون الى تحديد صلاحية"الاختراع الجديد"على الأدوية ، للحؤول دون حصول شركات الأدوية الهندية على براءات اختراعٍ عند إجراء تعديلاتٍ"طفيفةٍ"على تركيبة الأدوية المتوفرة. ورحبت شركات الأدوية المتعددة الجنسية العاملة في الهند بهذه الخطوة معتبرةً ان"القانون يعطي دفعاً قوياً لنشاط الأبحاث والتطوير في الهند ويساهم في تطوير القطاع"بحسب رانجيت ساهاني العضو المنتدب لعمليات"نوفارتيس"السويسرية في الهند. وكانت الهند اعتمدت منذ 1970 قانون براءات اختراعٍ سمح للشركات العاملة في الهند بإنتاج أدوية"جنريك"في مقابل أدوية محصنة ببراءات الاختراع العالمية، شرط اعتمادها"وسيلة انتاجٍ مختلفةً"عن الشركة الأساسية المنتجة للدواء، ما احدث ثورةً في صناعة الأدوية ووفر ملايين الدولارات على المرضى حول العالم. ويذكر ان صناعة الأدوية الهندية تقدر بنحو 5 بليون دولار حالياً، وتعتبر الهند أكبر رابع منتج للأدوية من حيث الكمية والثالثة عشرة من حيث قيمة المبيعات، وهي أكبر مصدرٍ للأدوية"الجنريك"حيث توزع منتجاتها على نحو 200 دولةٍ. ويستهلك نحو 50 في المئة من 700 ألف شخص حامل فيروس"أتش آي في"المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية أدويةًًً هنديةً، توفر عليهم نحو 95 في المئة من كلفة شراء الأدوية نفسها التي تنتجها شركات الأدوية الأميركية والأوروبية. وتشكل الأدوية الجنريك سوقاً ضخمةً، حتى في الدول المتقدمة، حيث أصبحت تشكل حالياً نحو 50 في المئة من الأدوية الموصوفة في الولاياتالمتحدة، بحسب"إدارة الأغذية والدواء"الأميركية، وتوفر على المواطنين الأميركيين نحو 10 بليون دولار سنوياً بحسب ما ورد في تقرير"مكتب إعداد الموازنة في الكونغرس الأميركي". واعترضت المنظمات العالمية بشدة على القانون الهندي الجديد واعتبرت ممثلة"أطباء بلا حدود"هيلين هون، ان"القانون غامض من نواحٍ عدّة ويسمح بإجراء خروق من جانب شركات الأدوية المتعددة الجنسية التي يمكنها ممارسة الضغط على الحكومة الهندية لتمديد فترة صلاحية براءات الاختراع الخاصة بأدويتها، لتسيطر بالتالي على سوق الأدوية الهندية". كما أشار مستشار"منظمة أوكسفام الدولية"سامار فيرما ان"الهند الى من أكبر الدول المنتجة للأدوية الجنريك الرديفة وسيكون لهذا القانون تأثير كبير في دولٍ فقيرةٍ تعتمد على استيراد الأدوية من الهند". ويدعي المدافعون عن القانون أنه"يفترض على الحكومة انتظار ثلاث سنوات قبل سيطرتها على براءات اختراع أدوية مستهلكة بكثرة من عامة الشعب والفقراء". وذكرت صحيفة"آسيا تايمز"الهندية ان الولاياتالمتحدة رفعت شكوى ضد الهند إلى منظمة التجارة العالمية و"أرغمتها"في 1999 على بدء العمل"في قانونٍ يعتمد براءات الاختراع على الأدوية ويسمح للشركات الأجنبية الحاصلة على براءات اختراع ان تحمل حقوق تسويقٍ حصريةٍ لمنتجاتها في الهند". كما حذرت صحيفة"نيويورك تايمز"الأميركية الواسعة الانتشار، في 19 كانون الثاني يناير المنصرم، الهند من اعتماد قانون حقوق ملكيةٍ فكرية على الأدوية بموجب تطبيق"التريبس"لأن"لا علاقة له بالتجارة الحرّة"، بل هو نتيجة"الهيمنة"التي تمارسها شركات الدواء الأميركية والأوروبية، تضاف اليها الشركات الهندية المتحمسة لبيع الأدوية المرخّصة للطبقة الهندية المتوسطة الحال. وأضافت الصحيفة انه باعتمادها هذا القانون، تهمل الهند فقرة خاصة بحماية"الصحة العامة"أضيفت على"التريبس"في 2001، تسمح للدول"بمنح رخص لإنتاج الأدوية الرديفة من دون موافقة الشركة المالكة للحقوق الحصرية للدواء في الحالات التي تتعلق بسلامة الصحة العامة".