اليابان تسجل عجزًا رقميًا قياسيًا    وزير الصحة يبدأ زيارة رسمية إلى إندونيسيا    طقس بارد مع فرص لصقيع ورياح في عدة مناطق    فلكلور سعودي وعروض شعبية ابتهاجاً بالذكرى المجيدة    زيادة تناول الكالسيوم تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم    أمانة الرياض تباشر تركيب لوحات أسماء الأئمة والملوك في 15 ميداناً    بحث التعاون البرلماني بين الشورى السعودي والنواب الإيطالي    سلال غذائية سعودية للنازحين بالسودان.. وعمليات قلب للمرضى في أوزبكستان    بنزيما ورونالدو يتنافسان على صدارة «هداف روشن»    الدبابات تدخل الضفة للمرة الأولى منذ 23 عامًا.. ووزير جيش الاحتلال: إخلاء مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس ومنع عودة سكانها    شدد على رفض أطروحات التهجير عربيًا ودوليًا.. أبو الغيط: لن يُسمح بتعرض الفلسطينيين لنكبة ثانية أو تصفية قضيتهم    "محادثات الرياض" على طاولة لافروف في تركيا.. اليوم    تسجيل 74 ألف قطعة عقارية في المدينة والقطيف    في جولة" يوم التأسيس" ال 23 من دوري" يلو".. قمة تجمع الحزم ونيوم.. ونشوة الطائي تهدد البكيرية    آل نصفان يهدي السعودية لقب بطولة ألمانيا للاسكواش    "العريفي" تشارك في اجتماع تنفيذي اللجان الأولمبية الخليجية في الكويت    تتصدرها التجارة الإلكترونية.. السعودية تقود الاستثمار الجريء إقليمياً    زياد يحتفل بعقد قرانه    كشافة شباب مكة تقلد محمود (المنديل والباج)    الطباطيبي يزفون عصام وهناء    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    ضيوف منتدى الإعلام يزورون "مكان التاريخ"    ملتقى الأحباب يجمع الأطباء والطيارين    شهد 29 اتفاقية تنموية.. 50 مليار ريال فرصاً استثمارية بمنتدى الأحساء    مختبر ووهان الصيني.. «كورونا» جديد في الخفافيش    السعودية تستضيف النسخة ال 27 لبطولة مجلس التعاون الخليجي للجولف في جدة    "غينيس" توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى يوم التأسيس في قصر الحكم    88% نموا بالتسهيلات الممنوحة للشركات    يوم التأسيس.. يوم التأكيد    برعاية الملك منتدى دولي لاستكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية    أنشيلوتي يتغنى بسحر مودريتش    الجامعة العربية: محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه مرفوضة    أمير الرياض يرعى احتفال الهيئة الملكية والإمارة بذكرى «يوم التأسيس»    الدار أسسها كريم ٍ ومحمود    ماذا تعني البداية؟    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    عجيان البانهوف    ماذا يعني هبوط أحُد والأنصار ؟    الاتحاد على عرش الصدارة    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    محمد بن زقر في ذمة الله !    الأمر بالمعروف في جازان تحتفي "بيوم التأسيس" وتنشر عددًا من المحتويات التوعوية    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    فيلم رعب في بروكسل    إحباط تهريب 525 كجم من القات    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة العنود بنت محمد    القبض على مقيم لسطوه على منازل وسلب مصوغات ذهبية وبيعها على آخر    هيئة الهلال الأحمر بنجران ‏تشارك في احتفالات يوم التأسيس 2025    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    وادي الدواسر تحتفي ب "يوم التأسيس"    آل برناوي يحتفلون بزواج إدريس    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    بنهج التأسيس وطموح المستقبل.. تجمع الرياض الصحي الأول يجسد نموذج الرعاية الصحية السعودي    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"في الظلام" أغرب مطعم ... وأمسياته مفتوحة على الشعر والموسيقى . النادلون عميان والزبائن يأكلون في العتمة الدامسة
نشر في الحياة يوم 20 - 03 - 2005

هل من الممكن أن نتخيل مطعماً اسمه"في الظلام"؟ هذا الاسم قد يصلح أن يكون عنواناً لرواية أو قصيدة ولكن ليس لمطعم يفد اليه الناس ليأكلوا ويلتقوا ويتحدثوا. إلا أن"في الظلام"هو مطعم حقاً وقد يكون أغرب مطعم في العالم، لأن زبائنه يأكلون في العتمة التامة... ولأن نادليه عميان!
لا يستطيع أحد أن يستوعب"فكرة"هذا المطعم الباريسي الفريد الذي يقع قرب مركز جورج بومبيدو الشهير ما لم يزره ويدخل عتمته الشديدة ويأكل مستمعاً الى موسيقى حية تعزفها فرقة"خفية"أو الى قصائد ونصوص قصصية يقرأها شعراء وروائيون فرنسيون بأصواتهم من غرفة مجاورة! هكذا لا يبدو هذا المطعم مجرّد مطعم يزوره الزبائن ويغادرون كعادتهم، بل هو"تجربة"يخوضها الزبائن ويعيشون أبعادها ويحملون أثرها في روحهم. وفي قلب هذا الظلام حيث قد تطيب اللقمة، يتبادل الزبائن الأدوار مع النادلين، فيصبحون هم غير مبصرين فيما النادلون العميان هم الذين يبصرون في هذه العتمة الشديدة ويخدمون زبائنهم بألفة وسرور معتمدين حدسهم الداخلي وحواسهم الأخرى.
واللافت في مثل هذه الجلسة القاتمة ان النادلين العميان لا يخطئون بين طاولة وأخرى ولا بين صحن وآخر. فهم يعلمون أين تقع الطاولات وماذا يريد الزبائن أن يأكلوا، علماً أن الوجبة تكون دوماً"متوسطية"بحسب ما شاءت ادارة المطعم. والنادلون هم الذين يتولون بدورهم مهمة إدخال الزبائن الى الردهة الكبرى التي لا يستطيع أحد فيها أن يرى حتى إصبعه. يقف النادل أو النادلة أمام الباب وخلفه يقف الزبون الأول واضعاً يديه على كتفي النادل وخلفه يقف زبون ثاني يضع أيضاً يديه على كتف الأول... وهكذا دواليك. يمشي النادل ويقود الزبائن الى طاولاتهم وكراسيهم. وفي الداخل يشعر الزبون أنه في عالم دامس لا يسمع فيه إلا الموسيقى وقرقعة الصحون والملاعق وبعض الأحاديث والضحكات. وقد يحتاج الزبون الذي يدخل المطعم للمرة الأولى الى بعض الوقت كي يعتاد الجو ويبدأ في الأكل، وقد يستخدم يديه وأصابعه إذا لم يتمكن من استعمال الملعقة أو الشوكة والسكين... فما من أحد يبصره كيف يأكل. التدخين في المطعم ممنوع والهاتف الخلوي ممنوع وكذلك أي شيء يمكن أن يبعث بصيص نور. فالظلمة يجب أن تكون تامة وراء الستارات السوداء بدورها.
يتسع المطعم لما يقارب 58 زبوناً والزبائن يجب أن يتوزعوا مجموعات كي يتمكن النادلون من ادخالهم متشابكين أيادي الى أكتاف، ونادراً ما يأتي زبون وحده. ويخرج الزبائن كما دخلوا الى غرفة جانبية تسمى"البار"وضوؤها يكون خافتاً قليلاً لئلا يبهر عيون الخارجين"من الظلام".
ومثلما يجعل المطعم زبائنه يأكلون في العتمة، يجعلهم أيضاً"يقرأون"في العتمة مستمعين الى القصائد والنصوص تقرأ عليهم. و"القراءة"هذه تصر عليها ادارة المطعم كما تصر أيضاً على برنامج ثقافي يرافق الأمسيات. ويحيي المطعم في أحيان سهرات خاصة ذات طقوس احتفالية على طريقة"الزن"الآسيوية وسواها. وأبوابه تفتح ظهراً مثلما تفتح ليلاً، ولا يمكن ارتياده من دون موعد وخارج النظام المعتمد والموزع على فترات. وتقول المسؤولة الاعلامية في المطعم ان الكثيرين من الذين يأتون يعودون مرة أخرى واثنتين وثلاثاً وهناك زبائن دائمون منذ أن فتح المطعم أبوابه قبل سبعة أشهر. والاقبال جيد جداً وخصوصاً في المساء. وبعض النادلين كما تقول يدعون أهلهم"المبصرين"ليشاركوهم هذه التجربة ويشعروا بما يشعرون به هم طوال حياتهم. وثمة زبائن عميان يأتون أيضاً الى المطعم وخصوصاً خلال بعض النشاطات الثقافية.
على غلاف"الكتيب"الخاص بالمطعم نقرأ الجملة الآتية:"الناس يقودهم الأعمى الذي في داخلهم". هذه الجملة المستلّة من كتاب للفرنسي جان كلود ايزو تعبّر تماماً عن هذه التجربة الفريدة التي يعيشها الزبون خلال ساعتين في هذا العالم الداخلي، المغرق في ظلامه ولكن المفعم بالأحاسيس والأفكار والتخيلات. فالنادلون العميان هم مبصرون حقيقيون وسط هذه الظلمة فيما الزبائن المبصرون يغوصون في عتمة هؤلاء الأصدقاء الذين يخدمونهم بحبور كبير، مكتشفين معنى الضوء الروحي الكامن في أعماقهم والذي ينير لهم الظلمة المحدقة بهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.