في وقت وقّعت شركة "قطر للبترول" الحكومية مشاريع عملاقة عدة لتسييل الغاز الطبيعي مع كبرى الشركات العالمية مثل أكسون موبيل وشل وتوتال على هامش مؤتمر الدوحة الخامس للغاز الطبيعي، والتي ستزيد انتاج البلاد من الغاز المسال من 30 مليون طن في 2007 الى نحو 77 مليوناً في 2012، تميز المؤتمر بالدور الكبير الذي ستلعبه قطر مع نهاية العقد في تطوير صناعة السوائل من الغاز الطبيعي. وتهدف هذه الصناعة الرائدة الى تحويل الغاز الطبيعي سوائل بترولية، وبالذات تصنيع الديزل من دون كبريت، واستعمالها مباشرة في السيارات والحافلات. ويتوافق هذا السائل الجديد، الذي يتوقع تسويقه تجارياً على الصعيد العالمي مع نهاية العقد، مع القوانين البيئية الجديدة، وسيساعد عند استعماله مستقلاً أو عند دمجه مع الديزل المستخرج من النفط، في خفض التلوث البيئي. وعلى رغم أن العالم الألماني فرانز فيتشر اكتشف هذا الاختراع منذ عام 1920، إلا انه بقي في حقل التجارب وليس التجارة. وحاولت المانياوجنوب افريقيا انتاج السوائل من الفحم والغاز لكن من دون نجاح تجاري يذكر. إلا ان تجربة جنوب افريقيا، وبالذات شركة "ساسول"، نقلت الى قطر التي لديها احتياط غاز يقدر بنحو 900 تريليون قدم مكعبة، وسيتم أول انتاج تجاري من قبل الشركة الافريقية بحدود 34 ألف برميل يومياً يتبعه الانتاج من مشروع شركة "شل" بنحو 140 ألف برميل يومياً، وسيبدأ الانتاج في 2009، ومن ثم شركة "اكسون موبيل" وغيرها، بحيث تحقق قطر ما توقعه وزير الطاقة، عبدالله العطية بأن تصبح "عاصمة تحويل الغاز سوائل". وسينتج مشروع "شل"، على سبيل المثال، والذي سيحمل الاسم التجاري "اللولوة"، كلاً من الغاز المسيل والنافتا والبارافين والوقود الديزل. وتبلغ تكاليف انشاء المصنع الذي يتطلب تقنية غير متوافرة إلا لدى شركات عالمية محدودة العدد، نحو ستة بلايين دولار، في وقت سيكلف مشروع "اكسون موبيل" نحو سبعة بلايين دولار ويبدأ الانتاج في 2011. والعامل المشترك في كل هذه المشاريع هو ان تتحمل الشركة الأجنبية المسؤولية الكاملة عن تطوير حقل غاز الشمال الى التقنية والتمويل والتشييد والتسويق على اساس اتفاقات المشاركة. واحتل موضوع تحويل الغاز الى سوائل مكاناً مهماً في مؤتمر الدوحة. واختلفت المحاضرات هذه المرة عن السنوات السابقة إذ انها كانت مهتمة فقط في الماضي بالجوانب التقنية لعدم وجود مشاريع تجارية. أما الآن، فتم التركيز على الجوانب الملموسة لتشييد هذه المصانع الضخمة. إلا ان الناطقين باسم الشركات العالمية تفادوا الكلام عن الجوانب الاقتصادية لهذه المشاريع، وبالذات كلفة الانتاج، وسعر الغاز، والكلف المقارنة مع مشاريع الغاز الأخرى مما أفقد الندوة المخصصة لهذا الموضوع المهم الكثير من المعرفة والإلمام بكل جوانب هذه الصناعة الحديثة وإمكانات منافستها للصناعات الأخرى.