احاط الرئيس الفرنسي جاك شيراك نظيره الروسي فلاديمير بوتين بكل مظاهر الحفاوة والمودة خلال وصوله الى باريس امس، في زيارة تهدف الى طمأنته لاستمرار دعم المحور الفرنسي ? الألماني ? الإسباني له على رغم الانتقادات الأميركية الموجهة إليه. وانضم الى القمة غير الرسمية المستشار الألماني غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو. ولأن زيارة بوتين تتزامن مع المعرض السنوي للكتاب الذي يقام في باريس وتم اختيار روسيا لتكون ضيف الشرف هذه السنة، نظمت الرئاسة الفرنسية لقاء في قصر الإليزيه بين الرئيس الروسي ونحو اربعين من الكتّاب الروس، تلاه غداء عمل منفرد مع شيراك. وتوجه الرئيسان لاحقاً في زيارة الى مقر قيادة العمليات الجوية في تافيرتي ضاحية باريس وهو من المقرات الاستراتيجية الحساسة، وأراد شيراك بذلك ان يرد الزيارة التي كان بوتين نظمها له في نيسان ابريل الماضي الى مركز كوسنوزنامنسك العسكري الروسي السري. وارتأى شيراك دعوة كل من شرودر وثاباتيرو الى القمة غير الرسمية مع بوتين، بهدف إعادة احلال الثقة بينه وبين هذا المحور الأوروبي، بعد الآثار السلبية التي ترتبت عن"الثورة البرتقالية"في اوكرانيا. وعقد القادة الأربعة جلسة محادثات تناولت بالطبع الأوضاع الأوكرانية، اضافة الى ملف ايران النووي وأيضاً الوضع في لبنان وفي العراق، عشية الذكرى الثانية لاندلاع الحرب العراقية في 20 آذار مارس 2003، وتبع الجلسة عشاء عمل. وتعبر هذه القمة عن ثقة فرنسا بالدرجة الأولى وثقة اسبانيا وألمانيا بقدرة بوتين على مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية في روسيا على رغم الانتقادات الحادة الموجهة إليه في الداخل وأيضاً من جانب الإدارة الأميركية التي تعتبر ان روسيا تشهد تطوراً مقلقاً منذ اعادة انتخاب رئيسها لولاية ثانية. ومعروف ان الانتقادات الموجهة الى بوتين داخل روسيا تتناول اسلوبه في التعامل مع ازمة الشيشان, ورفضه المستمر حلها عبر التفاوض والحوار، اضافة الى تشديد قبضته على الشارع الروسي لدرجة جعلته يوصف بالستالينية. وكان اغتيال الزعيم الشيشاني المعتدل اصلان مسخادوف عزز قناعة فرنسا بضرورة التسوية السلمية لهذه الأزمة، لكن عدم اخذ بوتين بوجهة النظر هذه لا يلغي كونه ضمانة لاستقرار الأوضاع الروسية التي تعد جزءاً من مصلحة اوروبا. وفي الوقت ذاته، فإن التعاون الفرنسي - الروسي الذي برز سنة 2003 خلال الحرب على العراق، رسخ لدى الجانب الفرنسي قناعة تقضي بالإبقاء على تعامل ايجابي مع بوتين، خصوصاً ان للبلدين مصلحة مشتركة على صعيد ملفات عدة منها الملف النووي الإيراني، حيث يسعى كلا البلدين للحؤول دون اقتناء ايران القنبلة النووية.