سارعت قوى في المعارضة الى الرد على المواقف التي اطلقها المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد لا سيما على اقتراحه ادعاء مسؤولي الاجهزة الامنية على انفسهم. وأجمعت ردود الفعل على ان ما اقدم عليه السيد هو تظهير لحكومة الظل الامنية الحاكمة، وتجاوز للدستور. وكشف النائب باسم السبع عن رسالة تلقاها الرئيس الشهيد رفيق الحريري تخيره"بين ان يرحل من لبنان او ان يدخل السجن او ان يقضي موتاً في لبنان"، وسأله بصفته مسؤولاً عن الامن السياسي في البلاد عن الجهة التي وجهت هذه الرسالة. وكان كلام السيد فاجأ قوى اساسية في الموالاة كما في المعارضة ورأت هذه القوى انه كان يمكن له بدلاً من الهجوم علىالطبقة السياسية ككل ان يحصر كلامه في الحديث عن شخصه بعدما ورد اسمه في عداد قادة الاجهزة الامنية الذين تطالب المعارضة باقالتهم بدلاً من ان يتبرع بحمل أعباء التداعيات الامنية والسياسية المترتبة على جريمة اغتيال الحريري، كما ان من حقه ان يدافع عن نفسه ويشرح موقفه بدلاً من تنفيذ هجوم مضاد بالنيابة عن قادة الاجهزة. واعتبرت انه كان في غنى عن الدخول في مواجهة مع كل الاطراف لا سيما ان بعضها كان على صلة به من جهة وعلى تواصل منذ اللحظة الاولى لوقوع الجريمة. وكان اللافت، امس، ان رئيس الحكومة المكلف عمر كرامي اكد انه لن يعلق على كلام السيد، في حين فضل رئيس المجلس النيابي نبيه بري عدم الدخول في السجال وطلب بحسب مصادره من المسؤولين في حركة "أمل" ان يلوذوا بالصمت. وصف الرئيس أمين الجميّل كلام اللواء السيد عن ادعاء الاجهزة الامنية على انفسهم بأنه"بدعة جديدة من الناحيتين القانونية والسياسية". وقال:"نعرف ان المشكلة التي عبر عنها اللبنانيون ونزلوا الى الشارع من اجلها تكمن في التركيبة الامنية التي تتحكم بالبلاد والعباد منذ سنوات عدة، والموضوع يعود الى ما بعد اتفاق الطائف عندما انقلبت السلطة اللبنانية وسورية على الاتفاق لا سيما في بندين، حكومة اتفاق وطني وانتخابات حرة، ومنذ ذلك الوقت نعيش نظاماً امنياً مخابراتياً يتجاوز الكلام الذي قاله اللواء السيد. ونحن لا مشكلة شخصية معه انما مع التركيبة الامنية ككل وغطائها رئيس الجمهورية ومن ورائها سورية من خلال الاجهزة الامنية السورية التي تمارس على الارض اللبنانية صلاحيات تقريرية". وذكر الجميل بتجربته عندما كان في موقع المسؤولية واتخذ اجراءات"بحق أناس قريبين مني بسبب المسؤولية المعنوية عن كارثة الثلج في العام 1983"، كما ذكر مثالاً آخر يتعلق باقالته"قائد الجيش السابق العماد ابراهيم طنوس بعد مؤتمر لوزان حين جرى الانتقال من مرحلة سياسية الى مرحلة اخرى ما استدعى الاستغناء عن رموز معينة لا يمكن متابعة حكم البلد بواسطتها على رغم اخلاصها وصدقها". واعتبر عضو اللقاء الديموقراطي المعارض النائب باسم السبع ان الاجهزة الامنية تلفظ انفاسها الاخيرة، وقال:"ان السيد جميل السيد تحدث بأسماء وصفات عدة، اولاً بصفته عراب عهد الرئيس اميل جميل لحود والكل يعلم ان صفات كثيرة اطلقت على هذا العهد منذ ايامه الاولى ووصف بأنه عهد جميل جميل السيد، وتحدث ايضاً بصفته عراب الاجهزة الامنية كلها في لبنان والناطق باسمها والمرشد السياسي والروحي والمخابراتي لها في كل مجالات العمل المخابراتي، وتحدث ايضاً بصفته عراب النظام الامني الذي أمسك بكل تفاصيل الحياة السياسية في لبنان وتحدث ايضاً بصفته عراب الغرف الامنية اللبنانية ? السورية المشتركة التي نشهد هذه الايام انكفاءها عن الحياة السياسية في لبنان". وأضاف:"اذا كان السيد جميل السيد يتحدث بكل هذه الصفات فهو بتأكيد يعاني من لحظة النزع الاخير، وهو يتحدث باسم كل مسؤولي الاجهزة لأنه ربما هو أكفأ رجل استخبارات في لبنان وهو كان المنسق العام لكل هذه الاجهزة، وحملته على الطبقة السياسية في لبنان لها دلالة معينة، لأن على رغم معرفته بأنه أحد أركان هذا النظام الطائفي، هو ركن وداعية من دعاة هذا النظام لأنه موجود على رأس جهاز أمني منذ سنوات طويلة ومنذ اللحظات الاولى التي اعقبت اتفاق الطائف وبالتالي كان داعية من دعاة هذا النظام الطائفي وداعية من دعاة استيعاب واستقطاب والعمل مع قوى طائفية كثيرة في لبنان". وسأل السبع الاجهزة الامنية ومعها السيد عن المسؤول عن رمي مناشير طائفية في بيروت وأحياء كثيرة في المدن هذه الايام وعن تنظيم عدد من المشايخ في حملات طائفية وحملة السواطير في حملات طائفية معلومة في لبنان وعن توزيع السلاح في احياء بيروت ومناطق اخرى بهدف اثارة الفتن الطائفية، ومن ينظم الفتنة في لبنان قبل مصرع الرئيس الحريري وعقب اغتياله؟ أليست تلك الاجهزة، أريد ولو لمرة واحدة ان أسأل هل اعتقلوا شخصاً واحداً يقوم بمثل هذا التحريض الطائفي؟ انهم رعاة هذا التحريض". ورأى ان ما يجرى"ليس حملة انما هو صراخ الايام الاخيرة، صراخ الفراق والوداع والنزع الاخير، نحن امام نظام امني يتساقط غرفة بعد غرفة ومكتباً بعد مكتب وحجراً بعد حجر، ومن الطبيعي ان نسمع صراخ الموجوعين من اركان هذا النظام الامني، وليس صراخ البحث عن الحقيقة، السيد جميل السيد يصرخ ويئن باسم كل الاجهزة في لبنان، انه يتساقط وعلى اللبنانيين ان يشهدوا على هذا السقوط العظيم، ولا يوجد أي اطار قانوني يمكن ان يتحدث عنه، يقول ان مسؤولي الاجهزة سيدعون على انفسهم عند انفسهم، سيدعون على النيابة العامة التمييزية عند النيابة العامة التمييزية، وسيدعون على الاجهزة الامنية عند الاجهزة، هذا كلام للاستهلاك وفي تقديري من حق أي جهة خصوصاً عندما تشعر انها تنازع ان تدلي برأي الربع ساعة الاخير". وقال السبع انه لا يريد ان يسأل السيد عن"حجم تدخله في الحياة السياسية وعن عدد الوزراء الذين عينهم في الحكومة الاخيرة ولا في سائر الحكومات، انما اريد ان أسأله بصفته مسؤولاً امنياً وعن جهاز امني رئيسي في البلاد وعن الامن السياسي في هذا البلد: من هي الجهة التي وجهت للرئيس الحريري في يوم من الايام قبل سنوات رسالة تقول ان امام رفيق الحريري خيار من ثلاثة إما ان يرحل من لبنان، وإما ان يدخل السجن، وإما ان يقضي موتاً في لبنان؟ من هي هذه الجهة التي وجهت للحريري هذه الرسالة؟". اما النائب مروان حمادة فرفض اعطاء ما أدلى به السيد على انه"البيان رقم واحد"لأنه"لا يستأهل، فاللواء السيد رمز متهاوٍ لسلطة متهاوية، حاول بشحنة من السباب والشتائم من جهة ومن الكلام السياسي يفوق قدرته على ترجمته من ان ينجو هو ورفاقه من الملاحقة الجزائية التي كما قيل من هنا، ومنه شخصياً، تطاله على الاقل في التقصير في موضوع جريمة اغتيال الشهيد الحريري". وقال:"الشتائم التي تفوه بها لا تستأهل الرد لأنه ليس موظفاً عادياً، هو موظف محرض، وهو فوق كل ذلك موظف في الدرجة الاولى، كان احد مخربي العلاقة بين سورية وحلفاء سورية في لبنان، وكان المحرض الاول على الشهيد الحريري وكان في كل المسار السياسي في السنوات الاخيرة، منذ خطاب القسم، يتعاطى مع لبنان والسياسة فيه وكأن الحكم تغير والنظام السياسي انهار وكأن دستوراً آخر حل محل الطائف، وكأن القوانين التي صدرت في الطائف لا اهمية لها وكأنه هو وجهازه، إضافة الى جوازات السفر التي يصدرها، يستطيع ان يتدخل ويعطي اجازات سفر لكل عمل سياسي واقتصادي واداري في الدولة اللبنانية، لذلك انا لا ادعو الى التعاطي مع هذا الموظف بالطريقة التي يجب ان يتعاطى معها النظام اللبناني، ادعو الرئيس كرامي، الذي هو الرئيس الحالي والحكومة لم تصدر مراسيم استقالتها، وبصفته الرئيس المكلف لحكومة لم تشكل، الى ان يتخذ التدابير المسلكية الفورية، واذا كان من إخبار يجب ان يوجه فليس الإخبار الذاتي هرباً من التحقيق الدولي والذي يضيف في نظري اضافة جديدة على كل التهم التي نوجهها الى هذه الاجهزة، بل ان يعتبر هذا الكلام الذي تفوه به المديرالعام للأمن العام إخباراً حقيقياً للتآمر على الدولة وتجاوز الدستور والعمل على التحريض على حركة انقلابية". أما النائب غطاس خوري فاعتبر انه لا يمكن لرؤساء الاجهزة الامنية الانقلاب على اتفاق الطائف. وقال انه فوجئ بما قاله السيد الذي"يعتبر نفسه فوق كل الشبهات وبالتالي يهجم على الشعب اللبناني المطالب بالحقيقة وفي ذلك تجاوز لكل الاعراف"، مستغرباً ان يطلب مسؤولو الاجهزة الامنية محاكمة انفسهم"امام اجهزة هم ركبوها". مذكراً بواقعة النائب اميل اميل لحود الذي ادعى على نفسه لدى نفسه لدى النيابة العامة فخرج كالغضنفر بعد 48 ساعة ببراءة اطلقها عليه المدعي العام التمييزي، والآن المدعي العام محيد لأنه وزير عدل فيأخذون بربيعته لتقوم بما قام به هو. فما هذا القضاء وما هذا الكلام؟". وانتقدت النائبة غنوة جلول بشدة كلام السيد، وسألت:"هل ان جمع المعلومات يعني تدخلاً في مسيرة الدولة وتعيين وزراء ومديرين؟". وقالت:"انه نوع من الانقلاب العسكري في البلد، انقلاب على مطالب شعبية في حين ان النظام برلماني والشعب مصدر السلطات". ورأت ان السيد تكلم"لأن هناك يأساً عند الموالين كي يدافعوا عن النظام الامني فاضطر السيد ليدافع عن النظام الامني". وقالت:"لديه فرصة اخيرة ان يضع استقالته في التصرف وليرحلوا عنا فقد اساؤوا كثيراً للبلد". ووصف النائب محمد قباني موقف السيد بأنه"محاولة للهروب الى الأمام". وقال:"القول ان يتم التحقيق مع مسؤولي الاجهزة الامنية وهم في موقع المسؤولية فهذا امر مستحيل". ورأى"ان الحكم الحالي ليس بريئاً من الفساد". واعتبر"ان الحكم العسكري في البلاد امراً غير ممكن والزمن لا يعود الى الوراء". واعتبر النائب نبيل دو فريج ان السيد"غيّر شخصيته بنسبة 180 درجة"، سائلاً عن دور له في ملف الخلوي. وقال ان السيد اعترف له شخصياً انه هو من وضع قانون الانتخابات العام 2000 وقسم بيروت لئلا يفوز الحريري فيها كما يجب،"وأفهمني انني اذا ترشحت على لائحة الحريري في حينه فإنني اكون في موقف معاد لسورية". وأعرب عن اعتقاده بأن السيد خرج عن صمته لأنه شعر ب"الخطر". ورأى ان السيد لو تكلم عشية تظاهرة المعارضة الاثنين الماضي لشارك فيها اناس اكثر. وقال:"ان مستوى السيد انخفض". ورأى النائب فارس سعيد"انها رسالة واضحة وهي استكمال الفكرة التي بدأها الامين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله وتقضي باستبدال مطلب المعارضة لجنة تحقيق دولية بطرح آخر، واستكمال ما طرحه الرئيس عمر كرامي لجهة تدوير الزوايا"، مذكراً بأن"اموراً سياسية وأمنية كبيرة تمت لفلفتها من هذه الاجهزة". وأكد"ان ما يخفف الاحتقان السائد هو اعتماد مطالب المعارضة". ورأى النائب وليد عيدو في المؤتمر الصحافي للسيد"الحكومة الفعلية للبلد التي خرجت الى العلن وبدأت تحكم في شكل ظاهر"، واعتبر ان هذا الامر مطروح على رئيس الحكومة المكلف ووزير الداخلية لأن السيد"موظف وممنوع عليه التصريح"، واصفاً كلام السيد عن الادعاء على نفسه بأنه"فتح جديد في قصور العدل"، واصفاً المدعية العامة للنيابة التمييزية بالتكليف ربيعة عماش قدورة بأنها"مساعدة للوزير عضوم، فكيف يمكنها حتى محاكمته". ووصف النائب محمد الحجار مضمون بيان السيد بأنه بيان"إلقاء القبض على الحياة العامة والسياسية في لبنان، ويؤكد ان السلطة الفعلية هي عند رؤساء الاجهزة وان النظام الديموقراطي مهدد اذا بقي هؤلاء في مراكزهم". في المقابل، دافع وزير الاعلام في الحكومة المستقيلة ايلي الفرزلي عن المواقف التي اطلقها السيد فوصفها بأنها"خطوة متقدمة، ويجب ان يحاكم كل المسؤولين عن التفريط بالمال العام ولتفتح كل الملفات من رأس الهرم كي يصار الى تنقية الاجواء السياسية والاقتصادية".