تشهد السوق المصرفية في مصر إقبالاً متزايداً على تقديم خدمات الائتمان الاستهلاكي، نتيجة المكاسب التي حققها الجنيه أمام الدولار، والتي يتوقع ان تستمر فترة من الوقت تدفع خلالها معدلات الطلب العام إلى النمو الموازي، ما ينعش قطاع خدمات الائتمان الاستهلاكي، وبالتالي تحسن عائدات التشغيل داخل المصارف التي عانت من ملف التعثر المصرفي في البلاد. وعلى رغم ان الائتمان الاستهلاكي فرض نفسه في أعقاب انتكاسة الوضع الائتماني لعدد من الشركات الكبرى مع بداية تفاقم أزمة التعثر المصرفي عام 2000، إلا أن غالبية المصارف اصطدمت بسلسلة من العقبات، كما يلاحظ مدير عام قطاع التجزئة المصرفية وخدمات الأفراد في مصرف "مصر الدولي" عمرو عطا الله، الذي أوضح "ان هذه السلسلة تتمثل في عقبات قواعد البيانات، وحجم الاستثمارات المفترض توجيهها إلى البنية التحتية في القطاع، وإدارة مخاطر الائتمان الاستهلاكي". وبقيت هذه العقبات تعترض تدفق الأموال من المصارف إلى المستهلكين الراغبين في الحصول على قروض صغيرة لتمويل شراء الحاجات الأساسية، على رغم توقف المصارف عن منح الائتمان إلى القطاع الخاص لفترة من الوقت، قبل أن تعاود ذلك بحذر وفي حالات محددة. ورأى عطا الله ان الخطوة التي دفعت المصارف للتوسع في عمليات إدارة مخاطر الائتمان الاستهلاكي، "تمثلت في حرص المصرف المركزي والمصارف العاملة في السوق على الإسراع في شركة لخدمات الاستعلام عن عملاء هذا النوع من الائتمان" والتي يطلق عليها "مكتب القروض"، وهي الشركة التي تقتضي مهمتها العمل على تفادي وقوع أزمة التعثر السابق داخل قطاع الائتمان الخاص، الذي يجرى إعداده لقيادة المصارف إلى الانتعاش وتحقيق فوائض ملحوظة في الفترة المقبلة. ويزيد من أهمية التوسع في مجال الائتمان الاستهلاكي، ان عمليات التمويل العقاري المنتظرة، كما يؤكد المدير العام للبنك العقاري احمد العروسي، تحتاج إلى قاعدة بيانات دقيقة عن عملاء هذه الخدمة الجديدة، وتفادي ما كان يحدث في السابق من تعدد مصادر الإقراض للعميل الواحد، وهو ما أدى إلى أزمة التعثر المصرفي في نهاية المطاف. وترى بعض المصارف أن التوسع في خدمات الائتمان الاستهلاكي سيؤدي إلى تحسين معدلات العائد والربحية، بعدما تراجع متوسط العوائق إلى متوسط الأصول داخل المصارف في 2004، إلى نحو واحد في المئة، في وقت تأثرت معدلات الربحية بالتراجع العام في معدلات العائد، وبلغت متوسطاتها الى متوسطات حقوق المساهمين نحو 7.8 في المئة، ونحو 0.4 في المئة بالنسبة الى متوسطات الأصول، الأمر الذي جعل من التوسع في هذا القطاع أمراً حيوياً.