بدأت شركات مصرية كبرى الاستعانة بجهات ومصارف أجنبية لترتيب قروض تساعدها في تمويل توسعها داخل السوق، أو دخول مجالات نشاط جديدة، في محاولة للتغلب على تقييد الحدود الائتمانية بموجب القوانين المصرفية في البلاد، وضخامة التمويل المطلوب الذي يمثل ضغطاً على رأس مال بعض المصارف، وهي العقبة التي سلطت عليها الضوء أخيراً «شركة القلعة للاستثمارات» بعد عجز السوق عن مساعدتها في الحصول على نحو 2.3 بليون دولار لأحد مشاريعها النفطية، واضطرارها إلى طلب الجزء الأكبر من التمويل عبر وكالات كورية جنوبية و «بنك الاستثمار الأوروبي». وكانت شركة «أوراسكوم للإنشاء والتعمير» أولى الشركات الكبرى التي اصطدمت بقيود الحصول على تسهيلات ائتمانية، وتوقف المصارف عن تمويلها لاستنفاد الرصيد، ما دفعها للجوء إلى الأسواق الخارجية، وتغيير بعض خططها. وسلط هذا الوضع الضوء على واحدة من أهم مشكلات سوق التمويل في مصر، وكذلك السوق المصرفية التي تعاني حالاً من التشبع التمويلي، في الشريحة الأكثر استهدافاً وقدرة على الاستفادة من التسهيلات الائتمانية ورد الأموال التي تحصل عليها بعيداً من تهديدات التعثر. وحذر الخبير المصرفي نبيل حشاد من ان التحول في سوق التمويل المحلية، يمكن ان يهدد النسبة الضئيلة من التوظيفات الائتمانية، التي ارتبطت في السنوات القليلة الماضية بشريحة الشركات الكبرى، والعملاء الكبار للائتمان الرأسمالي الذين نجحوا في الحفاظ على معدلات منح الائتمان المحقق، في وقت تزايد تحفظ المصارف المحلية تجاه منح الائتمان بسبب تزايد معدلات التعثر المصرفي. ولا يجد حشاد غضاضة في لجوء تلك الشركات إلى السوق الخارجية لطلب مزيد من التمويل، داعياً إلى مراجعة شروط منح الائتمان إلى تلك الشركات في الداخل، والمصارف المحلية بخلق شرائح ائتمان جديدة داخل قطاع الائتمان الرأسمالي، من دون الاعتماد فقط على عمليات الائتمان الاستهلاكي وحدها، كما هي الحال الآن مع لجوئها الى تقديم خدمات التجزئة المصرفية.