شعر الرأس كنز لا يقدر بثمن، فهو عند المرأة رمز للجمال، وعند الرجل مقياس الرجولة. يحمل رأس الإنسان قرابة مئة ألف شعرة، لكن هذا الرقم يكون اكبر عند الشقر 140 ألف شعرة واقل عند السمر 105 آلاف شعرة، وأقل من ذلك عند ذوي الشعر الاحمر 90 ألفاً، ينمو الشعر بمعدل سنتيمتر واحد في الشهر، لكن هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في هذا النمو، وكما هو معروف فالشعرة لا تنمو الى ما لا نهاية بل ان فترة حياتها محدودة اذ تشيخ وتسقط لتستبدل بأخرى غيرها. يفقد الانسان يومياً ما بين 50 و60 شعرة وسطياً، وهذا أمر عادي جداً، أما اذا تجاوز الشعر المتساقط الرقم المذكور فعندها يمكن القول ان هناك تهديداً بحدوث الصلع الذي يعتبر ضربة قاسية لكل من يعاني منه. وهناك الكثير من القيل والقال حول سقوط الشعر، وفي ما يأتي نلقي بعض الاضواء على هذه المشكلة. ان الوراثة هي السبب الرئيسي لتساقط الشعر الذي يعرف طبياً بالصلع الاندروجيني، وهذه الوراثة قد تأتي من جانب الأب أو من طرف الأم. ان سقوط الشعر الناتج عن الوراثة غالباً ما يبدأ في العشرينات من العمر ليتطور ويزداد تدريجياً كلما توغل الإنسان في مشوار العمر. وسقوط الشعر الوراثي يهاجم عادة جانبي مقدمة الرأس ليزحف رويداً رويداً صوب الخلف تاركاً خلفه مناطق جرداء من الشعر. ان 50 في المئة من الذكور يعانون من الصلع بحلول الخمسين من العمر وذلك بدرجات تختلف من شخص لآخر. أما لدى الاناث فإن ضياع الشعر يشاهد عند 40 الى 50 في المئة من اللواتي قطعن سن اليأس. أما عن الاسباب الاخرى غير الوراثية لتساقط الشعر فهي متعددة، ومن بينها: - امراض الغدة الدرقية. - الالتهابات الميكروبية الحادة. - حبوب منع الحمل. - بعض انواع العقاقير، كمضادات السرطان. - الحمل والولادة. - داء الثعلبة. - سوء التغذية. - نقص الحديد في الدم. - الصدمات النفسية. - العمليات الجراحات الثقيلة. - استعمال مواد غير مناسبة للشعر. - الاصابة ببعض الامراض المزمنة. - اتباع انظمة التخسيس القاسية. هناك سؤال يخطر دائماًعلى البال وهو: هل الشعر الذي سقط سينمو محله شعر جديد؟ ان بزوغ الشعر مجدداً يعتمد على السبب الذي قاد الى تساقطه، فالشعر المفقود لأسباب هرمونية وراثية لن يعود الى الظهور مرة اخرى اللهم الا اذا تم التدخل سريعاً وفي الوقت المناسب لاحياء بصلات الشعر لاستنباتها من جديد، وانجاز هذا الامر ممكن لكنه نادر جداً، في المقابل بالإمكان العمل على الحد من تساقط الشعر بالشروع في معالجات رادعة تحد من هذه الظاهرة. أما سقوط الشعر التالي للاصابة بامراض التهابية حادة أو مزمنة أو الناتج عن تناول حبوب منع الحمل وبعض العقاقير، أو الذي حدث عقب اتباع انظمة تخسيس قاسية أو نتيجة نقص الحديد أو سوء التغذية، فالشعر في هذه الحالات قابل للعودة مجدداً بزوال تلك الاسباب. ان استهلاك البروتينات بكثرة لا يمنع تساقط الشعر، صحيح ان البروتينات هي أحد المركبات الاساسية للشعر إلا ان هذا الاخير، وكغيره من خلايا الجسم، يحتاج الى كل العناصر الغذائية بدءاً بالبروتينات، مروراً بالسكريات والدهنيات، وانتهاء بالمعادن والفيتامينات. ان استهلاك غذاء متوازن ومتنوع هو عامل اساسي للجسم، وبالتالي للشعر أو بشكل ادق لبصلات الشعر الحية، للحفاظ على صحة الشعر، انما علينا ان نضع في أذهاننا ان تساقط الشعر مبرمج وراثياً وان الغذاء لا يستطيع منع وقوعه. ان قشرة الرأس تمثل علامة منذرة تمهد لسقوط الشعر لذلك يجب عدم اغفالها واهمالها. والقشرة هي عبارة عن صفائح بيض صغيرة تضرب رؤوس الملايين من الناس ذكوراً واناثاً الا انها اكثر حدوثاً عند الجنس الخشن. والقشرة قد نراها على شكلين: الاول القشرة الجافة، والثاني القشرة الذهنية. اما بالنسبة الى القشرة الجافة فهي عبارة عن توسفات صغيرة بيض لامعة تتهاوى من جلدة الرأس إما عفوياً أو بعد الحكاك. اما القشرة الدهنية فهي تحدث من تلقاء ذاتها أو تنشأ عقب الاصابة بالقشرة الجافة السالفة الذكر، وتتظاهر القشرة الدهنية على شكل صفائح سميكة جافة تبقى عالقة بجلدة فروة الرأس التي تكون في حال التهابية يرثى لها وغالباً ما تترافق مع وجود حكة شبه مستمرة. ان شخصاً واحداً من اصل ثلاثة يعاني من القشرة، وطبعاً يوجد علاج لها سواء كانت جافة أم دهنية، لكن المشكلة في هذه الاخيرة انها تعود الى الظهور مجدداً متى أوقفت المعالجة. من هنا ضرورة المثابرة عليها مدى الحياة. هناك عادات سيئة كثيرة تلحق بالشعر ضربات موجعة تهدد بسقوطه، خصوصاً عند الجنس اللطيف ومن هذه العادات: تسريح الشعر وشده بعنف، استعمال الفراشي القاسية، المبالغة في استعمال ملمعات ودهون الشعر، مط الشعر بهدف تمليسه، الاستعمال المتكرر للفافات الشعر، اصباغ الشعر التي تؤدي الى تخريش الفروة واصابتها بالالتهاب، المبالغة في استعمال مجفف الشعر، استخدام المواد غير المناسبة للشعر، لكن كل هذا لا يعني انه يجب العزوف عن غسل الشعر وتصفيفه وتلوينه ولكن يجب عدم الافراط فهذا من شأنه ان يجعل الشعر ضعيفاً هشاً عرضة للسقوط. وفي الختام لا بد من الاشارة الى نقطتين مهمتين حول مشكلة تساقط الشعر: الاولى هي ان الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من سقوط الشعر لا يراجعون طبيبهم الا بعد مرور فترة طويلة قد تدوم سنوات يكونون فيها عرضة لنصائح الذين لا خبرة لهم في هذا الموضوع فتكون النتيجة زيادة الطين بلة وضياع الوقت والجهد والمال، ان سقوط الشعر قد يكون فيزيولوجياً طبيعياً أو مرضياً، والطبيب هو الوحيد المؤهل للتفريق بين الحالتين. اما النقطة الثانية المتعلقة بتساقط الشعر، فهي ان قص الشعر على الصفر لا يفيد قيد أنملة، لا في زيادة نموه ولا في تقويته ولا في منع تساقطه... وقد آن الاوان لرمي هذه الاشاعة في سلة المهملات.