انتشرت ظاهرة الزواج من أجنبية بين الشبان اللبنانيين في الآونة الأخيرة، خصوصاً أولئك الذين يغتربون إما طلباً للعلم أو العمل. وبينما كان الزواج محصوراً ضمن دائرة ضيّقة لا تتعدّى العائلة ثم البلد أو المنطقة... شاعت ظاهرة الزواج من أجنبيات في المجتمعات العربية، لا سيما المجتمع اللبناني عاكسةً حالةً من الانفتاح. إلا أنّ بعضهم لمس صعوبة تكيّف الأجنبية مع المجتمع اللبناني في السنوات الأولى من الزواج. وبعد أن تقدم لها صورة متكاملة عن الوضع في بيئتها الجديدة، إذا بها تصطدم بالواقع وتفتح عينيها على مساوئه وهنا، تبدأ الأسئلة: كيف تراها تعيش؟ هل يمكنها الاستمرار؟ الكلام السابق لا يعني أنّ كل الزيجات المختلطة مصيرها الفشل، بل قد يكون الأمر عكس ذلك أحياناً. محمد 38 عاماً وزوجته ايلينا 32 عاماً على سبيل المثال - عادا الى لبنان بعد سبع سنوات من الزواج، وأنجبا طفلين. تعرّف محمد الى زوجته في روسيا خلال تحصيله الجامعي. يقول محمد:"عندما قررنا المجيء في البداية، خفت من رد فعل الأهل. حضّرت زوجتي نفسياً واجتماعياً لكل ما قد يحدث. فأهلي كانوا يفضلون أن أتزوّج من بنت البلد". وعند سؤاله عن المشكلات التي اعترضتهما، أجاب محمد:"عدا اختلاف اللغة والدين بالطبع، استغرقت زوجتي وقتاً طويلاً وجهداً كي تتمكّن من التكيّف مع المجتمع وأهلي. أما بالنسبة إلى الأولاد فاتفقنا على تربية وأسلوب موحّدين، لكن لا بد من التوفيق بين قيم اجتماعية مختلفة". ... لعلها تهتدي وإذا كان زواج محمد وايلينا ناجحاً، يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة إلى سليم الذي تزوّج من ألمانية قبل خمس سنوات. لم يرزقا بأولاد حتى الآن. يقول سليم:"عدت الى لبنان بعد غياب دام اكثر من ست سنوات برفقة زوجتي، لكن بعد مضي ستة أشهر على مجيئنا، اذا بزوجتي تصر على السفر لرؤية اهلها. وبسبب ظروفي المادية الصعبة رفضت. لكنها اصرّت وخيّرتني بين السفر او الانفصال، مؤكدة عدم تكيفها مع الحياة في لبنان. هنا، قررنا الانفصال على رغم انّ زواجنا كان ثمرة حبّ حقيقي". ولعلّ اختلاف الدين من أبرز المشكلات التي تواجه الأجنبيات المتزوجات من لبنانيين. لكن أكثر من سيدة في هذه الوضعيّة، أكدت ل"الحياة"أن زوجها لا يجبرها على شيء، بل يتركها علها"تهتدي من تلقاء نفسها". كما تشعر الأجنبية بالغربة وسط فضول اهل البلد ومحيط العريس، فالكلّ يريد أن يحيط بالوافدة الجديدة. وتقول سيدة متزوّجة من لبناني انها عندما تخرج من المنزل، ما زال أهل الحي ينظرون اليها كأنها غريبة. وتضيف أن ما يزعجها هو الفوضى أحياناً، والزيارات المتكررة من دون موعد. وتعرف أن عملية التكيّف استغرقتها وقتاً طويلاً خصوصاً في ما يتعلّق بطريقة التعامل مع أهل زوجها. لكن ما هي الاسباب التي تدفع الشاب اللبناني الى الزواج من أجنبية؟ من الاجابات التي سمعناها لدى أكثر من شاب أن بعض البنات، في اوساط اجتماعية معيّنة، يبحثن عن الزوج الميسور لتحقيق احلامهن بالارتقاء الاجتماعي والحياة المترفة. وينطلق بعض الشبان أحياناً، من أحكام مسبقة، منها أن بنت بيئته تهتم بالمظاهر عكس الأجنبية التي تعمل على شراء الضروري، ولا تتبع الموضة. وفي هذه النظرة تناقض واضح مع أحكام مسبقة أخرى لمسناها لدى بعض الشبان، تعتبر أن الفتاة اللبنانية اصبحت مثل الاجنبية، في التعاطي مع الموضة والسلوك الاجتماعي، في حين ان السيدة الأجنبية تبذل ما في وسعها احياناً للاندماج في بيئتها الجديدة، حتى تصبح"شرقية". ويبقى سؤال أخير: هل يعفى الشاب الشرقي من مسؤوليته في هذا المضمار؟ ما دوره في هذه المعادلة، ما دام انه يطبق على الأجنبية ما لا يسمح لنفسه أن يطبقه مع اللبنانية. وفي هذا الصدد اعترف شاب متزوج من اجنبية، بصراحة، بأن اكثرية الشبان اللبنانيين يعاملون الفتاة اللبنانية بشكل سيئ فيما يصبرون على الأجنبية.