جرت جولة الإعادة للمرحلة الثانية من الانتخابات المصرية في مناخ محتقن، ووقعت تجاوزات وأعمال بلطجة وعنف من جانب أنصار المرشحين في الدوائر الانتخابية تماماً مثلما حدث في الجولة الأولى، وأوقفت عملية الاقتراع في ثلاث دوائر بناء على حكم قضائي، في وقت قال مرشحون وقوى سياسية إن لجاناً انتخابية أغلقت في وجه المقترعين خصوصاً في دوائر رشح فيها الإخوان المسلمون رموزاً لهم. وقال الإخوان إن مئات من ناشطيهم أوقفوا للتأثير على مواقف مرشحي الجماعة، لكن وزارة الداخلية قالت إن"قوات الأمن ألقت القبض على عشرات من البلطجية"من مؤيدي المرشحين غالبيتهم من التيار الديني واتهمتهم بإعداد زجاجات حارقة وعصي وسيوف لاستخدامها في التأثير على الناخبين. وتُعلن اليوم النتائج في المحافظات التسع التي جرى فيها الاقتراع لحسم 121 مقعداً. وبدأ يوم الانتخاب بمفاجآت أولها وقف وإلغاء الانتخابات في ثلاث دوائر هي القناطر الخيرية في القليوبية، والمنشية في الاسكندرية، وواطسا في الفيوم، بدعوى صدور أحكام قضائية من القضاء الإداري بإلغاء الانتخابات وإعادتها مرة أخرى بالمرشحين أنفسهم لوقوع حالات تزوير ومخالفات لقانون الانتخابات، وذلك على رغم صدور قرارات مماثلة ضد مرشحين آخرين حيث جرت من دون أي إلغاء مثل دائرة السيدة زينب، ومنشأة القناطر، بسبب القيد الجماعي وتغيير صفات بعض المرشحين، وكذلك تهديد القضاة بوقف الانتخابات في بعض الدوائر بسبب أعمال الشغب والعنف وعدم تمكين الناخبين من الوصول إلى اللجان. وفوجئ الناخبون في الدوائر الثلاث بالقرار أمس، وعبَّر بعضهم عن انزعاجه وغضبه خصوصاً أن القضاة كانوا حضروا منذ الصباح إلى المقار الانتخابية ولم يقدموا جواباً شافياً عن أسباب الإلغاء أو عن موعد الاقتراع. وبررت اللجنة المشرفة على الانتخابات إلغاء الانتخابات في الدوائر الثلاث بأن أحداً لم يلجأ إلى القضاء للمطالبة بوقف تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت بإلغاء الانتخابات، بعكس ما جرى في الدوائر الأخرى التي قدّم فيها مرشحون طعوناً وتمكنوا من وقف تنفيذ الأحكام. وساد اعتقاد بأن الانتخابات أوقفت لأسباب تتعلق بالخوف من فوز مرشحي الإخوان. وكشف نائب رئيس محكمة النقض المستشار هشام البسطويسي عن انتهاكات تعرَّض لها القضاة من قِبل بعض رجال الشرطة داخل الدوائر الانتخابية، وقال إن بعض القضاة شعر بالإهانة وقرر الانسحاب من الإشراف على الانتخابات. وقال إن"مفاوضات جرت مع قضاة للتراجع عن قرارهم بالانسحاب". من ناحية أخرى قرر رؤساء 13 لجنة في دائرة وادي النطرون في محافظة البحيرة وقف عمليات التصويت في أعقاب اقتحام مؤيدي المرشح المستقل"فئات"محمد كمال خضر للجان وتحطيم صناديق التصويت. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء إبراهيم حماد إن"الشرطة ألقت القبض على مثيري الشغب والإثارة أمام اللجان الانتخابية وصرفت التجمعات غير المعنية بإدلاء الأصوات تداركاً للإخلال بالأمن"، مؤكداً أن عملية الاقتراع عادت إلى طبيعتها في تلك اللجان. وشكت جماعة"الإخوان المسلمين"من حملة اعتقالات واسعة شملت المئات من أعضائها مع بدء جولة الإعادة. وقالت إن السلطات اعتقلت أكثر من 600 من مندوبي مرشحيها وأنصارهم في المحافظات التسع. وأضاف بيان للجماعة ان حملة الاعتقالات في صفوف أنصارها تمت"تحت ادعاء أنهم من مثيري الشغب". لكنها لفتت إلى أن غالبية الاعتقالات تمت خلال"مداهمات ليلية"لمنازل المرشحين وأنصارهم. وفي المقابل، أكد بيان لوزارة الداخلية أن المعتقلين هم"من محترفي إثارة الشغب"، وان توقيفهم جاء في إطار"مواجهة محاولات افتعال بعض المرشحين أعمال شغب تخل بانتظام الانتخابات". وأشار إلى ضبط 38 من أنصار اثنين من مرشحي الإخوان في الإسكندرية"بعدما قاموا برشق قوات الأمن بالحجارة وإصابة أفراد من الشرطة وتهشيم زجاج بعض السيارات"، إضافة إلى"27 عنصراً أمام بعض اللجان في بورسعيد ممن أعدوا لإثارة الشغب واستخدام العنف لترويع الناخبين". ونقل البيان عن مصدر أمني قوله إن"تدخل الشرطة جاء بما لا يخل بحيادها". وأضاف أنه"إزاء محاولة بعض العناصر المؤيدة لمرشحين تحت شعارات إسلامية عرقلة سير العملية الانتخابية في لجنة مدرسة سعيد النجار دائرة قسم أول طنطا ورشق قوات الشرطة بالحجارة، اضطرت القوات للتعامل معهم بإطلاق الغازات المسيلة للدموع وتوقيف سبعة منهم". واعتبرت"اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات"وهي ائتلاف يضم 16 منظمة حقوقية، ان استهداف مراقبيها اتخذ شكلاً منظماً"نتيجة تجاهلهم للتهديدات التي تلقوها من بلطجية وأنصار مرشحي الحزب الوطني في الجولة الأولى بعدم العودة لمراقبة انتخابات الإعادة في بعض الدوائر". أما"الحركة المصرية من أجل التغيير"كفاية فقالت إن المنافسة الانتخابية في ظل التدخلات الأمنية"تحولت إلى ساحة للحرب استخدمت فيها أسلحة البلطجة وسطوة الدولة وشراء الأصوات والذمم، والضغوط الأمنية على كل المستويات، وانجرت بعض القوى السياسية - للأسف الشديد - إلى هذا المستنقع، الذي كلل بتزوير واضح".