} جاءت نهاية الانتخابات البرلمانية المصرية درامية وغطت على ايجابيات المرحلتين الأولى والثانية في مقدمها الاشراف القضائي على عملية الاقتراع واقبال الناخبين بصورة تفوق أي انتخابات سابقة. وجرت جولة الاعادة للمرحلة الثالثة أمس في ظل استنفار أمني لا سابق له. وشكت غالبية المرشحين من غير المنتمين الى الحزب الوطني من تدخلات أمنية وإدارية للحؤول دون وصول ناخبيهم إلى لجان الاقتراع. ووقعت صدامات عدة اسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، واعتقال العشرات بعد تظاهرات احتجاجية في مناطق مختلفة. رفع الحزب الوطني الحاكم شعار "الاستمرار من أجل الاستقرار" في اطار سعيه الى ضمان غالبية مقاعد البرلمان التي جرى الاقتراع عليها أمس في جولة الإعادة للمرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات البرلمانية. وبدا اصرار كامل من جانب أجهزة الحزب على نيل أكبر عدد من المقاعد بعدما هزت نتائج المرحلتين الأولى والثانية أركانه ودفعت أوساطا محسوبة على الحكومة إلى المطالبة بإجراء تغيير في مستويات قيادية، بعد سقوط عدد من رموزه وفشل غالبية مرشحيه الرسميين في تحقيق الفوز في مقابل صعود كتلة المستقلين وتحقيق جماعة "الإخوان المسلمين" نتائج مذهلة بفوز 15 من رموزها. وشوهدت أعداد كبيرة من قوات الأمن أمس قرب لجان الاقتراع وفي محيطها، وقال سبعة من مرشحي "الإخوان" إن قوات الأمن اغلقت تماماً لجاناً حاول ناخبوهم الدخول إليها، واعتقلت كل من اصر على أداء عملية الاقتراع، غير أن الشكوى امتدت إلى غالبية المرشحين من غير المنتمين الى الحزب الحاكم، اذ أن السلطات لم تسمح إلا لحاملي بطاقات الحزب الوطني بالدخول الى مكاتب الاقتراع. وفيما أصدرت وزارة الداخلية بياناً اعلنت فيه اعتقال أشخاص حاولوا القيام بأعمال شغب، اتهم مرشحون الشرطة بالانحياز ضدهم وتوقيف أنصارهم . وقال بيان الوزارة إن الشرطة قبضت على أربعين شخصاً من أنصار المرشح المستقل مصطفى بكري كانوا يستقلون تسع سيارات أثناء توجههم إلى دائرة التبين جنوبالقاهرة لإثارة الشغب ومعهم اسلحة بيضاء ونارية وذخائر، مشيراً إلى أن المتهمين احيلوا على النيابة التي باشرت تحقيقات معهم واتهمتهم بالبلطجة. لكن بكري قال ل"الحياة": إن الشرطة ضبطت أنصاره عقب مغادرتهم منزله صباح أمس بعد اجتماع لتنسيق متابعة الانتخابات في الدائرة، ومن بينهم شقيقاه. ولفت إلى أن "أفراداً من الشرطة اغلقوا سبع لجان في مناطق تركز أنصاري ومنعوهم من الإدلاء بأصواتهم، وطردوا المندوبين من داخل مراكز الاقتراع". وقال مرشح "الاخوان" في الحوامدية الدكتور أبو العلا قرني إن قوات الأمن حاصرت منذ الصباح الباكر القرى التي يقطنها مؤيدوه ومنعتهم من الخروج منها. ووقعت صدامات لاحقا بين الاهالي وقوات الأمن التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وفي دائرة شبرا الخيمة حيث رشح "الإخوان" الدكتور حسين علي الدرج كان الاحتقان واضحاً. ووقعت اشتباكات في أماكن متفرقة أسفرت عن مقتل المواطن أحمد عرفات واصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة. ولكن الصدامات الأكثر عنفا وقعت في منطقة البساتين. وقال مرشح "الإخوان" فيها الدكتور عبدالفتاح رزق إن سيارات حكومية نقلت منذ الصباح موظفين إلى لجان الاقتراع حيث صوت هؤلاء لمصلحة مرشح الحزب الحاكم ثم اغلقت لجان الاقتراع بعدها. وشاهد مراسل "الحياة" تظاهرة حاشدة قام بها الأهالي ورشقوا خلالها قوات الأمن بالحجارة فردت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وبعيداً عن القاهرة وفي محافظة أسيوط حيث مرشح "الإخوان" الدكتور خالد عودة فوجئ الأهالي بمحاصرة قراهم بأعداد كبيرة من قوات الأمن، ووقعت صدامات عنيفة في مدينة القوصية المجاورة حيث تظاهر المواطنون وحطموا مقر الحزب الوطني في المدينة احتجاجاً على منعهم من الاقتراع لمرشح اسلامي. وكان لافتاً أن الحادثة الأكبر وقعت في دائرة لم يترشح فيها أحد من "الإخوان" إذ شهدت منطقة العمار الكبرى في دائرة شبين القناطر اشتباكات عنيفة بين الناخبين وقوات الأمن التي حاصرت القرية لمنع أنصار مرشح مستقل من الإدلاء بأصواتهم، وتسبب تبادل اطلاق النيران بين الطرفين إلى سقوط اربعة قتلى هم: علي عبدالسميع الجوهري وعبدالمعطي عبدالعزيز وتامر عبدالمتجلي وأيمن الشبراوي، كما نقل عدد كبير من المواطنين في حال خطرة. وفي محافظة القليوبية قاطعت قرية "كوم الأطرون" الانتخابات، وامتنع الناخبون فيها وعددهم نحو خمسة آلاف شخص عن التصويت، حزناً على استبعاد مرشح القرية رضا عبدالرحمن من الترشيح لعدم أدائه الخدمة العسكرية، ورفع أهالي القرية لافتات سوداء حداداً. وفي السياق ذاته، اتهم مرشح حزب الوفد في دائرة الوايلي رجل الأعمال منير فخري عبدالنور السلطات المحلية بالتدخل في الانتخابات لمصلحة منافسه رئيس لجنة التعليم في البرلمان السيد أحمد فؤاد عبدالعزيز مرشح الحزب الحاكم. وقال عبدالنور ل"الحياة": إن "عمليات تدخل واسعة النطاق تتم في الدائرة وتستخدم فيها شعارات دينية لا تمت للإسلام بصلة، وتبذل مجهودات شديدة للتضييق على أنصاري ومحاولة تقليل عدد المصوتين منهم". وتواصلت الاعتداءات على المراسلين والصحافيين، حيث أبلغ عدد منهم عن تعرضه للضرب أمام مقار اللجان في دوائر مختلفة، ومنهم مراسلة وكالة "اسوشييتد برس" سارة الديب التي تعدى عليها عدد من السيدات بالضرب في منطقة البساتين وأصيبت بكدمة في الوجه، وكذلك مصور وكالة "فرانس برس" مروان نعمان في دائرة الحوامدية، ومراسلة هيئة الإذاعة البريطانية جيهان العلايلي.