بلغ الصِّدام بين الحزب الوطني الحاكم وقوى المعارضة الذروة في المرحلة الثالثة الاخيرة من الانتخابات البرلمانية أمس. وكان العنف سيد الموقف في غالبية الدوائر، ولم يتوقف عند الدوائر التي يتنافس فيها 49 من مرشحي جماعة"الإخوان المسلمين"مع مرشحي الحزب الحاكم وانما امتد ليشمل بقية الدوائر خصوصاً في الحامول في محافظة كفر الشيخ حيث خاض المنافسة وكيل مؤسس"حزب الكرامة"حمدين صباحي في مواجهة مرشح الوطني علي رجب. ووقع صِدام جراء إطلاق الشرطة قنابل مسيلة للدموع. وفي حين قال صباحي إن أحد مناصريه قتل، أكدت وزارة الداخلية انه من مناصري مرشح الوطني. واحتج القضاة على اجراءات اعتبروها"حالت دون تمكين الناخبين من الوصول الى لجان الاقتراع حيث أغلقت لجان في وجه الناخبين"، لكن وزارة الداخلية قالت إن الاجراءات"كانت فقط لتنظيم عملية الاقتراع". واكد رئيس نادي قضاة الاسكندرية المستشار محمود الخضيري ان تعليمات صدرت إلى رؤساء اللجان الانتخابية بالغاء الانتخابات في لجانهم واثبات ذلك في محضر رسمي حال منع الناخبين من الدخول للادلاء بأصواتهم. والتقى رئيس نادي القضاة المستشار زكريا عبدالعزيز وزير العدل رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات المستشار محمود ابو الليل ونقل اليه شكاوى تمثلت في تعرض 9 قضاة للاهانة والتهديد بالضرب في محافظتي الدقهلية وكفر الشيخ، كما شكا بعض رؤساء اللجان من منع ناخبين في بعض الدوائر من التوجه الى صناديق الاقتراع. ووجه أبو الليل نداء إلى الناخبين والمرشحين بضبط النفس والتزام الهدوء. وبرر حدة المواجهات في غالبية اللجان بأن دوائر المحافظات التي جرت بها الجولة الاولى من انتخابات المرحلة الثالثة والاخيرة ذات طبيعة ريفية ونائية، كما انها كبيرة أيضاً وفيها صراع واضح وتنافس شديد. وكان أعنف المواجهات أمس في كفر الشيخ حيث أعلن انصار المرشح الناصري حمدين صباحي أن المواطن جمعة سعد الشرقاوي قُتل جراء اصابته بطلقة مسيلة للدموع. لكن الناطق باسم وزارة الداخلية قال إن أجهزة الأمن تلقت بلاغاً بوصول أحد المواطنين مصاباً بطلق ناري إلى مستشفى بلطيم، مؤكداً أن"الجهات المعنية لم تتأكد حتى الآن من الفاعل أو سبب الاصابة"، وتبين أنه من مؤيدي مرشح الحزب الوطني. وروى كل طرف وقائع ما جرى من وجهة نظره، فوزارة الداخلية ذكّرت بأن الاجراءات الامنية ضد بعض عناصر الاخوان"ليست بجديدة ولكنها استمرت وتواصلت منذ سنين تجاه نشاط تنظيمي سري غير شرعي نظر فيه القضاء وأصدر احكاماً". وتناول بيان للوزارة اسباب القبض على ناشطي الإخوان، وقال إن عناصر تنتمي الى تلك الجماعة المحظور نشاطها عمدت الى المبالغة والترويج لبيانات خاطئة ثم عمدت الى خلط الاوراق بين مجريات الانتخاب البرلماني وما يوجبه القانون من اجراءات بصدد نشاطهم المخالف للقانون، موضحاً ان بعضهم"يسعى لاسقاط حقيقة ان ترشيح البعض منهم جاء تحت صفة مستقل وعلى نحو فردي وليس كمرشح لجماعة الاخوان". وفي لهجة تحذيرية قال البيان"إن انفاذ القانون لن يتردد أمام مناورات ومحاولات خلط الاوراق بين أنشطة محرمة قانوناً وبين ادعاءات التأثير على مسار الانتخابات او انتهاك الحريات وحقوق الانسان"، مشيراً الى أن الاجراءات"طالت حالات تداخل خلالها العمل التنظيمي السري بأعمال بلطجة انتخابية مما أوجوب اتخاذ الاجراءات حماية لانتظام العملية الانتخابية ووقف عمليات ترويع بقية المرشحين والناخبين المؤيدين لهم". وذكر أن قوات الامن تعاملت مع حالات شغب أثارها مؤيدو المرشحين تحت شعارات إسلامية في دوائر"المطرية والجمالية وبلقاس والدقهلية ومركز دسوق في كفر الشيخ"، وقال إن"مؤيدي مرشحي"الإخوان"اشعلوا إطارات كاوتشوك في طريق المنصورة - دمياط، ما أعاق حركة المرور في منطقة بطرة أمام قرية"بساط كريم الدين"وأن أنصار المرشح عبدالغني فرج فئات في دائرة مركز شرطة الجمالية قاموا تحت شعارات دينية بتحطيم بعض صناديق الانتخابات والابواب والنوافذ الخاصة بمقر لجنة الشبول الاعدادية والتي تضم سبع لجان فرعية، وبادرت الشرطة على الفور بحماية السادة القضاة، وصناديق الانتخاب، وضبط العناصر المتورطة في اعمال الشغب"، وأن الشرطة فضت تجمعاً لنحو 1500 شخص من انصار"المرشح تحت شعارات اسلامية"عبدالفتاح فرج موسى فئات في دائرة مركز بيلا بعدما رشقوا قوات الامن بالحجارة"ما اسفر عن اصابة احد الضباط". أما الحزب الوطني الحاكم فأكد أن الانتخابات جرت في نزاهة وشفافية، وقال الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف إن الانتخابات"جرت في هدوء وتحت اشراف قضائي كامل"، مشيراً الى ان المؤشرات الأولية"تشير الى تقدم مرشحي الحزب". وتوقع ان تجري الاعادة في عدد كبير من الدوائر يوم الأربعاء"بسبب كثرة عدد المرشحين"، ورأى ان ثقة المواطنين وطموحاتهم وتأييدهم لمرشحي الوطني"هي التي ستحسم هذه الجولة ليفوز الحزب بغالبية مريحة تمنحه تشكيل حكومة قوية قادرة على تنفيذ برنامج الرئيس حسني مبارك الذي حاز على ثقة الناخبين وكذلك برنامج الحزب الوطنى الانتخابي".