الطفل شادي يتمتّع بذكاء خارق يحسده عليه القاصي والداني، إذ أنّه يملك مقدرة لا يعلى عليها في كل ما يكتب على الورق. لكن مشكلته الوحيدة التي تنغّص عليه حياته هي أنه ما أن يذهب الى اللوح لالقاء قطعة شعرية أو نثرية أو ما أن يخوض مناقشة كلامية حتى يدرك انه غير قادر على قول ما يريده بوضوح فيرتبك ويضطرب ويصاب بالاصفرار. قد يسأل البعض وما هي أسباب التلعثم؟ ان التلعثم قد ينشأ عن الأسباب الآتية: - فقدان التوازن بين عضلات الحنجرة واللسان والشفتين فيؤدي ذلك إما الى دمج الحروف بعضها ببعض أو النطق بحرف ما قبل الآخر فيخرج الكلام من فم الطفل غير مفهوم. ان الطفل في هذه الحال يعتمد على حركات لسانه وشفتيه ولكن ينسى أهمية عضلات التنفس والحنجرة في الكلام. - التنفس العميق قبل الكلام والمبالغة في استعمال الهواء في الصدر فيستنفده في وقت قصير مع العلم بأنه يمكن الاستفادة منه لمدة أطول. - عدم التنفس كفاية قبل البدء بالتكلم إذ ما أن ينطق الطفل بكلمة أو اثنتين حتى يقف ليتنفس فتكون النتيجة التقطع في الحديث. - الخوف الشديد الذي يقود الى تقلص مفاجئ في عضلات الحنجرة فتختنق الكلمات في مكانها فلا يستطيع الطفل اخراجها من حلقه وحنجرته. ان التلعثم غير ناتج من عدم القدرة على الكلام بل من عدم استطاعة الطفل الحديث بسهولة اذ يجد صعوبة في قول ما يرغب ويريد وهذا الامر لا يحصل له أمام كل الناس بل ان المتلعثم يتكلم بطلاقة عند توافر الجو المناسب أو إذا كان يعرف الذي يتحدث معه أو اذا كان الذي يتكلم معه أصغر منه سناً، أما اذا كان الشخص غريباً عنه فاللعثمة حاصلة لا محالة. وينشأ التلعثم عادة في فترة الطفولة وقد يتعافى الصغير منه ولكن قد تعاود الظهور مرة آخرى عند تعرض الطفل لأزمات وصدمات نفسية وعاطفية. ان الطفل المتعلثم يعيش غالباً حالة إحباط لا ترحم تجعله بائساً يائساً، وما يزيد الطين بلة تعمد الآخرين إحراجه أو تقليده أو مضايقتهم له، ولكن الطعنة الكبرى التي يتلقاها الطفل هي عندما يستهزئ أهله به مظهرين له حنقهم وغيظهم وموجهين اليه عبارات وإشارات جارحة تصيب المتلعثم في أعماق أعماقه فتزداد حالة الطفل من سيئ الى أسوأ. ان التلعثم كثيراً ما يكون واقفاً خلف تأخر الطفل في المدرسة فحالته تجعله يشعر بأنه دون الآخرين فلا يستغل ذكاءه كما يجب فينعكس ذلك سلباً على مسيرته الدراسية والمدرسية. وحتى لا يصبح التلعثم عبئاً على الطفل، يجب علاجه في المنزل فيتم زرع الطمأنينة في نفس المصاب والتهدئة من روعه عندما يجد صعوبة في التعبير والعمل على تشجيعه لدفعه الى المواظبة على كلامه. أما في المدرسة فعلى المعلمين أن يأخذوا حالة الطفل في الاعتبار فيتعاطفون معه لتشجيعه على التحدث والعمل قدر الإمكان على ازالة الرهبة التي قد تربكه فتجعله متلبكاً مرتبكاً. أيضاً على المعلمين ان يبذلوا قصارى جهدهم لخلق الظروف الملائمة التي تعزز ثقة الطفل بنفسه للتغلب على مشكلته ... والمهم في الأمر عدم اللجوء الى احراج الطفل بالمبالغة في توجيه الأسئلة اليه بسبب أو من دون سبب فهذا سلوك مرفوض بالجملة والمفرق.