شنت قوات الاحتلال الاسرائيلية حملة اعتقالات في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية هي الاوسع منذ عملية"السور الواقي"العسكرية التي اعادت من خلالها احتلال مناطق السلطة الفلسطينية في نيسان ابريل عام 2002. وطاولت هذه الحملة 207 فلسطينيين غالبيتهم من قيادات وكوادر"حركة المقاومة الاسلامية"حماس من المرشحين للهيئات المحلية وانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المقبلة. ورغم ربط اسرائيل حملة الاعتقالات بعملية"اول الغيث"العسكرية ردا على اطلاق صواريخ"القسام"المحلية الصنع و"لضرب البنية التحتية"للمنظمات الفلسطينية, الا ان توقيت ونوعية وحجم هذه الاعتقالات تدل, كما يرى مراقبون, الى ان حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قررت التدخل في مسار الانتخابات الفلسطينية العامة والتأثير في نتائجها ان لم يكن"عرقلة"اجرائها كما تعهد شارون نفسه في الاممالمتحدة قبل نحو اسبوع. وشملت حملات الاعتقال جميع مدن الضفة الغربية باستثناء اريحا وتركزت في مدن الخليل 60 معتقلاً و رام الله 70 معتقلاً و بيت لحم 31 معتقلاً وطولكرم 18 معتقلاً وقلقيلية 15 معتقلاً وجنين 11 معتقلاً. وطاولت الاعتقالات قادةً سياسيين من الصف الاول في مقدمهم الشيخ حسن يوسف الذي اعتقل ونجله واثنان من مرافقيه في بلدة بيتونيا غرب رام الله والدكتور محمد غزال بعد يومين فقط من اعلان الاخير لوكالة انباء عالمية ان"حماس"على استعداد لتعديل ميثاقها الداخلي والتفاوض مع اسرائيل والقبول بحل مرحلي باقامة الدولة الفلسطينية العتيدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، واحمد الحاج علي وتيسير عمران ونزار رمضان, اضافة الى مرشحين للانتخابات المحلية عن كتلة"الاصلاح والتغيير"التي تخوض حركة"حماس"باسمها الانتخابات التي ستجرى في التاسع والعشرين من الشهر الجاري من بينهم رئيس بلدية السموع في محافظة الخليل وحسن الورديات عضو منتخب في بلدية بيت لحم وعمر صلاح رئيس كتلة الاصلاح والتغيير في الانتخابات في الخضر قرب بيت لحم ومحمد حمدان وعبد الكريم سمارة وكلاهما مرشحان عن قائمة"الاصلاح والتغيير في بيتونيا وبدو قضاء رام الله وآخرون. ونفذت عمليات الاعتقال قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي ترافقها طائرات استطلاع ومروحيات حربية وتخللها اطلاق نار كثيف ودهم عنيف لمنازل الفلسطينيين وتفتيش وترهيب للاطفال النيام اذ تمت غالبية هذه الاعتقالات بعد منتصف ليل السبت - الاحد، وذكرت الفلسطينيين في عنفها بحملات الاعتقال التي نفذت ابان"حملة السور الواقي". وكانت القوات الاسرائيلية نفذت قبل نحو اسبوعين حملة اعتقالات واسعة في صفوف قوة معارضة اخرى للسلطة الفلسطينية هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ووصفت"حماس"حملات الاعتقال التي طاولت كوادرها ومرشحيها للانتخابات المحلية بانها"ضربة للديموقراطية في مهدها". وقال الناطق باسم الحركة سامي ابو زهري ان اسرائيل تهدف الى كسر ثقل الحركة عشية الانتخابات المحلية"من خلال تغييب ابناء الحركة في السجون الاسرائيلية". واتهم سكرتير"المبادرة الوطنية الفلسطينية"مصطفى البرغوثي اسرائيل بالعمل على"نسف اي اجراء للانتخابات والعملية الديموقراطية في الاراضي الفلسطينية"مشيراً الى حملات الاعتقال التي طاولت قادة"حماس"السياسيين ومرشحيها للانتخابات المقبلة. وجاءت الحملة بعد ساعات قليلة من تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن التزامه باجراء الانتخابات في موعدها المقرر رافضا"الاملاءات والاستفزازات"من اي طرف كان. غير ان التزام عباس لا يلغي معارضة اسرائيل والادارة الاميركية التي تشتد يوما بعد يوم لمشاركة"حماس"لأسباب عدة ليس اقلها التخوف من تحقيقها فوزاً ساحقاً في هذه الانتخابات في ظل الارباك وحالة الفوضى وعدم تنظيم الصفوف في حركة"فتح"حزب السلطة، اضافة الى تخوفها من ان يظهر الفلسطينيون عبر اجراء الانتخابات انهم"يستطيعون ادارة انفسهم بانفسهم"في الضفة الغربية قبل غزة وهذا ما يريد شارون اثبات عكسه امام المجتمع الدولي للتنصل من التوجه الى"خريطة الطريق"التي يشكل اجراء الانتخابات خطوة اساسية للتقدم نحوها وتنفيذ بنودها من جانب اسرائيل. يضاف الى ذلك"الاحراج"الذي قد تجد الولاياتالمتحدة وبعض الدول الاوروبية نفسها عالقة فيه في حال تحقيق"حماس"فوزاً في الانتخابات البلدية والمحلية التي تشمل الجولة الثالثة منها المدن الفلسطينية الكبيرة. ويضع فوز اعضاء في حركة"حماس"برئاسة عدد من هذه البلديات امام"معضلة"التزامها بمساعدة الفلسطينيين اقتصاديا من جهة، و"مقاطعتها"لحركة صنفتها بانها"منظمة ارهابية"، من جهة اخرى. وتعمل الحكومة الاسرائيلية على جبهة اخرى لتقليل نفوذ"حماس"في الشارع الفلسطيني من خلال ضرب مؤسساتها الخيرية. واشار المحلل العسكري في صحيفة"يديعوت احرونوت"العبرية اليكس فيشمان الى ان عملية"اول الغيث"او"المطر الاول"، حسب التسمية الاسرائيلية، لن تقتصر على القصف الجوي وعمليات الاغتيال في قطاع غزةوالضفة الغربية ضد حركة"حماس"بل ستشمل ايضا"ضرب البنية التحتية المدنية لمؤسسات الحركة بما في ذلك المؤسسات الخيرية". وبدأت الشرطة الاسرائيلية في مدينة القدسالشرقية بالفعل بتنفيذ هذا الجزء قبل بدء موجة العنف الجديدة التي استهلت باغتيال القوات الاسرائيلية ثلاثة من كودار حركة"الجهاد الاسلامي"في طولكرم الخميس الماضي, باغلاقها مؤسستين ذكرت انهما تداران لصالح"حماس"وهما مؤسسة"اقرأ"و"الرفادة"يوما واحدا قبل هذا التصعيد.