تلقيت من أستاذي العزيز جداً على قلبي الدكتور محمد نجم رسالة قال فيها: لقد خانتك الذاكرة التي طالما فاخرت بقوتها مما اقتضى تصحيح خطأين في عمودك المشوّق. 1 - ليلى المريضة في العراق هو كتاب الدكتور، أو الدكاترة، زكي مبارك، وليس الدكتور أحمد زكي. 2 - لعلك تعني بالأستاذ ليفي استاذ الانكليزية في الكلية الثانوية العامة الاستاذ ليزلي ليفيت الذي لم يكن يهودياً، بل كان انجيلياً بروتستنتي ورئيس الكلية الثانوية العامة وأستاذ الانكليزية فيها. وهو عديل الرئيس بايارد دودج رئيس الجامعة حتى 1948. أشكر الدكتور نجم على التصحيح، وأقول له إنني لا أستطيع أن أخطئ مرتين في مقال واحد، فهذا "مرس" في علم طاولة الزهر والمسموح لي هو خطأ واحد، لذلك أعترف بالأول، فالكتاب "ليلى المريضة في العراق" من تأليف الدكتور زكي مبارك الذي أصبح يسمي نفسه "الدكاترة" في أواخر أيامه بعد أن فاز بأكثر من دكتوراه. وقد تذكرت السطور الأولى في كتابه ثم كتبت اسمه خطأ، ولا عذر لي سوى انني أجمع منذ أسابيع مادة عن روايات الخيال العلمي في الأدب العربي، وكنت راجعت بعض روايات مصطفى محمود ونهاد الشريف، وتوقفت عند اعمال الدكتور أحمد زكي عندما بدأت أكتب المقال المشار اليه فاختلط الاسمان. أما الأستاذ ليفي فهو غير الاستاذ ليفيت. وكان الأول يهودياً يعلم الانكليزية، نحيلاً طويلاً ظريفاً، يملك سيارة فورد "أبو دعسة" يركنها أمام بوابة الكلية الثانوية. أما الأستاذ ليفيت فكان مدير الكلية، وقد أُرسِلتُ اليه مرة بعد أن شاغبت في الصف، فجعلني أدهن معه حدود نصف ملعب للتدريب على كرة المضرب ينتهي بالحائط أمام بيته، ثم أطلق سراحي. أشكر الأستاذ نجم، وأكمل بالأخ طلال المؤيد العظم الذي اعترض على قولي ان الغالبية العظمى من الأمة نصفها أحمق، ونصفها جبان، وقال: "اننا في وقت نحن بأمسّ الحاجة لمن يدافع عنا خصوصاً في ظل الهجوم الذي تشنه الصحافة الغربية، وأنت كصحافي تعلم هذا جيداً". لم أخذل عشرات الملايين من العرب بهذه الكلمات، كما يقول الأخ طلال، ولكن عبرت عن غضبي ان يوجد من ناحية من يؤيد أسامة بن لادن وارهابه، وأن يوجد من ناحية أخرى فريق صامت يرى القدس تضيع، ولا يفعل شيئاً. هل هذا خطأ؟ اذا كان خطأ فأنا أعتذر عنه، والمسألة ليست "التمييز بين الجلاد والضحية"، كما جاء في الرسالة، فنحن نعرف الجلاد ونعرف الضحية، وإنما هي تلك الضحية التي تقدم رأسها للنطع كالخراف. وأحاول أن أخفف من وطأة الوضع بطرفة، فقد كنت كتبت عن "مختبر الضحك" والبحث عن أعظم طرفة في العالم، وتلقيت من زميل طرفة خلاصتها انه تأخر نزول المطر في العراق، فأمر الرئيس صدام حسين العراقيين بأداء صلاة الاستسقاء، ففعلوا ومكثوا أربعة أيام من دون نزول شيء. وفي اليوم الخامس هطلت أمطار غزيرة على الكويت فقال صدام لمعاونيه: ألم أقل لكم ان الكويت جزء من العراق؟ شر البلية ما يضحك وتلقيت تعليقاً على المقال نفسه رسالة من القارئ حسن يوسف محمد من البحرين يقول فيها ان "أعظم طرفة" ذكرته بما نشرت "الحياة" في صفحتها الأولى "مصر: ختان الذكور معركة جديدة لنوال السعداوي". القارئ يقترح الختان على الطريقة الأميركية أو الشارونية، وشخصياً لا اعتراض لي على الختان، وانما أصبحنا نخاف على هذه الأمة من مصير خدم حريم القصور. وتلقيت رسالتين بالمعنى نفسه، واحدة بالعربية وبالفاكس من القارئ علي عبده المنتصر الاسم الأخير غير واضح من نيويورك، والأخرى بالانكليزية وبالبريد الالكتروني من القارئ عزيز بن طالب، من أوستن في ولاية تكساس. القارئان يتحدثان عن الارهاب الاسرائيلي، وبطش ارييل شارون ودعم اميركا الجرائم الاسرائيلية المرتكبة. والقارئ علي ينتقد استمرار حلم القادة الفلسطينيين بتقرير ميتشل وخطة تينيت، أما القارئ عزيز فيقترح ان ترفع مجموعة عربية قضية ضد الولاياتالمتحدة في محكمة العدل الدولية بسبب تأييدها العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين. الولاياتالمتحدة تؤيد الارهاب الاسرائيلي وتحميه، فهي لنا مثل طالبان لأسامة بن لادن، ولكن المحاكم يشكلها المنتصرون، وهي وراء محكمة جرائم الحرب في لاهاي ولكنها تقرر أيضاً من يحاكم، ومن الارهابي ومن ليس ارهابياً. اختتم مذكراً القارئ بأنني لا أزال محافظاً على وعدي في بداية السنة بأن أخفف كثيراً من ذكر شارون، من دون أن أغير رأيي فيه كمجرم حرب ارهابي وعنصري منحط. ولكن تخفيفاً على القارئ أعود الى "الدكاترة" زكي مبارك، فقد كنت قرأت عن رجل حصل على درجة الدكتوراه ثم درجة ثانية ثم ثالثة ومات. وقيل فيه انه قتل نفسه درجة درجة.