من منصة تنطلق منها الانتصارات اصبح العراق، عسكرياً، مشكلة لا حل لها إلا بنقل العبء وإلقائه على عاتق الجيش المحلي. ولا يعلم احد اذا الجيش قادر على الاضطلاع بهذا الدور، او يقدم على القيام بدور آخر في اطار مجابهات داخلية اوسع وأعرض. وهذا مدعاة قلق .... ولكن الخصم الإقليمي الأول، أي ايران، لا يزال مشكلة وعقبة. فعزم النظام الإيراني على حيازة النار النووية اكثر من مرجح. وعلى مدى منظور، يبدو الحؤول دون تحصين ايران نفسها بالسلاح النووي او تحولها حمى نووياً، مشكلاً او متعذراً .... وعلى خلاف رأي رائج ربما يعمل الوقت لمصلحة اسرائيل، على حين تنكمش احتمالات الفلسطينيين الإقليمية، وتتقلص حظوظهم في الحصول على اراض في الضفة الغربية. ويتطاول نجاح استراتيجية الشرق الأوسط الكبير الى القوقاز وآسيا الوسطى، وهما جزء من حوض بحر قزوين الذي اعلنه حلف الأطلسي قطاعاً استراتيجياً في 2004. وتبدو الحال بأفغانستان، عشية الانتخابات العامة في ايلول سبتمبر، متردية. فالأطلسي مضطر الى إعمال قوات اضافية لأجل توفير الأمن في اثناء الاقتراح. وتسلح طالبان يتحسن، وهم يكثرون من عملياتهم، وفي احيان تبلغ جماعاتهم المسلحة المئتين الى ثلاث مئة، وتعبر حدود الولايات من غير عسر. والتباس نظام الجنرال مشرف، واستخباراته ساندت طالبان زمناً مديداً، هو السبب جزئياً في نهوض هؤلاء اخيراً وانتشارهم في مناطق باكستان القبلية، حيث يلقى التطرف الإسلامي تربة مؤاتية .... وفي هذا الإطار، لا شك في ان تركيا مفترق طرق محروقات الطاقة في حوض قزوين، حليف مهم في اطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، في القوقاز وآسيا الوسطى على حد واحد. ولكن جنوح حزب رجب طيب اردوغان الإسلامي، وتعاظم التذمر من السياسة الأميركية في أوساط تركية عريضة، يقلقان واشنطن. فما تسعى فيه الولاياتالمتحدة وتريده، قبل أي امر آخر، هو روسيا ضعيفة، يحول ضعفها بينها وبين عقد حلف صيني - روسي يكافئ الهيمنة الأميركية، ويقوم نداً بإزائها .... وليس القول ان الإرهاب بقي ظاهرة ثانوية، ما خلا على الصعيد النفسي، من قبيل اللامبالاة بمأساة ضحاياه. وينبغي معالجته بالوسائل الأمنية البوليسية .... وعلى الصحافة ألا تزيد طين القلق بلة، وألا تنفخ في القلق، وإقدام التلفزة البريطانية على التمثيل على تفجيرات لندن بواسطة الخرائط، من غير الانبهار بالصور المؤذية والفظيعة، انما يقصد هذا المعنى ويعبر عنه. وهو قرينة على المدنية الوطنية التي يتمتع بها البريطانيون. عن جيرار شاليان كاتب في الشؤون الاستراتيجية: ، لوفيغارو الفرنسية 18/8/2005.