بدأت قوى سياسية حليفة لسورية تتعامل مع الملاحظات والانتقادات التي وجهتها حركة"امل"وپ"حزب الله"لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة على خلفية ضرورة توضيح الأبعاد السياسية لاجتماع الدول المساعدة للبنان في نيويورك وفي ضوء اتهام وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وزراء في الحكومة اللبنانية بأنهم لا يزالون يؤديون العنف، على ان"الثنائية الشيعية"بدأت تعيد النظر في حساباتها استعداداً للانتقال الى الضفة الأخرى المناوئة للغالبية في البرلمان. حتى ان هذه القوى الحليفة لدمشق ذهبت في توقعاتها الى حدود الرهان على ان الحكومة تمر في مأزق سياسي يصعب على الأطراف الداعمة لها توفير الحلول له تجنباً للدخول في ازمة اضافة الى رهانها على ان هناك اصطفافاً سياسياً سيولد من جديد تشكل الثنائية الشيعية رأس حربة له في الوقت الذي اخذ رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط يتأفف من الحكومة وصولاً الى التلويح بموقف لن يكون لمصلحة الحفاظ عليها. وتعتبر هذه القوى ان للاصطفاف السياسي الذي يجرى تشكيله حالياً اهدافاً تتجاوز الحسابات الداخلية الضيقة الى مواجهة المشروع الأميركي في المنطقة وخلق مناخ سياسي جديد وللحؤول دون تسييس رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ديتليف ميليس التحقيق، والتصدي لكل محاولة يراد منها الزج باسم سورية في جريمة الاغتيال". لكن الرغبة التي تبديها القوى الحليفة لسورية على هذا الصعيد تصطدم بواقع سياسي يستحيل في ضوئه الرهان على ان امر العمليات السياسية صدر وان الانقضاض على الحكومة بدأ، وهذه المرة من خلال الاعتراض على بعض ما اتسم به مؤتمر نيويورك في حضور السنيورة. قالت مصادر وزارية لپ"الحياة"ان الرغبة لدى هذه القوى بضرب التحالف القائم داخل الحكومة لم تتوقف منذ اليوم الأول لتشكيلها لكن ترجمتها الى خطوات عملية ستواجه صعوبة انطلاقاً من ان المعنيين بإضعاف الحكومة ليسوا في هذا الوارد اضافة الى عدم صحة ما يتردد عن وجود امر عمليات. وتابعت:"لو افترضنا ان هناك امر عمليات صدر ضد الحكومة، مع ان لا اساس من الصحة للتعاطي مع الفرضية في هذا الخصوص كأمر واقع، فهل يصح القول ان جنبلاط جزء منه، لمبادرته الى توجيه بعض الانتقادات للحكومة على رغم انه كان ولا يزال سياسياً خارج"الشعاع السوري"؟ ولفتت المصادر الى ان من غير الجائز تحميل انتقاد الحكومة تبعات سياسية طالما انه كان ولا يزال في نطاق ابداء الملاحظات على ادائها، وقالت ان العامل المستجد الوحيد كان في كلام وزيرة الخارجية الأميركية التي غمزت من قناة"حزب الله"في حضور رئيس الحكومة. ورأت ان اشادة"حزب الله"بموقف رئيس الجمهورية اميل لحود في نيويورك امر طبيعي، فليس في مقدوره سوى التنويه بما ورد في خطابه امام الأممالمتحدة بالنسبة الى المقاومة وتمييزها عن الإرهاب. ونصحت المصادر ذاتها بعدم المبالغة في تفسير موقف الحزب وتحميله ابعاداً سياسية ليست في الحسبان خصوصاً انه لا يستطيع تجاهل من يدافع عنه بموقف تزامن مع هجوم عليه من الوزيرة الأميركية، في مقابل انتقاد رئيس المجلس نبيه بري للحود بسبب استبعاده وزير الخارجية فوزي صلوخ من الاشتراك في لقاءاته لا سيما مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ومساعده تيري رود لارسن. واعتبرت ان انتقادات بري للسنيورة لم توظف لمصلحة لحود مؤكدة ان الحزب اتبع سياسة"تدوير الزوايا"وامتدح لحود على موقفه من المقاومة من دون الهجوم على رئيس الحكومة. وأوضحت ان سكوت السنيورة عن اتهام وزراء في حكومته بتأييد العنف اتاح للحود ان يقطف الثمن الذي دفع بالحزب الى الإشادة به، على رغم ان الجميع بات يدرك حجم العزلة المحلية والدولية المفروضة على رئيس الجمهورية. وتابعت ان"لا قيمة لموقف لحود في الحسابات الدولية إن لم نقل لأن مجرد اشادته بالمقاومة يمكن ان يرتب ردود فعل متفاوتة بسبب اهتزاز صدقيته ليس داخل الولاياتالمتحدة إنما لدى معظم الدول الفاعلة". لكن الحزب، بحسب قول المصادر، لا ينظر من خلال هذه الزاوية في تحديد موقفه من لحود الذي يرى فيه صوتاً داعماً له بغض النظر عن فاعليته في الوقت الذي تتعرض المقاومة لحملة من الإدارة الأميركية اضافة الى انه يتصرف حياله على انه لا يزال رئيساً للبلاد. كما ان المصادر نفسها لا تتوخى من السنيورة، وهو يشارك في اجتماع نيويورك، ان يتبنى بالكامل وجهة نظر الحزب، لكن كان يتوجب عليه الدفاع عن وزراء في حكومته لأنهم ليسوا مجرد موظفين بل يمثلون شريحة سياسية اضافة الى ان الانسجام مع مضمون البيان الوزاري يتطلب منه الرد بهدوء على الوزيرة الأميركية. وأضافت:"ان البعض يذهب في تبريره لصمت السنيورة الى حد القول إن ما يهم الأخير ان يأكل العنب لا ان يقتل الناطور وبالتالي فهو يتطلع من خلال اجتماع نيويورك الى تجديد الالتزام الدولي والعربي بدعم لبنان ومساعدته من اجل التغلب على مشكلاته الاقتصادية والمالية من دون ان يتعارض مع الانتقادات التي وجهتها قوى مشاركة في الحكومة للوزيرة الأميركية". وتابعت:"ان كلام الوزيرة الأميركية موجهة في الدرجة الأولى الى الرأي العام الأميركي ولن يكون له من مفاعيل سياسية على صعيد لبنان طالما انها تؤكد باستمرار عدم وجود إلحاح اميركي على نزع سلاح المقاومة. اضافة الى ان الرد على انتقاداتها يسهم في تحصين الوضع الداخلي ويوفر للسنيورة الغطاء السياسي المطلوب بحسب ما يتناقله الزوار عن جنبلاط، لعدم الرضوخ لدفتر الشروط الأميركية كشرط لمساعدة لبنان". وأكدت المصادر ان للقوى المشاركة في الحكومة مصلحة في جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري مهما كانت النتائج قاسية على الصعيدين المحلي والخارجي لكن التركيز على التحقيق الدولي لا يبرر تباطؤ الحكومة في تصديها للملفات الداخلية او التسليم للسنيورة بكل ما يطرحه من دون التشاور معها، مبدية ارتياحها الى الاتصالات التي اجراها في الساعات الأخيرة رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري من مقر اقامته في المملكة العربية السعودية والتي شملت قيادات في"امل"والحزب واللقاء الديموقراطي ومشيرة الى انها اسهمت في توضيح المواقف بوضع النقاط على الحروف لقطع الطريق على الاجتهادات التي لجأ إليها البعض في تفسيره للانتقادات التي وجهت اخيراً للسنيورة من دون التقليل من دوره في التحضير لمؤتمر نيويورك.