أكدت مصادر سورية مطلعة ل"الحياة"في دمشق ان الأخيرة"غاضبة جداً"من رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، وان نظيره السوري محمد ناجي العطري رفض ثلاث مرات الرد على اتصالاته الهاتفية امس، فيما تصاعدت الحملات الاعلامية بين دمشق والحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، بعد صدور بيان عن مفوضية الإعلام في الحزب وصف"البعض من النظام الجديد"في سورية ب"الصبيانية السياسية التي نتحف بها اليوم". راجع ص 5 وقالت المصادر السورية المطلعة ان من أسباب غضب دمشق على السنيورة تراجع الاخير عن وعوده للرئيس بشار الأسد حين زار سورية قبل اسابيع، وبسبب تصريحاته التي قال فيها ان الشعب اللبناني بأكمله يتهم سورية باغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري. واذ نقلت المصادر المطلعة عن العطري استغرابه الحديث عن"وجود صلة لسورية باغتيال الحريري"، معتبرة ان"أطرافاً دولية ربطتها بالتعاون مع اطراف تلعب على الساحة اللبنانية"، فإن دمشق اتهمت السنيورة بالسعي للتمديد لمهمة رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس. وأعلن وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله في الوقت نفسه ارتياح سورية الى ان"الاتهامات والادعاءات ضد سورية لا تستند الى أي دليل"، بسبب"انفضاح صدقية الشاهد في التحقيقات باغتيال الحريري محمد زهير الصديق وروايته السخيفة"وبفعل وجود اتصالات مع الولاياتالمتحدة. الا ان دخل الله اكد ان سورية"لا تعقد صفقات". وكان بيان طويل لمفوضية الاعلام في الحزب الاشتراكي ردّ على اتهامات وجهتها مجلة"الاقتصادية"السورية الخاصة الى جنبلاط بأنه"زعيم المرتزقة"في لبنان، وهاجمت السنيورة ورئيس"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري ونواب كتلته، والوزير مروان حمادة. وقالت ان جنبلاط والحريري وأنصارهما يحضرون لطلب اللجوء السياسي في باريس. وبعدما ذكّر الرد"بالنضال المشترك لجنبلاط ورفيق الحريري مع حمادة وآخرين من الوطنيين وإسقاط الوصاية والتدويل بالتعاون مع سورية بقيادة حافظ الاسد في الثمانينات"، قال:"اذا كان البعض من النظام الجديد نسي الماضي وقال للرئيس الشهيد رفيق الحريري في احد الاجتماعات انه يعرفه منذ اربع سنوات فقط فهذا دليل على الصبيانية السياسية...". ودافع بيان التقدمي عن السنيورة ضد اتهامه ببيع لبنان مقابل مساعدات من الخارج، مؤكداً"انه يتبع نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري". وذكّر بيان الاشتراكي بأن المعارضة اللبنانية"اكدت اهمية الاستقرار في سورية... لكن اذا كان هذا النظام متهماً في مكان ما باغتيال الرئيس الحريري فيجب ان تتم محاسبته ولا تراجع عن هذا المطلب...". وأصدر النائب السابق نسيب لحود، رئيس"حركة التجدد الديموقراطي"بياناً استهجن فيه ما ورد في"الاقتصادية"واعتبره اساءة الى الشعبين تصعّب مهمة فتح صفحة جديدة. وكان لافتاً تساؤل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في حفل افطار ليل اول من امس:"ما الذي استدعى طلب التمديد للجنة التحقيق الدولية، وهاجم تدخل الموساد الاسرائيلي في تقويم المعطيات للجنة التحقيق التي شكرت في تقريرها الاول اسرائيل على مساعدتها؟". وفي موازاة ذلك، وفيما كان النائب سعد الحريري مجتمعاً مع البطريرك الماروني نصرالله صفير مساء امس بدعوة من الاخير له الى مأدبة افطار، اعلن الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية بعد اجتماعه مع الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله:"اذا رأينا ان التحقيق في اغتيال الحريري يخلص الى تهم مباشرة مقرونة بوقائع وأدلة نسلّم بالأمر وننحني امامها. اما ان يذهب التحقيق في اتجاه اتهام سياسي او تحليل او تسييس للموضوع فعندها سيكون لنا موقف، نريد ان نرى وقائع وليس افتراضاً". ولفت فرنجية الى الاتهامات التي اطلقها محمد زهير الصديق"وتبرّأ البعض من العلاقة معه من دون اجابات من احد حول صحة كلامه...". وكانت مصادر سورية رفيعة اكدت امس ان دمشق سلمت دولاً عربية وأجنبية وميليس ملفاً كاملاً يكشف حقيقة الصديق وعمليات الاحتيال التي قام بها وتعرضه للسجن. وفي لندن، طالب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط جميع الأطراف المعنية بأن تتعامل مع تقرير المحقق الدولي ميليس"بأكبر قدر من الدقة والتحسب لئلا تنشأ نقطة توتر جديدة في المنطقة". وقال، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره البريطاني جاك سترو بعد محادثاتهما في لندن، انه ينبغي انتظار التقرير وعدم التكهن بشأن مضمونه. ورداً على سؤال نفى أبو الغيط وجود مبادرة مصرية - سعودية مشتركة لرفع الضغوط عن سورية، موضحاً انه"لا يرى ضغوطاً حالياً"على سورية. وقال ان سورية قدمت الكثير لتنفيذ متطلبات القرار الدولي 1595، مشيراً الى ان مصر تتحدث مع سورية حول الوضع الحالي. وقال سترو، من جهته، ان بلاده ترحب باهتمام مصر والسعودية باستقرار سورية ولبنان، لكنه شدد على ان المجتمع الدولي كله يطالب سورية بتنفيذ التزاماتها الدولية. واشار الى ان بريطانيا"ليست لها مصلحة في إحداث عدم استقرار في المنطقة". ولفت أبو الغيط الى ان المنطقة مشغولة حالياً بالوضع في ايران والأزمة العراقية والأزمة الفلسطينية - الاسرائيلية و"لا نريد اضافة نقطة توتر جديدة في المنطقة حول سورية".