تعتقد دوائر المعارضة المصرية أن مدينة بورسعيد لا تمنح أصواتها في أي انتخابات إلى مرشحي الحزب الوطني الحاكم. حدث هذا فعلاً في غالبية الانتخابات البرلمانية السابقة. وظل لافتاً أن ناخبي تلك المحافظة الساحلية لا يمنحون أصواتهم لمرشحي الحكومة، بل يوزعونها ما بين اليمين واليسار، فيمثلها في البرلمان"وفدي"ليبرالي أو يساري ينتمي إلى"التجمع". وبما ان"التجمع"يقاطع الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من أيلول سبتمبر المقبل، فإن السباق على أصوات المحافظة سيكون بين اثنين من الليبراليين من جانب ومرشح"الوطني"من جانب آخر. بالأمس كان رئيس حزب"الغد"الدكتور أيمن نور في بورسعيد وجال فيها وحشد أنصاره في مسيرة من مدخل المدينة إلى وسطها. واليوم سيعقد رئيس حزب"الوفد"الدكتور نعمان جمعة مؤتمراً في قلب بورسعيد جهّزه انصاره بصورة جيدة. وفي الخلفية، يسعى اقطاب"الوطني"إلى تقليل فرص مرشحي المعارضة بكل الطرق ويعملون على حشد التأييد للرئيس حسني مبارك. وكان المرشح نور عضواً في حزب"الوفد"واستقال منه ليؤسس"الغد"بعدما دخل في صدام عنيف مع جمعة بعد وفاة زعيم"الوفد"التاريخي الباشا فؤاد سراج الدين. ويبدو أن"الوطني"مرتاح للصراع بين الاثنين حتى لو كان في بورسعيد. فأصوات أهلها حتى لو كانت ضد"الوطني"ستنقسم بين الاثنين، وبالتالي لن يفوز واحد منهما. وتعد بورسعيد من المدن المصرية الحديثة نسبياً، إذ تحمل اسم مؤسسها الخديوي سعيد من أسرة محمد على باشا. وجاء قرار إنشائها لتكون ميناء للسفن العابرة لقناة السويس بعد افتتاحها عام 1869. وقبل شق القناة كان يطلق عليها"الفارما". وكان النشاط الرئيسي فيها هو الصيد. وبعد افتتاح القناة ظلت بورسعيد ميناء رسو للسفن التجارية ونشأت بذلك نحو 64 مهنة يقدم أصحابها المساعدات للسفن منها"البمبوطية"والمطاعم وتنظيف السفن وبيع الورود والسلع لعمال المراكب المارة. تبني المعارضة حساباتها على أن المدينة التي حوّلها الرئيس الراحل أنور السادات إلى منطقة حرة وشهدت انتعاشاً اقتصادياً كبيراً رفع من مستوى معيشة أهلها، عادت في عهد مبارك الذي طبق إصلاحات اقتصادية تحولت إلى معضلات أطاحت بآمال سكان بورسعيد في أن تظل الأحوال على ما كانت عليه. ويروج مرشحو المعارضة إلى فكرة أن مبارك لا يحب بورسعيد ويستغلون محاولة الاعتداء التي وقعت عليه في أيلول سبتمبر 1999 من جانب أحد ابناء تلك المدينة ليرسخوا ذلك الاعتقاد. وكان مبارك توجه في ذلك الشهر لزيارة بورسعيد بعد سنوات طويلة من الانقطاع عنها وفوجئ أثناء وجوده داخل سيارته بشخص يقتحم الموكب ويحاول الاعتداء عليه بسكين ويلقي على آخر السيارة بحامض الكبريتيك. ومر الحادث بسلام ولم يصب مبارك إلا بجرح سطحي في يده. لكن ظلت الحادثة في الذاكرة وكذلك انطباعات لدى الكثيرين. وتبعد بورسعيد عن القاهرة حوالي 200 كلم شمالاً. ويسكنها نحو 800 ألف نسمة يعملون ما بين التجارة والوظائف الحكومية. وتعرضت المدينة للتهجير ثلاث مرات خلال المواجهات والحروب مع إسرائيل.