بدأت الحرب في العراق تلقي بظلالها السوداء على ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش مع تزايد اعداد القتلى في صفوف الجنود الاميركيين وانخفاض تأييد الشعب الاميركي للحرب والأزمة التي يواجهها صوغ الدستور العراقي الجديد. وكان اخفاق القادة العراقيين في وضع دستور جديد للبلاد في الموعد المحدد الاثنين الماضي، آخر الاخبار السيئة بالنسبة لادارة بوش التي تتعرض لضغوط متزايدة لتحديد جدول زمني لانسحاب قواتها 138 الف جندي من العراق. وبدأت مؤشرات القلق في أوساط الحزب الجمهوري تطفو على السطح، مع خشية الحزب من ان يؤدي الاستياء من الحرب في العراق الى اضعاف قبضته على الكونغرس في الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني نوفمبر 2006. وتعالت اصوات المشرعين الاميركيين مثل السناتور تشك هاغل ممثل ولاية نبراسكا في مجلس الشيوخ، بالانتقادات لسياسة ادارة بوش مع تصاعد اعمال العنف المسلحة في العراق بعد 28 شهراً من الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين. وقال هاغل في مقابلة مع شبكة"سي. ان. ان"الخميس"لن نستطيع الاستمرار هكذا، مع الضحايا الذين نتكبدهم، والمليار دولار الذي ننفقه في العراق اسبوعيا والالتزامات المترتبة علينا". ومع ارتفاع عدد القتلى من الجنود الاميركيين في العراق الى 1850 تواصل شعبية بوش انخفاضها كما تظهر استطلاعات الرأي. وقد قتل اكثر من 50 من الجنود في آب غسطس وحده ليكون من اكثر الاشهر دموية بالنسبة للجنود الاميركيين. فقد اصبح أقل من اربعة من بين كل عشرة اميركيين يوافقون على طريقة تعامل بوش مع المسألة العراقية. واظهر استطلاع اجراه معهد غالوب ونشر الاسبوع الماضي ان 54 بالمئة من الاميركيين يعتقدون بان الحرب في العراق كانت غلطة بينما يعتقد 56 بالمئة ان جزءاً من القوات الاميركية او جميعها يجب ان تعود الى الوطن. وبعد تسعة اشهر فقط من فوزه بفترة ولاية ثانية بهامش جيد شهدت شعبية بوش انخفاضا وصل الى نسبة 45 بالمئة تقريبا. وبالاضافة الى ذلك بدأ الرئيس الاميركي يشاهد بأم عينيه البراعم الاولى لحركة شعبية للسلام تجسدها والدة احد الجنود الذين قتلوا في العراق اقامت معسكرا بالقرب من مزرعته في تكساس. ويؤكد مسؤولون في الادارة الاميركية بأن ثباتهم على مواقفهم سيؤتي ثماره في العراق. ويزعم المسؤولون انه يتم تحقيق تقدم في تدريب قوات الامن العراقية والتحرك باتجاه عراق يحكم نفسه بشكل كامل مما سيقوض الدعم الشعبي للمتمردين. ولا يزال الاميركيون متفائلين حتى بعد ان اخفق الشيعة والاكراد والسنة في وضع الدستور الجديد في الموعد المحدد وطلبوا تمديد الموعد النهائي اسبوعاً حتى غداً الاثنين. واشاد المسؤولون الاميركيون"بالجهود البطولية"التي يبذلها العراقيون وتحدثوا عن"تقدم كبير"باتجاه الانتهاء من وضع الدستور الذي من المقرر اجراء استفتاء بشأنه في تشرين الاول اكتوبر قبل اجراء الانتخابات التشريعية في كانون الاول ديسمبر المقبل. وحول عملية وضع الدستور، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس"هذه هي الديموقراطية الحقيقية تتطور في العراق ... ونظرا الى الوضع الذي كانوا عليه قبل عدد قليل من السنوات، وبعد ان عاشوا في ظل الطغيان كل هذه العقود، فان هذا يعد انجازا رائعا". ولكن وفي الوقت الذي لا يزال العراقيون يحاولون التوصل الى حل لخلافاتهم حول مسائل الفيديرالية ودور الاسلام في الدولة وتوزيع الثروة، يقر المسؤولون الاميركيون بان تمديدا آخر للموعد النهائي لاستكمال الدستور لن يكون مؤشرا جيدا بالنسبة للعملية السياسية في العراق. كما ان احتمال ان تحل قوات عراقية محل القوات الاميركية في العراق لا يزال بعيدا، فقد أقر مسؤولون عسكريون بارزون في جلسات خاصة بان القوات العراقية يلزمها عامان او اكثر لتصبح قادرة على مواجهة المتمردين من دون مساعدة اميركية. ومن ناحية اخرى فان التمرد في ازدياد مستمر في العراق الذي يعتبره الاميركيون الجبهة الاساسية للحرب على الارهاب. واقر الجنرال ديفيد رودريغيز قائد القوات الاميركية في شمال غرب العراق الجمعة بصحة التقارير العراقية بان نحو 150 مقاتلا اجنبيا يدخلون العراق شهريا. وردا على سؤال حول موعد الانسحاب الاميركي من العراق، لم يستطع رودريغيز الالتزام بموعد محدد اثناء حديثه للصحافيين في البنتاغون عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من قاعدته في مدينة الموصل في شمال العراق، واكتفى بالقول"اعتقد انه من الواضح جداً جداً بان قواتنا ستعود الى الوطن بالسرعة الممكنة ولكن ليس في القريب العاجل".