بعد عشرة أعوام على حروب كرواتيا والبوسنة ? الهرسك، وستة على نهاية نزاع كوسوفو، بدا أن تهديد الحرب مستبعد. ولكن سنوات الاستقرار هذه تدعو المجتمع الدولي وبلدان يوغوسلافيا سابقاً الى فتح صفحة جديدة، واعادة النظر في اتفاقات السلم المعقودة في خاتمة الحروب، على رغم المخاطر التي تكتنف المرحلة هذه. ففي البوسنة ? الهرسك لا مناص من تعديل اتفاق دايتون الذي وقعه بباريس في 14 كانون الأول ديسمبر 1995، سلوبودان ميلوشيفيتش الصربي، وفرانيو توديمان الكرواتي وعلي عزت بيغوفيتش البوسني. ويعارض القوميون الصرب التعديل، وتساندهم صربيا القريبة، راعيتهم وحاميتهم، فكل سعي في ارساء البوسنة على دولة متماسكة يفترض الغاء"الكيانات"مثل"الجمهورية الصربية". والقوميون الكروات ينتظرون من الاصلاح المزمع اقرار كيانهم الذي ألغاه اتفاق دايتون، والعودة اليه. والقوميون المسلمون يرحبون بإلغاء الكيانات، ولكن ترحيبهم، وهم القوم الأكثري، يثير توجس الأقليتين الصربية والكرواتية. ويدعو الى التفاؤل حادثتان: افتتاح المفاوضات البوسنية مع أوروبا على الشراكة بين الطرفين، تمهيداً الى الانضمام، والتزام الأحزاب البوسنية الثمانية بواشنطن"تحديث دايتون"قبل آذار مارس 2006. ويتناول"التحديث"اصلاحات دستورية تحل رئاسة واحدة محل المجلس الرئاسي، وتوحيد القوات المسلحة والشرطة. ووضع كوسوفو أكثر تعقيداً. فعلى البلد، وهو محافظة في اطار صربيا - الجبل الأسود، وتتولى الأممالمتحدة ادارتها منذ هزيمة ميلوشيفيتش أمام حلف الأطلسي الناتو في 1999، أن يسير الى نهاية شوطه ويستقر على صيغة ناجزة: إما دولة مستقلة. أو ولاية صربية. وفي حسبان الألبان، وهم 90 في المئة من السكان، الاستقلال وحده هو الأفق المنظور والمقبول، على خلاف حسبان الشطر الصربي من سكان كوسوفو. وعلى هذا، فصربيا هي مرجع القرار في مستقبل يوغوسلافيا سابقاً، مرة أخرى. ويتنازع بلغراد نازعان: واحد يرفض أي مساومة في شأن كوسوفو، وآخر يقبل مقايضة استقلال كوسوفو بضم الكيان الصربي البوسني. وفي الحالين، تتمسك بلغراد بحلم"صربيا الكبرى"من غير ايحاءاته الحربية. ويهدد استقلال كوسوفو وحدة البوسنة - الهرسك، واستقلال الجبل الأسود مونتينيغرو، ووحدة مقدونيا، حيث يترجح السكان الألبان بين الانفصال والاتصال. فإذا لم تستقل كوسوفو، اضطر الجبل الأسود الى البقاء على حال سلبية ومضطربة، وعلى علاقة مسممة ببلغراد. ويبدو الأوروبيون ضعفاء على رغم دغدغة الحلم الأوروبي الجماعات القومية كلها. ففي مناسبة انقضاء عشرة أعوام على دايتون، بادرت واشنطن الى دعوة زعماء البوسنة الى مناقشة الاصلاحات الدستورية، والتمهيد الى ما بعد دايتون، بينما لم يحرك الأوروبيون ساكناً في الأثناء. ويجمع الأميركيون والأوروبيون على الحذر. فندبوا موفد الأممالمتحدة الفنلندي، مارتي اهتيساري، الى نزع الأشواك. ومعظم هذه الأشواك ناجم عن الفرق العريض بين تطلعات القيادات السياسية وبين رغبات السكان والأهالي في السلم وأوروبا، ويدعو الديموقراطيون المحليون الوسطاء الى مقاومة نداء الفرقة والانقسام. عن ريمي أوردان، لوموند الفرنسية. 15/12/2005