خلص تحقيق أولي في برنامج"النفط مقابل الغذاء"التابع للأمم المتحدة في العراق الى أن مسؤولي المنظمة الدولية تجاهلوا منذ بداية العمل في البرنامج الاجراءات واللوائح الخاصة بالمشتريات. وشمل التقرير الذي أعده بول فولكر الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي بتكليف من الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان، أمثلة"لا يمكن تفنيدها"على فوز ثلاث شركات على الأقل بمناقصات على رغم تقديم منافسين لها عروضاً أفضل. وكانت المنظمة الدولية أبرمت في اطار هذا البرنامج عقداً مع"بنك ناسيونال دو باري"الفرنسي المعروف حالياً باسم بنك"بي ان بي باريبا"لادارة أموال البرنامج، فيما أبرمت عقدين آخرين مع شركة"سيبولت ايسترن هميسفير"الهولندية لاجراء عمليات تفتيش على صادرات النفط ومع شركة"لويدز رجيستر انسبكشين"البريطانية لتفتيش السلع التي تشترى بأموال البرنامج أثناء دخولها الى العراق. وأفاد التقرير أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي تجاهل توصيات الموظفين واختار البنك الفرنسي ليتولي ادارة حساب ايرادات بيع النفط في اطار البرنامج"لأنه كان خيار الحكومة العراقية". وقال فولكر في مؤتمر صحافي عقده لدى الاعلان عن تقريره إن غالي يخضع للتحقيق في هذه القضية، لكنه تراجع لاحقاً وأكد أنه كان يقصد سيفان. واعتبر أن أحد أكثر استنتاجات التقرير ازعاجاً هو تراكم الأدلة على ان المدير التنفيذي السابق للبرنامج بينون سيفان دبر"حصصاً نفطية لشركة تجارية صغيرة"، لافتاً الى أن العراقيين الذين كانوا يحددون مثل هذه المخصصات اعتقدوا بالتأكيد بأنهم يشترون نفوذاً"في المنظمة الدولية. ورأى أن سيفان حض الحكومة العراقية على تخصيص حصص نفطية لمصلحة شركة"أميب"التي يديرها فخري عبد النور ابن عم بطرس غالي. ونقل تقرير فولكر عن مسؤول عراقي أن سيفان طلب من مسؤولين عراقيين عام 1998 بتخصيص كوبونات نفطية ل"أميب"بهدف"مساعدة صديق"عرفه لاحقاً ب"عبد النور". وأفاد فولكر أن حكومة صدام حصلت على عائدات غير شرعية وسعت الى مكافأة أصدقائها وتعزيز نفوذها السياسي، لافتاً الى أن المصدر الرئيس لهذه العائدات جاء عبر التهريب من الأردن والى تركيا ثم الى سورية ومنها الى مصر. وقال إنه ما زال من غير الواضح حجم الأموال التي قبضها مسؤولون في"النفط مقابل الغذاء". وأكد التقرير أن مسؤولي الأممالمتحدة اختاروا شركة"سيبولت"في تجاوز لاختيار ادارة المشتريات لمنافس آخر بعدما تدخل مسؤول الأممالمتحدة جوزيف ستيفانيديس الذي ساعد في وضع البرنامج مرات في عملية الاختيار. وخلص الى أن اختيار"لويدز"كان نتيجة"السياسة"، لافتين الى أن أقل العروض كان عرضاً تقدمت به شركة"بيرو فيريتاس"الفرنسية، لكن المسؤولين لم يختاروها لأنهم عينوا فرنسياً أخيراً في منصب رئيسي. وقال إن"عملية المناقصة التنافسية العادية كانت مشوبة بالأخطاء"في حالة"لويدز"أيضاً بسبب ستيفانيديس الذي اتصل بالبعثة البريطانية لدى الأممالمتحدة للمطالبة بخفض عرض الشركة البريطانية كي يضاهي عرض المنافس. ويذكر أن حجم برنامج"النفط للغذاء"بلغ حتى وقف العمل به نحو 69 بليون دولار. ولم يذكر التقرير أنان وتوظيف نجله كوجو في شركة"كوتيكنا انسبكشين"السويسرية التي حصلت على عقد في اطار"النفط للغذاء"، لافتة الى أن هذا الموضوع سيعالج في تقرير آخر.