أدوار عديدة ومتنوعة الأشكال والمضامين, لعبها على الشاشة الصغيرة الفنان حسن عويتي, جذبت إليه اهتمام المشاهدين وإعجابهم , سواء في الأدوار الجادة, أو حتى الكوميدية, والتي كان خلالها كلها قريباً من قلوب المشاهدين وعقولهم على حدٍ سواء. حسن عويتي جاء إلى الشاشة الصغيرة من المسرح, هو الذي تخرج من أكاديمية الفنون البلغارية ? قسم الإخراج, ومارس العمل مخرجاً متميزاً على الخشبات سنوات طويلة, خصوصاً خلال عمله مع"فرقة المسرح الوطني الفلسطيني"في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته ثم مع الفرق المسرحية السورية بعد ذلك. يتذكر مشاهدو الشاشة الصغيرة حسن عويتي في عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية، التي أدى فيها أدواراً صعبة تحتاج إلى موهبة حقيقية وإلى حساسية عالية، خصوصاً دوريه في رمضان الفائت، في مسلسلي المخرج حاتم علي"التغريبة الفلسطينية"و"أحلام كبيرة". في"التغريبة"، لعب عويتي دور"أبو عايد"الفلاح الفلسطيني صاحب الأملاك الكثيرة، الذي يتعامل مع الآخرين من خلال تفوّقه الطبقي - الاجتماعي، والذي تتدهور حالته إلى الدرك الأسفل بعد النكبة، ليجد نفسه غير قادر على التكيف مع الحالة الاجتماعية والإنسانية الجديدة التي أفقدته نفوذه وهيبته. حسن عويتي تمكن في"التغريبة الفلسطينية"من إقناعنا، في شكل ومضمون هذه الشخصية، الصعبة والمركّبة من خلال أداء اعتمد في الدرجة الأولى على البساطة، ولكن من دون تبسيط، بل بإدراك ما في هذه الشخصية من تناقضات. ساعده في ذلك حسّ عميق بما في الدور من جوانب إنسانية جعلت المشاهد إذ ينفر من سلبيات"أبو عايد"، يفهمها ويضعها في سياقها، ما جعلنا أمام شخصية لا تنطبق عليها المواصفات التقليدية للشخصية الشريرة، فالأمر هنا لا يتعلق بالصفات المطلقة والنهائية قدر تعلقه بما في الإنسان من صفات إيجابية أو سلبية، تسهم العوامل الاجتماعية في تنمية إحداها على حساب الأخرى. وفي هذا الدور رأينا الفنان حسن عويتي في تعبيرية فنية آسرة، وعالية المستوى. أما في"أحلام كبيرة"ومع المخرج ذاته فقد لعب عويتي دور الأخ الأكبر الذي تتنازعه رغبة الاستيلاء على حصة أخيه في الميراث، ورغبة معاكسة في إقامة علاقة طيبة بهذا الأخ. تناقض يضع كل واحد منهما في اتجاه معاكس للآخر، طيلة حلقات المسلسل تقريباً، كنا خلالها نتابع أداء فيه الكثير من الحرارة والصدق، خصوصاً ان عويتي تمكن من إضافة لمساته الخاصة للدور، كما في طريقة المشي مثلاً. وفي"أحلام كبيرة"، أكد حسن عويتي كما في"التغريبة الفلسطينية"أنه ممثل كبير بما يمتلك من خبرة في فن التمثيل وبالذات في مسألة استحضار روح الشخصية وخصوصاً أنه جاء إلى الشاشة الصغيرة من تجربة مسرحية عريقة، حقق خلالها كمخرج عدداً كبيراً من الأعمال والمسرحيات العالمية والعربية والمحلية لفرق المسرح الجامعي والمسرح الوطني الفلسطيني وأخيراً مع طلابه في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق. حسن عويتي قدم خلال العقود الماضية مسرحيات كثيرة لعل من بينها على سبيل المثال"في انتظار اليسار"و"ليلة مصرع غيفارا"لميخائيل رومان وإعداد ممدوح عدوان،"الزيارة"عن رواية الكاتب المصري يوسف القعيد يحدث في مصر الآن، و"أصوات الأعماق"، و"مقام إبراهيم وصفية"مسرحية الكاتب السوري وليد إخلاصي، و"وراء الأفق"ليوجين أونيل، ثم"العميان"مع طلاب معهد الفنون المسرحية، حيث وقفنا في كل تلك الأعمال على مخرج واقعي ينجح في منح الحدث المسرحي توازنه مع حضور الشخصيات وحضور الأفكار في سياق جاذبية فنية عالية المستوى. حسن عويتي يستعد هذه الأيام لأداء دوره في المسلسل السوري"عصي الدهر"الذي كتبته دلع الرحبي ويخرجه حاتم علي وهو يواصل صعوده في مسيرة فنية كان فيها الكثير من الصعوبات مثلما حققت الكثير من النجاحات.