رحلة الفنان عبدالرحمن أبو القاسم الفنية مرّت في تعرّجات كثيرة، قبل أن تصل به إلى النجومية، خصوصاً في التلفزيون الذي بات في السنوات الأخيرة، واحداً من ممثليه البارزين من خلال الأدوار الرئيسية التي أداها على الشاشة الصغيرة في مسلسلات "الجوارح" و"الكواسر"، والتي نجح خلالها في تقديم أداء تمثيلي يتسم بقدرة تعبيرية عالية، وحضور جذب اهتمام المشاهدين وحبهم. عشق أبو القاسم المسرح منذ عقود طويلة، وتنقل في تجارب مسرحية كثيرة، لم تمتلك في الغالب - طابع الجدية والاستمرار. لكن محطته المسرحية الأهم كانت من دون شك، مع "المسرح الوطني الفلسطيني"، وبالذات خلال المرحلة التي تعاون فيها هذا المسرح مع المخرج العراقي جواد الأسدي، فقدم عبدالرحمن أبو القاسم أداء متميزاً في عدد من المسرحيات المهمة التي أخرجها الأسدي، ومنها "حديقة الحيوان" و"العائلة طوط" وشكّل مع زميله الفنان المسرحي المتميز زيناتي قدسية ثنائياً ناجحاً، ساعدتهما في تحقيقه موهبة كبيرة وتحريك اخراجي متميز، صار صفة ملازمة للأسدي في كل أعماله. خاض عبدالرحمن أبو القاسم تجارب سينمائية متعددة مع سينما القطاع الخاص في سورية، مطلع حياته، إلا أنها لم تحقق قيمة فنية كبيرة، على عكس ما حققته تجاربه مع الدراما التلفزيونية التي جاءت أكثر جدّية ونجاحاً، سواء لجهة المضامين الإجتماعية التي حملتها، أو الأشكال الفنية التي حققت بها. فرأيناه على الشاشة الصغيرة يؤدي أدواراً متباينة الملامح، متعددة الوجوه، وإن كانت - في الغالب - تنتمي إلى أدوار الناس العاديين والأقرب إلى البساطة - والذين يمكن أن يرى فيهم المشاهد العادي شيئاً منه ومن ملامح صورته. أبرز أدوار عبدالرحمن أبو القاسم في التلفزيون دوراه في مسلسلي "الجوارح" و"الكواسر" مع المخرج نجدت اسماعيل انزور، إذ أدى فيهما شخصية الراوية اللبق والفكه في الوقت نفسه والذي تعج جعبته بحكايات ذات مغزى يتلوها على مستمعيه. هذا الدور بالذات جاء في المسلسلين، حاملاً كثيراً من المواصفات المسرحية، مضموناً واخراجاً، ما فتح أمام عبدالرحمن أبو القاسم الباب كي يحقق اداء تمثيلياً متفوقاً عن كل من شارك في تمثيل العملين، وهو ما ينطبق كذلك على أداء زميله الفنان جهاد سعد في "الكواسر" وهو الذي جاء أيضاً من تجربة مسرحية متميزة، تمثيلاً واخراجاً. ملامح معبرة عموماً يحمل عبدالرحمن أبو القاسم ملامح معبّرة تجعله قادراً على أداء أدوار متنوعة، في جانبي الخير والشر، على السواء، تساعده في ذلك بنية جسمانية ضخمة الى حدٍ ما، وموهبة كبيرة وعشق أكبر لفن التمثيل، نلحظه واضحاً في إهتمامه بالأدوار التي يؤديها. وهو إهتمام لا يقل ولا يتضاءل في الأدوار الصغيرة أو الكبيرة، ولا تثنيه عنه النجاحات الملحوظة التي حققها أخيراً في سنوات النهضة الدرامية التلفزيونية في سورية، والتي جعلت الممثل التلفزيوني منتشراً ومعروفاً في كل العواصم والمدن العربية بفضل البث الفضائي. وقد أعطتوه بنيته الجسمانية امكانات إضافية لأداء أدوار خاصة تتطلب ذلك، كما هي حال دوره في "الثريا"، مسلسل المخرج هيثم حقي، فرأيناه يؤدي دور "القط"، قاطع الطريق، ثم الثائر على الاحتلال العثماني ومن بعده الفرنسي. الملامح الشعبية التي يحملها عبدالرحمن أبو القاسم تبدو عاملاً مساعداً إضافياً في الدراما التلفزيونية التي تحتاج أدوراها المختلفة الى مثلها نضيف إلى ذلك حساسية أبو القاسم وقدرته على التجاوب مع روح النص، مسرحياً، وتلفزيونياً، فيتمكن من أداء أدوار أقرب الى روح الكوميديا، كما في "العائلة طوط" و"حديقة الحيوان"، على خشبة المسرح. أما أبرز أدواره على شاشة التلفزيون فكان في مسلسل "حرب السنوات الأربع" مع هيثم حقي، منتصف الثمانينات، وهو الذي أعاد تقديمه الى الشاشة الصغيرة، ولفتَ من خلاله أداؤه الهادئ وتعبيرية ملامحه.