انطلقت أمس "ندوة الرحالة العرب والمسلمين: اكتشاف الذات والآخر" في الجزائر ? العاصمة وتستمر حتى 24 الجاري، وهي الندوة العلمية السنوية للمشروع الجغرافي العربي "ارتياد الآفاق"، الذي يرعاه في أبو ظبي الشاعر محمد أحمد السويدي، ويشرف عليه الشاعر نوري الجرّاح، ويعتبر مشروعاً فريداً من نوعه عربياً. تعقد الندوة في المكتبة الوطنية الجزائرية في رعاية الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. تشارك في الندوة نخبة من نحو خمسين باحثاً وأكاديمياً عرباً متخصصين ومعنيين بحقلي التاريخ والجغرافيا، وأدب الرحلة بصورة خاصة، جاؤوا من اثني عشر بلداً عربياً هي: الجزائر، سورية، العراق، المغرب، السودان، مصر، تونس، عمان، لبنان، موريتانيا، الأردنوالكويت. قسمت الأبحاث والدراسات المشاركة في الندوة الى أربعة محاور، هي: "الجزائر فضاء للرحلة ? المكان الجزائري في كتابات رحالة عرب ومسلمين وأوروبيين"، "الرحلة العربية بين المغرب والمشرق"، "من حاضرة بغداد وإليها"، "الرحلة العربية الى الغرب". الدراسات والأبحاث المقدمة الى الندوة جرى تحديدها استناداً الى اعتبارات ثلاثة: رصد صور أو تجليات المكان الجزائري في نصوص أو مدونات الرحالة العرب والمسلمين وبعض الرحالة الأوروبيين الى وعبر الجغرافيا الجزائرية، خلال العصور، والتركيز على الفترة الاستعمارية بصورة خاصة، استكشاف مجالات اهتمام الرحالة العرب بين المشرق والمغرب وأطوار التبادل والتجاذب بين جناحي العالم العربي عبر المراحل التاريخية المختلفة، التشديد على المكانة الحضارية والتبادل بين الشعوب، رصد تطور رؤية الرحالة العرب للغرب من خلال مسارين أساسيين: الرحلة العربية الى أوروبا، والرحلة العربية الى أميركا. ومن الأسماء المشاركة في الندوة: محمد بن معمر الجزائر، بلبروات بن عنو الجزائر، قاسم وهب سورية، محمد رشيد الجزائر، فؤاد آل عواد سورية، خليفة حماش الجزائر، غازي الشمري الجزائر، محمد الظريف المغرب، عبدالقادر شرشار الجزائر، عبدالرحيم مودّن المغرب، سليمان القرشي المغرب، بوشنافي محمد الجزائر، عبد النبي ذاكر المغرب، لؤي عبدالإله العراق، عبدالمجيد بوجلة الجزائر، مروان العطية سورية، بوداود عبيد الجزائر، المهدي عيد الرواضية الأردن، محمد الصالحي المغرب، علي كنعان سورية، علي بدر العراق، شاكر لعيبي العراق، عبدالقادر بوباية الجزائر، نواف عبدالعزيز الجحمة الكويت، ياسين النصير العراق، عميراوي حميدة الجزائر، بوعلام بلقاسمي الجزائر، جمال ملحم سورية، محسن خالد السودان، خالد بن الصغير المغرب، حسونة المصباحي تونس، أشرف أبو اليزيد مصر، محمد بوكبوط المغرب، عز المغرب معنينو المغرب، عبدالله حمادي الجزائر... وسواهم. وتصاحب أعمال الندوة نشاطات نظمها مشروع "ارتياد الآفاق" هي "معرض كتاب الرحلة العربية في ألف عام" الذي يضم منشورات "دار السويدي" من أدب الرحلة وتقع في زهاء 60 عنواناً من كتب الرحلة التي حققها ونشرها المشروع على مدار أربع سنوات منذ أن انطلق في أبو ظبي مطلع 2001. ومعرض صور يضم مئة صورة تحت عنوان "على خطى ابن بطوطة في أقاليم العالم القديم"، وتغطي الصور بعدسة المصور الفوتوغرافي العماني بدر النعماني أربع جغرافيات طاف ابن بطوطة فيها خلال أسفاره التي امتدت ثلاثين عاماً، هي: الجزائر، المغرب، عمان، تركيا. والمعرض جزء من مشروع شامل خطط له وينفذه على مراحل مشروع "ارتياد الآفاق". وأحيا حفل الافتتاح الموسيقار العراقي وعازف العود أحمد مختار بمقطوعات مستوحاة من رحلة ابن فضلان من بغداد الى بلاد الترك والخزر والصقالبة التي تمت في القرن العاشر الميلادي وبطلب من الخليفة العباسي المقتدر بالله. وفي حفل الافتتاح ألقى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، كلمة وكذلك أمين عام المجمع الثقافي الشاعر محمد أحمد خليفة السويدي، ووزيرة الثقافة الجزائرية خليفة تومي والمشرف على مشروع "ارتياد الآفاق" الشاعر نوري الجرّاح. وفي تعليقه على أبحاث الندوة قال راعي مشروع "ارتياد الآفاق" الشاعر محمد أحمد السويدي: "لا شك لدينا في أن أبحاث "ندوة الرحالة العرب والمسلمين" في دورة الجزائر كما في دورتها الأولى في الرباط وكما ينتظر منها أن تكون في دورات أخرى مقبلة في عواصم العالمين العربي والاسلامي ستكون رافداً مهماً لحركة البحث العلمي في هذا الحقل الخطير الذي بدأ البحث فيه يزدهر بفعل تجدد الاهتمام العربي بأدب الرحلة، وتجدد الرغبة في وعي الذات لآخرها في عالم متصل على كوكب يتموج بالثقافات، ويتنادى الخيرة من بشره ليتلاقوا بالمعنيين الإنساني والحضاري". وقال المشرف على المشروع الشاعر نوري الجراح: "تعقد الندوة في دورتها الثانية على أرض الجزائر لتؤكد من خلال أعمالها ما يتمتع به هذا البلد/ القارة من مكانة جيوبوليتيكية استثنائية في إطار المغرب العربي الكبير والشمال الافريقي، وعلى خريطة العالمين العربي والإسلامي. فالمكانة المميزة التي يمثلها الموقع الجغرافي للجزائر ورصيده التاريخي جعلها قبلة للأنظار على مدار عصور، ومختبراً حياً للتفاعل بين ثقافات متعددة، وميداناً متقدماً للصراع العسكري بأبعاده المختلفة، الاقتصادية والسياسية والفكرية بين إرادات الشرق والغرب، الشمال الافريقي والمركز العثماني في مرحلة متأخرة. ويمكن أن نضيف هنا خصوصية مغاربية تتمثل في حوار حواضر الشمال مع الجنوب الصحراوي. وهذا كله يتجلى في أبحاث الندوة، ومناقشات المنتدين".