ارتبطت حوادث السير في المغرب، خلال فترات الاحتقان السياسي، أو ما يعرف ب"سنوات الرصاص"بمحاولات التصفية الجسدية للخصوم السياسيين. فالمعارض المغربي المهدي بن بركة تعرض لحادث سير في الطريق بين الرباط والدار البيضاء العام 1963، قبل ان يتم خطفه واغتياله في باريس في 29 تشرين الأول اكتوبر 1965 في ظروف ما زالت ملابساتها تسيل الكثير من الحبر والاسئلة الحرجة. والجنرال أحمد الدليمي القائد السابق للقوات المغربية في المحافظات الصحراوية قضي في حادث سير في الطريق بين مراكشوالرباط العام 1983. وكانت جرت محاكمته في باريس على خلفية خطف بن بركة الذي أصابت لعنة موته متورطين بمقتله، ومنهم الجنرال محمد أوفقير الذي قيل انه انتحر بعد فشل محاولته الانقلابية لإطاحة نظام الملك الراحل الحسن الثاني العام 1973، وكذلك العميد الغالي الماحي الذي قضى في حادث سير في الفترة ذاتها، علماً انه يعرف"الطالب"الذي استدرج بن بركة الى مقهى"ليبب"في باريس يوم خطفه. كما غيبت حوادث السير في البلاد وزراء سابقين ومسؤولين متنفذين في اجهزة الاستخبارات وفنانين ومثقفين ورجال اعمال واعضاء في البرلمان، في ظروف غامضة ارتبطت بما يطلق عليه المغاربة"حرب الطرق". وما زال المغاربة يذكرون كيف ان الأميرة نزهة شقيقة الملك الحسن الثاني وزوجة رئيس الوزراء السابق أحمد عصمان قتلت بدورها في حادث سير بين تطوانوالرباط العام 1979. الأرقام تعكس هول المأساة التي تصيب المغاربة جراء تنامي حوادث السير التي تحصد سنوياً أرواح اكثر من ثلاثة آلاف شخص وتصيب اكثر من 15 ألفاً بجروح. ويقدر خبراء حجم الخسائر المالية، من جراء هذه الحوادث، بما يفوق 330 مليون دولار. ونظراً الى خطورة الظاهرة والرغبة في الحد منها، رأس العاهل المغربي الملك محمد السادس شخصياً"مجلس حرب ضد الطرق"، في حضور الوزراء المعنيين ومسؤولي الأمن والدرك. وتقرر تشديد الاجراءات في فرض حزام السلامة ومنع استخدام الهاتف المحمول ورفع قيمة الغرامات على مخالفي قوانين السير وتنظيم حملات توعية للرأي العام بمخاطر الظاهرة. وقال وزير التجهيز كريم غلاب ان الحكومة بصدد اقرار قانون جديد للسير مع التشدد في اجراءات تسليم رخص القيادة. لكن خبراء يرون ان اوضاع الطرق المغربية تحتاج الى مزيد من الصيانة وتحديث شبكتها، خصوصاً ان بعض المسالك الوعرة في مناطق شمالية وجنوبية تشهد المزيد من الحوادث. كما ان الطرقات ما زالت وبعد مرور حوالي 50 عاماً على استقلال البلاد، تقتصر على محاور محددة بين الرباط والدار البيضاء أو بين الرباط وفاس، أو العاصمة وطنجة، عبر مسافات تصل الى 600 كلم في اكثر تقدير.