يبدو ان الانفتاح الواسع للعراقيين على عالم البث الفضائي الذي ظل مغلقاً امامهم لسنوات طويلة، اثمر تحولاً لافتاً، فلم يعد الكتاب مصدراً ثقافياً رئيساً بل تراجع لمصلحة التلفزيون. واظهر استفتاء رسمي ان ثمانية وثمانين في المئة من الشباب العراقي يفضلون التلفزيون على وسائل الاتصال الاخرى، وان 86 في المئة من الشباب يتابعون البرامج التلفزيونية المحلية، و62 يفضلون الفضائيات العربية. وتتراجع النسبة الى 13 في المئة في ما يخص متابعة الفضائيات الاجنبية. ويرى63 في المئة من المستفتين ان للفضائيات تأثيراً ايجابياً، فيما يرى 28 في المئة ان له تأثيراً سلبياً. الاستطلاع الذي اجرته وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية بالتعاون مع منظمة الاممالمتحدة للطفولة" يونيسف" اشار الى ان 56 في المئة من المشاركين في الاستطلاع لا اهتمامات ثقافية لهم، وان الموسيقى والاخبار في مقدمة اهتمامات متابعي التلفزيون ثم البرامج الدينية. الشباب العراقيون على مفترق طرق من موروث ثقافي قائم على العزلة والخشية من الآخر، كما رسخه اعلام النظام السابق وثقافته، واستجاباته بدت واضحة حيال وسائل الاتصال المعاصرة واشكال الانفتاح على العالم . وتوضح نتائج الإستطلاع ان 88 في المئة من الشباب المشاركين يفضلون التلفزيون بين وسائل الاتصال الاخرى وياتي الراديو بعده بنسبة 74 في المئة والصحافة المكتوبة بنسبة 70. برامج التسلية والمعرفة هي الأكثر استحواذاً على ما يتابعه الشباب من البرامج، في حين يتدنى الاهتمام بالاخبار المحلية الى 34 في المئة، فيما ابدى 18 في المئة من الشباب رغبتهم في المشاركة في برامج التلفزيون الرياضية والدينية والثقافية وفي برامج المسابقات. الاستطلاع شمل نحو 10500 عائلة شكلت نسبة الشباب فيها اكثر من النصف قليلاً، وشكل الطلبة نحو النصف، وكانت غالبية العائلات التي شملها الإستطلاع من المدن 61 في المئة, فيما كان 39 من المناطق الريفية. من النتائج البارزة للاستطلاع رفض معظم المشاركين استخدام العنف وسيلة لحل المشكلات. وقال 85 في المئة من العينة التي يشكل المراهقون 68 في المئة منها والبقية تتفاوت أعمارهم بين 19 و24 عاماً، انهم ضد العنف حلاً للمشكلات السياسية والإجتماعية، وان 93 في المئة من المستطلعين كانوا ضد اطلاق النار ابتهاجاً او حزناً في المناسبات، معتبرين انها "ظواهر تضر بالناس وترعب الاطفال والمسنين وتؤدي الى اضطرابات فيزيولوجية وتعتبر خرقاً لحقوق الآخرين". في القراءة ابدى 40 في المئة من الشباب رغبة في قراءة الكتب والمجلات فيما تدنت نسبة قراء الصحف الى 32 في المئة بينما يفضل 47 في المئة من محبي القراءة الموضوعات الدينية ثم القضايا الثقافية والعلمية فالرياضية. 57 في المئة من المستطلعين لا اهتمامات ثقافية لهم، وكان من يرسمون 18 في المئة والذين يكتبون الشعر 18 من النسبة ذاتها تقريباً ممن يكتبون المقالة. وفي التراجع عن المؤشرات الثقافية التقليدية للشباب في العراق، ومن بينها ارتياد السينما نجد ان ثلاثة في المئة فقط يرتادون صالات السينما، فيما رد البقية سبب عدم مشاهدتهم السينما اما لغياب هذه الصالات او لانهم لا يهتمون بها. اجتماعياً يرى نحو ستين في المئة من المستطلعين ان "النساء ادنى درجة من الرجال" وسجلت النسبة مؤشرات مرتفعة بين سكان الريف ومن هم في اعمار متقدمة. واجمع 93 في المئة على ان عمل الفتاة يجب ان يقترن بموافقة الاب، وشدد نحو 85 في المئة على ان "الزوجة ملزمة بطاعة زوجها حتى لو لم توافقه الرأي"، واوضح 75 في المئة على ان "العائلات يجب ان تتشدد تجاه الفتيات اكثر من الصبيان"، ورأى نحو 57 في المئة ان "للزوج الحق في ضرب زوجته اذا عصيت امره", وقال 44 في المئة ان "الفتيات يجب ان يتزوجن من الاقارب اذا شاء الآباء ذلك". معظم المستفتين مع انخراط النساء في العمل السياسي و40 في المئة رأوا ان "السياسة هي وقف على الرجال"، ووافق 76 في المئة على ان "النساء قادرات على احتلال مواقع قيادية في البلاد". لم يتضمن الاستطلاع أجوبة عن اسئلة باتت اساسية في ما يخص التغييرات السياسية التي شهدها العراق في فترة ما بعد حكم صدام حسين، بينما كانت البطالة وفرص العمل وضمانات المستقبل محاور استطلاع سابق لوزارة التخطيط. غير ان لا نتائج جديدة لاستبيانات تقرأ رؤية الشباب العراقي الى الوجود العسكري الاجنبي، والموقف من العمليات المسلحة والاختلاف في تحديد اذا كانت "إرهاباً" أو "مقاومة مشروعة"، فضلاً عن غياب قراءات واحصاءات رسمية عن تعاطي الشباب العراقي للتيارات السياسية الجديدة، والرأي في النشاط السياسي داخل الجامعات، والموقف من حق الأقليات القومية والدينية في البلاد.