ارادت الحكومة الاشتراكية الاسبانية ان تكون بلادها اولى بلدان اوروبا في تنظيم استفتاء على الدستور الاوروبي الجديد، وذلك من بين 11 دولة قررت ذلك، على رغم ما يحمله ذلك من سلبيات ومخاوف كانت السلطة الاسبانية تعرفها وتعي نتائجها. ولا شك في ان رئيس الوزراء الاسباني خوسيه رودريغيث ثاباتيرو جاذف في استعجاله تتنظيم هذا الاستفتاء، لاسباب عدة، ربما اهمها عدم خبرته في السياسية الاوروبية - الاسبانية وعدم استشارة رفيقه في الحزب خافيير سولانا او وزير خارجيته ميغيل انخل موراتينوس. وجاء هذا القرار خدمة لفرنسا نظراً الى ان الاشتراكيين الفرنسيين منقسمون بين مؤيد للدستور رئيس الحزب الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند ومعارض، مثل ثاني رجل في الحزب لوران فابيوس، واعتقاداً منه ان الفرنسيين والاوروبيين سينظرون الى مدى تمكن الاشتراكيين الاسبان من الفوز في انجاح ال"نعم"على الدستور الاوروبي. اما الحزب الشعبي الذي كان رئيسه السابق خوسيه ماريا اثنار اول من تعهد بتنظيم استفتاء شعبي على الدستور عندما كان رئيساً للوزراء، فإنه لم يتراجع عن دعمه للدستور، لكنه استعمل حملته لانتقاد السياسة الداخلية للحكومة الاشتراكية وتسرعها في تنظيم استفتاء ابعاده اوروبية. وربما ساهم ذلك في ايجاد جو من اللامبالاة لدى الناخبين الشعبيين الذين يتساوى عددهم تقريباً مع الاشتراكيين. اما المسوؤلون الاشتراكيون فجعلوا من هذا الاستفتاء قضية لهم وحشدوا قوتهم من اجل انجاحه، مطالبين بالمشاركة الشعبية المكثفة فيه، لأنه لا خوف عليه سوى من نسبة عدم المشاركة اذا تدنت عن الثلاثين في المئة. ومن الاسباب الاخرى رغبة ثاباتيرو في التعبير عن اوروبيته والمزايدة على سلفه اثنار الذي يتهمه الاشتراكيون بأنه ساهم في عرقلة تقدم الاتحاد، والاستمرار في اتباع سياسة اوروبية قوية الى جانب المانيا وفرنسا من بين امور اخرى. وعلى رغم ان نتائج الاستفتاء لا تربط الحكومة مهما كانت بل انها استشارية تعبر فقط عن رأي الشعب، دعي اكثر من 34 مليون ونصف المليون من الناخبين الاسبان الى صناديق الاقتراع. ويمثل المؤيدون للدستور نسبة 85 في المئة في مقابل 15 في المئة تعرضه وهي الاقليات الراديكالية مثل اليسار الموحد واليسار الجمهوري الكاتالاني. لكن قلة اهتمام الشعب بدستور اوروبي لم يُمنح الوقت الكافي لقراءته والاطلاع عليه، اضعف نسبة المشاركة التي لم تصل الى حدودها السفلى. وشارك ملك اسبانيا وزوجته اللذان لا ينتخبان عادة، في الاستفتاء. واقترعا لتشجيع المواطنين على ذلك. وقال ثاباتيرو بعد الاقتراع ان الدستور"يفتح الباب امام اوروبا القوية والمتحدة بمستقبل اكثر رفاهية". وشهد اليوم نفسه الذي انتخاب البرتغاليين بديلاً من رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل دوراو باروسو اذ يتوقع فوز الاشتراكي خوسيه سقراط ربما بالاكثرية الساحقة على المحافظ بيدرو سانتانا لوبيس، بعد 3 سنوات من ولاية الائتلاف الحاكم، ليواجه تحديات الانخراط في المشروع الاوروبي الجديد وتقريب البرتغال من اوروبا اكثر، اجتماعياً و سياسياً.