بدأت العائلة العراقية تتخلى "شيئاً فشيئاً" عن الكثير من عاداتها وطقوسها عند إقامة مراسم الزواج سواء في المدن أو في الأرياف، واختفت طقوس من حياة العراقيين، فلم تعد مشاركة الفرق الموسيقية ودعوة المطربين أو الفرق الشعبية من ضرورات الاحتفال، وغابت رقصات الدبكة وأنواع أخرى من الرقص المعروف. كما لم يعد العراقيون حريصين على توجيه بطاقات دعوة لعدد كبير من الأقارب والأصدقاء لمشاركتهم الفرحة بالزواج، بل أصبح الاحتفال يقتصر على قلة قليلة من الأقارب. وأدى الوضع الأمني السيئ الذي طرأ على المجتمع إلى تغيير كبير في معالم الوضع الاجتماعي. فمدينة تكريت 160 كيلومتراً شمال بغداد تقيم أعراسها في جو هادئ بلا صخب وفي احتفال عائلي بسيط جداً يتضمن دعوة غداء ثم الذهاب بعدد قليل من السيارات المزخرفة لزفة العروس إلى بيت الزوجية بدلاً من الفندق الذي الغي وجوده كلياً بسبب انهيار فندق المدينة الرئيس "فندق تكريت" نتيجة استهدافه من القوات الاميركية. وأضحت المدينة تفتقر إلى فندق أو قاعة لإقامة حفلات الزواج، فقد اعتاد أبناء المدينة على حجز النوادي أو القاعات أو الفنادق لإقامة مراسم الزواج، وأصبحت "الحدائق" و"بهو الدار" ونصب بيوت شعر امام الدور المكان الذي تقام فيه هذه المراسم، انما بلا فرق موسيقية وشعبية إذ يستعاض عنها بالتسجيلات الصوتية. وتعيش العائلة العراقية "برمتها" وضعاً نفسياً صعباً بسبب الاحتلال وتدهور الوضع الأمني والمعيشي. فإما احد أبنائها في المعتقل، وإما استشهد، وإما مهاجر خارج البلاد، الأمر الذي لا يساعد على أقامة حفلات الزواج. يقول خالد نعيم: "تزوجت في جو هادئ جداً ودعوت الأقارب المقربين فقط، ولم يكن هناك حفل غنائي أو رقص شعبي بسبب الوضع الأمني والمعيشي الصعب". ويقول ناظم احمد: "حفلة زواجي كانت بسيطة جداً وتزامنت مع إطلاق سراح شقيقي من المعتقل بعد سنة وستة شهور ومع ذلك لم نستطع إن نقيم المراسيم مثل حجز قاعة لإقامة الحفل وحجز غرفة في الفندق للعروس وإقامة احتفال غنائي أو دبكات شعبية". وبدورها تقلصت المائدة العراقية فلم تعد كبيرة وتفتح الشهية كما كان الحال في السابق بل اصبحت تمتاز بالبساطة بسبب ارتفاع الاسعار. وتقول نادية: "لم نقم حفل الحناء في بيتنا ليلة الزواج بسبب الوضع الأمني السيئ، فهناك حظر تجول في المساء وحفل الحناء يقام في الليل بحضور حشد من نساء المحلة والجيران والأقارب وهو ما يتعذر حالياً".