شهد المعدن الأصفر خلال اليومين الماضيين، تراجعاً حاداً في أسعاره، بلغ أكثر من 4 في المئة، وسجلت البورصة صبيحة يوم الاثنين، 1532 دولاراً لأونصة الذهب، في واحدة من أكثر الحالات تهاوياً، لتصل خسائره منذ مطلع الشهر إلى 13 في المئة في أكبر انخفاض منذ الأزمة المالية في تشرين الأول (أكتوبر) 2008. وتهاوت الفضة 14 في المئة إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر، مسجلة 26.65 دولار، لتتجه صوب أكبر خسارة يومية في نحو ثلاثة أعوام. واستبعد تجار وخبراء أن يكون هذا انهياراً، واصفين ما يحدث بأنه تصحيح حاد، وأكد أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور وديع كابلي، أن هذا تصحيح طبيعي نتيجة للارتفاعات الشديدة التي حدثت في شهر آب (أغسطس) الماضي، اذ لم تكن تلك الارتفاعات مبررة وإنما جاءت نتيجة لحالة فزع أكثر منها نتيجة وقائع اقتصادية حقيقية، بيد أن هذا التصحيح يمكن أن يستمر فترة بسيطة، وإذا ساءت الأحوال الاقتصادية أكثر يعود للارتفاع. ونفى كابلي في حديثه ل«الحياة» أن «يسمى ذلك انهياراً لأنه مصاحب لارتفاع مفاجئ لسعر الدولار، وهو الصورة المقابلة له، إذ يقدر الذهب ويسعر بالدولار، وفي حال ارتفع السعر ينخفض الدولار، وفي حال ارتفع سعر الدولار ينخفض الذهب في المقابل كما حدث لسعر البترول أيضاً نتيجة لتسعيرها جميعاً بالدولار». وحول التوقعات باستمرار الذهب في الانخفاض قال: «إذا استمر الركود العالمي وتحول إلى حالة تراجع سيقل الإقبال على جميع السلع بما فيها الذهب والفضة والألومنيوم والحديد والبترول في حالة الانكماش الاقتصادي»، مشيراً إلى انخفاض أسعار الأسهم في جميع دول العالم خوفاً من حصول حالة التراجع هذه، نافياً أن يكون لتراجع الذهب تأثير في الاقتصاد المحلي، مؤكداً أن «التأثير في غالبيته نفسي وعلى المضاربين فقط، أما بالنسبة للدول فهي لا تتاجر ولا تضارب في الذهب»، مؤكداً أن «التأثير يقتصر على المضاربين، إذ ان كثيرا منهم يحتفظ ب«خمسة أو 10 في المئة من مجموع استثماراته في الذهب وهذه نسبة ثابتة، سواء زاد سعر الذهب أو انخفض». وعلل رئيس لجنة الذهب في غرفة الشرقية تراجع أسعار الذهب بأن «الصعود السريع الحاد يعقبه نزول حاد، وفي جميع الحالات أي ارتفاع لا بد له من نسبة نزول وتصحيح وتذبذب»، وأضاف: «الذهب استمر لفترة في الصعود الحاد من دون تصحيح، لذا جاء تصحيحه شديداً هذه المرة، مسجلاً انخفاضاً حاداً»، مرجحاً أن يكون السبب «تعديل أوضاع اقتصادية في أميركا وأوروبا يمكن أن يكون لها تأثير مباشر»، إضافة إلى «دور الأسباب الفنية والاقتصادية». وحول إمكان استمراره في النزول قال الحمد: «الأمور غير واضحة واكتفاء الذهب بهذا النزول وارد نتيجة احتمال تحقيقه الهدف الفني (دبل توب)، أو اقترابه من تحقيقه»، مشيراً إلى أن «ما يحدث للذهب إلى حد الآن يسمى تصحيحاً حاداً ما الانهيار، فيحدث في حال واصل نزوله إلى 1200 أو ألف دولار للأونصة». وحول تأثير ذلك في الاقتصاد الوطني قال: «اقتصادنا لا يقوم على إنتاج الذهب»، متوقعاً تضرر «المستثمرين المضاربين في أسواق الذهب والمتعاملين مع أسواق الشبكة العنكبوتية (الفوركس)، بسبب عدم توقعهم هذا النزول وتأملهم ارتفاعاً أكبر». من جانبه، عزا تاجر الذهب عبدالمنعم الناصر في حديثه ل«الحياة» الانخفاض إلى «بيع مستثمري أوروبا وأميركا الذهب من أجل شراء السندات والدولار الذي يشهد ارتفاعاً، ما تسبب في المقابل في انخفاض حاد في أسعار الذهب»، نافياً أن يكون هذا انهيار، على رغم نزوله بنحو 400 دولار»، مشيراً إلى أنه «تصحيح»، لافتاً إلى أنها «المرة الأولى منذ سنوات التي يشهد الذهب نزولاً بمقدار 130 دولاراً في يوم واحد». واعتبر أن «من الطبيعي أن يتكبد المستثمرون السعوديون في قطاع الذهب خسائر»، لافتاً إلى توقعات بأن يواصل الذهب انخفاضه إلى 1427 دولاراً، ويعقب ذلك ارتفاعه من جديد إلى 1898 دولاراً خلال الأسبوعين المقبلين»، مشيراً إلى «إيقاف البنوك العالمية تعاملاتها في البيع والشراء صباح الاثنين، بسبب النزول الحاد وقال: «منذ عام ونصف العام اتجه تجار ذهب وألماس إلى استبدال نشاطهم بالعقار والفضيات والملابس»، مؤكداً أن «مكسب الفضيات أفضل من الذهب، إذ يمكن أن يشتري التاجر القطعة بعشرة ريالات ومن ثم يبيعها ب300 ريال»، مؤكداً أن «الإقبال على الفضيات قوي». وأشار إلى «افتتاح نحو خمسة مصانع وورش للفضة، في حين تراجع عدد ورش الذهب في المنطقة من مئة إلى ثلاث فقط»، وأوضح أن سعر أونصة الفضة في السابق كان ثلاثة دولارات وبعدها ارتفعت إلى 50 دولاراً، في حين نزلت حالياً إلى 26 دولاراً».