وافق القضاء البريطاني، أمس، على الإفراج بكفالة عن ثلاثة أشخاص معتقلين بموجب قوانين مكافحة الارهاب، في أول خطوة من نوعها منذ النكسة التي مُنيت بها وزارة الداخلية بقرار مجلس اللوردات، نهاية العام الماضي، عدم شرعية اعتقالهم. ولم تعترض وزارة الداخلية أمام القضاء على طلب محامي الثلاثة إطلاقهم بكفالة، لكنها طلبت إخضاعهم لإجراءات تسمح بمراقبتهم بعد خروجهم من السجن. ولا تشمل قرارات أمس الشيخ الفلسطيني"أبو قتادة"، وهو أحد أبرز الموقوفين في سجن بلمارش جنوب شرقي لندن. وفي حين تأكد أن بين الذين سيُفرج عنهم الفلسطيني محمود أبو ريدة المتهم بالارتباط بأسامة بن لادن، فإن القوانين البريطانية تمنع نشر اسمي الشخصين الآخرين. والثلاثة بين 11 شخصاً اعتقلوا بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الخاصة بالأجانب والتي أقرتها السلطات مباشرة بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 . وحكم مجلس اللوردات بعدم شرعية هذا القانون لأنه يميّز بين الأجانب والبريطانيين في شبهة تهديد الأمن القومي وفي سماحه باعتقالهم إلى أمد غير محدد ومن دون إحالتهم إلى محكمة ليعرفوا طبيعة التهم الموجهة إليهم. ووافقت لجنة استئناف خاصة بالهجرة أمس على طلب محاميّ أبو ريدة إطلاقه بكفالة. وكان محاموه يدرسون حتى بعد الظهر مع محاميّ وزارة الداخلية شروط إطلاقه من سجن مستشفى برادمور غرب لندن الذي نُقل إليه في العام 2002 من سجن بلمارش لتدهور حاله النفسية. واعتُقل أبو ريدة في 19 كانون الأول ديسمبر 2001، ويشكو قريبون منه من سوء وضعه الصحي، علماً أن سلطات الهجرة كانت وافقت على طلبه اللجوء كونه تعرّض للتعذيب على يد السلطات الاسرائيلية قبل مجيئه إلى بريطانيا في العام 1995 . ورغم أن طبيعة الاتهامات ضده لم تُعلن أبداً، إلا أن لجنة الاستئناف الخاصة بالهجرة كانت وافقت في تشرين الأول أكتوبر 2003 على مزاعم أجهزة الاستخبارات البريطانية بأنه متورط في جمع تبرعات لمجموعات إرهابية مرتبطة ب"القاعدة". وجادل محاموه بأن زياراته لأفغانستان كانت مرتبطة بجهوده لفتح مدرسة لأبناء المتحدثين بالعربية وحفر آبار وتقديم مساعدات غذائية للأفغان. أما بالنسبة إلى الرجلين الآخرين اللذين وافق القضاء على الإفراج بكفالة عنهما، فإن القانون يمنع كشف هويتيهما. إلا أن المحامين أشاروا إليهما في المحكمة أمس باسم"أ"و"ب"، وهما جزائريان يُشتبه في ضلوعهما في نشاطات إرهابية. ورغم موافقة المحكمة على طلب إطلاقهما بكفالة، إلا أن محاميهما اصطدموا مع محاميّ وزارة الداخلية الذين اشترطوا وضعهما في إقامة جبرية للسماح بإطلاقهما. وقال بن إيمرسون، محامي الدفاع عنها، إنهما يقبلان وضع قيود على نشاطهما ولكن ليس اخضاعهما لإقامة جبرية لأن ذلك سيكون تكراراً للوضع الذي هما فيه الآن. وأوضح أنهما يقبلان العيش في مكان محدد، وأن يُربط بهما جهاز لمراقبة تحركاتهما، وأن يخضعا لحظر حركة في أوقات معيّنة، ولكن لن يقبلا الإقامة الجبرية. ورد محامو الحكومة بأنهم لن يقبلوا إطلاقهما إلا إذا وافقا على الإقامة الجبرية، مثلما فعل جزائري ثالث كان أُفرج عنه العام الماضي بعدما قبل بهذا الشرط. وكان وزير الداخلية البريطانية تشارلز كلارك أعلن الأسبوع الماضي رد الحكومة على قرار مجلس اللوردات الخاص بقانون مكافحة الإرهاب، وأقر بأن اللوردات محقون في ملاحظتهم أن القانون يميّز بين الأجانب والبريطانيين. واقترح لمعالجة هذا النقطة تقديم قانون جديد لمكافحة الإرهاب يشمل الأجانب والبريطانيين. وبالنسبة إلى قرار اللوردات الخاص بسجن المشتبه فيهم من دون محاكمة، اقترح كلارك نقل الموقوفين من بلمارش إلى بيوتهم ليعيشوا في إقامة جبرية. كذلك كشف أنه يجري اتصالات مع دول عربية لمعرفة إمكان ترحيل الموقوفين إليها.