اعتقلت السلطات البريطانية، فجر أمس، 10 أشخاص أجانب قالت انهم يُشكّلون تهديداً للأمن القومي وانها تنوي ترحيلهم. ولم تعلن وزارة الداخلية البريطانية اسماء الموقوفين، لكن عُلم ان ثمانية منهم كانوا من المعتقلين على ذمة القانون السابق لمكافحة الإرهاب وأفرج عنهم بداية السنة بموجب ما يُعرف ب"اجراءات الحد من الحرية"كونترول أوردر، وعلى رأس هؤلاء الشيخ عمر محمود أبو عمر أبو قتادة الفلسطيني. وجاء اعتقال الأخير بعد يوم من توقيع بريطانيا والأردن مذكرة تفاهم تأمل لندن بأن تتيح لها ترحيله الى عمّان. وتنوي بريطانيا أيضاً توقيع مذكرات تفاهم مع 10 دول عربية أخرى لتسهيل ترحيل طالبي لجوء تعتبرهم خطراً على أمنها. وشنّت أجهزة الأمن السادسة صباحاً عمليات دهم مختلفة بناء على قوانين الهجرة في لندن ولوتون ولسيترشير وغرب ميدلاند وسط انكلترا وجنوبها. وقال وزير الداخلية تشارلز كلارك، في بيان، ان"جهاز الهجرة اعتقل اليوم أمس عشرة أشخاص اعتقِدُ انهم يشكّلون خطراً على الأمن القومي". وتابع ان"ظروف أمننا القومي تغيّرت، ومن الضروري ان نأخذ اجراء ضد اولئك الذين يهددونه الأمن". ورفض تسمية العشرة. وأضاف ان"قانون الهجرة للعام 1971 يمنحني السلطات لترحيل أشخاص، واعتقالهم في انتظار ترحيلهم". وأشار الى ان حكومته نجحت"بعد شهور من العمل الديبلوماسي"في الحصول على"الضمانات الضرورية"لترحيل طالبي لجوء"من دون ان يتعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة". وشددت وزيرة الدولة في وزارة الخارجية هيزيل بليرز، في لقاء مع إعلاميين شاركت فيه"الحياة"، على ان الاعتقالات التي حصلت أمس لا تستهدف الجالية المسلمة. وقالت ان"سلطات مكافحة الارهاب هي ضد الارهاب وليس ضد الجاليات". ورفضت انتقادات تقول ان ما تفعله الحكومة البريطانية هو"عقاب جماعي"ضد الجالية الاسلامية، ولفتت الى ان المجتمع البريطاني بقي متماسكاً وموحداً عقب موجتي التفجيرات التي استهدفت لندن الشهر الماضي. وقالت ان حكومتها تريد ان تعمل مع الجالية المسلمة لمنع جذب الشبان المسلمين الى التيارات المتطرفة. وأكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية ان بعض المعتقلين أمس هم فعلاً من بين الذين كانوا موقوفين على ذمة القانون السابق لمكافحة الارهاب في سجن بلمارش. وأوضح ان نشر اسمائهم أو جنسياتهم ممنوع بقرار قضائي صدر منذ كانت قضيتهم أمام المحاكم العام الماضي وقبله. ورفض تأكيد أو نفي معلومات أشارت الى ان أحدهم لبناني. لكنه أوضح ان العشرة نُقلوا الى سجن وود هيل ووضعوا في جناح خاص وانهم يُعتبرون سجناء"درجة أ"وهي درجة السجناء الخطيرين. وعلى رغم ذلك، أقر المسؤول بأن أياً منهم ليس معتقلاً بتهم ارهابية، بل فقط على ذمة قوانين الهجرة تمهيداً لترحيلهم. وأشار الى ان الموقوفين العشرة يحظون برعاية خاصة بالسجناء الاسلاميين ويمكنهم الحصول على نسخ من القرآن الكريم وطعام اسلامي. وأوضح أيضاً انه يحق لهم استئناف قرار ترحيلهم أمام محكمة خاصة بشؤون الهجرة. لكنه قال انه لا يعرف اذا كانوا يستطيعون استئناف قرار محكمة الهجرة أمام هيئة قضائية أعلى. وشدد على ان هؤلاء يشكّلون خطراً على الأمن القومي، وبعضهم"من أخطر الناس الذين تعاملنا معهم". في غضون ذلك، علمت"الحياة"من مصادر مطلعة ان معظم موقوفي أمس جزائريون، وان ثمانية منهم كانوا من بين الموقوفين في سجن بلمارش جنوب شرقي لندن على ذمة قانون الارهاب لعام 2001 الذي يتيح اعتقال أجانب يُشتبه في تهديدهم الأمن القومي ولا يمكن ترحيلهم الى دولهم خشية تعرضهم لتعذيب أو سوء معاملة. وخسرت الحكومة مطلع هذه السنة معركتها لمواصلة اعتقال هؤلاء بعدما رأى مجلس اللوردات، أعلى هيئة قضائية في البلاد، ان القانون الذي يتيح اعتقالهم مجحف وتمييزي، إذ انه لا يشمل سوى الأجانب، ولا يتيح لهم معرفة الاتهامات الموجهة اليهم، كما انه يسمح باعتقالهم لفترات غير محددة من دون محاكمة. واضطرت الحكومة الى اطلاقهم، لكنها استطاعت تمرير قانون بديل في البرلمان يسمح بالحد من حرياتهم، من خلال وضع حلقة في أيديهم أو أرجلهم لمعرفة تنقلاتهم، ومنعهم من تلقي زيارات غير مرخصة مسبقة في منازلهم، وحرمانهم من استخدام الانترنت أو الهاتف. ولم تشمل اعتقالات أمس الفلسطيني محمد أبو ريدة أبو رسمي الحاصل على اللجوء في بريطانيا والذي كان معتقلاً على ذمة القانون السابق لمكافحة الإرهاب. وأفرج عن أبو ريدة هذه السنة بعدما قضى فترات طويلة في مستشفى للأعصاب، وقال اطباء انه كاد يجن وحاول ايذاء نفسه. وإضافة الى عمر أبو عمر وأبو ريدة، أفرجت السلطات البريطانية قبل شهور عن جميع رفاقهما المعتقلين على ذمة قانون الارهاب السابق في سجن بلمارش، وبين هؤلاء: لاجئ جزائري يُتهم بأنه ساعد خلية ارهابية في بريطانيا ومقاتلين في الشيشان الموقوف أ، وجزائري مقعد كونه مصاب بشلل الأطفال 34 سنة ويُتهم بأنه عضو في خلية ارهابية الموقوف ج، وجزائري دخل بريطانيا عام 1998 ومتهم بأنه كان يخطط لعملية ارهابية بمواد كيماوية الموقوف ك، وجزائري 33 سنة متهم بأنه عضو في خلية ارهابية في بلاده وقدم مساعدات لإرهابيين مزعومين في الجزائر والشيشان الموقوف ب، وجزائري 32 سنة دخل بريطانيا عام 1993 بعدما قاتل في افغانستان الموقوف أتش، وجزائري تقول الحكومة انه على علاقة بجماعة ارهابية الموقوف بي، وتونسي 51 سنة يُزعم انه عضو في جماعة تونسية متشددة الموقوف إي، وجزائري اعتُقل في نيسان ابريل 2002 واتُهم بجمع مساعدات لإرهابيين الموقوف آي، وجزائري اعتُقل في كانون الثاني يناير عام 2003 الموقوف كيو. وعُلم ان الذين اعادت السلطات اعتقالهم أمس مع الشيخ أبو قتادة هم من بين هؤلاء الجزائريين الذين لا يمكن تسميتهم لأسباب قانونية. والتونسي والفلسطيني أبو ريدة ليسا بين هؤلاء، لكن وسائل اعلام بريطانية أكدت ان الموقوفين"آي"و"كيو"بين الموقوفين أمس. ولم يمكن معرفة من هما الشخصان الآخران - من خارج"ثمانية بلمارش"- المعتقلان أمس على ذمة قوانين الهجرة، لكن تردد ان أحدهما لبناني. وفي حين أكدت المحامية البارزة غاريث بيرس اعتقال موكلها"أبو قتادة الفلسطيني"، وقال مكتبها انه علم بالاعتقالات من عائلات الموقوفين وبينهم شخص كان يعالج في مستشفى للاعصاب جزائري، استنكر"المرصد الإعلامي الإسلامي"، في بيان، الاعتقالات الجديدة واعتبرها"حملة تعسفية تجاه العرب والمسلمين". وأكد ان الموقوفين يحق لهم استئناف قرار توقيفهم، معتبراً اتفاق تبادل المطلوبين بين لندن وعمّان اتفاقاً سياسياً بين حكومتين وليس اتفاقاً قانونياً، خصوصاً ان البرلمانيين البريطاني والأردني لم يوافقا عليه ليصبح تشريعاً.