اطلق القضاء البريطاني جزائريا معتقلا للاشتباه بعلاقته بالارهاب بكفالة لاصابته باضطرابات ذهنية خلال الاعتقال، وذلك خلافا لرأي وزارة الداخلية، فيما حذر جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني من "تهديد محدد" بوقوع اعتداء كيماوي او بيولوجي ينفذه تنظيم "القاعدة" على مجلس العموم البرلمان. وتحدثت الاستخبارات عن هذا التهديد في مناقشة الاثنين لضرورة تخصيص 1.3 مليون جنيه استراليني 2.3 مليون دولار لاقامة حاجز من الزجاج الدائم بين المجلس والبهو المخصص للزوار. وقد صوت النواب لمصلحته. وابلغ المسؤول الكبير في حزب العمال الحاكم بيتر هين المجلس ان حاجزا زجاجيا موقتا وضع اصلا في ضوء نصيحة امنية واضحة صدرت عن اعلى المستويات. واوضح انه "اذا توصلت مجموعة تابعة للقاعدة الى القاء عبوة من عصيات الجمرة الخبيثة او الريسين في المجلس، والاسوأ من ذلك اذا تسلل انتحاري وابلغنا ان هذا امر ممكن، فستبدأ الجزيئات بالانتشار فورا". ونشرت صحيفة "دايلي تلغراف" امس ان هين اوضح ان التحذير جاء من مديرة الاستخبارات الداخلية اليزا مانينغهام - بولر التي ادلت خلال العام الجاري بشهادة امام لجنة في مجلس العموم، وهي الهيئة المكلفة الادارة البرلمانية. من جهة اخرى، أسفت الحكومة البريطانية أمس لقرار القضاء الافراج المشروط عن جزائري مشتبه في ضلوعه بالإرهاب وتشكيله تهديداً للأمن القومي. وشكّل إطلاق الشاب المعروف فقط ب"ج" وقبله إسقاط الاتهامات الموجّهة الى ليبي يُعرف ب"م"، صفعة لوزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكيت الذي يقف وراء قانون اعتقال الاجانب المشتبه في ضلوعهم بالإرهاب من دون محاكمة ولفترات غير محددة. وهناك أكثر من 10 اشخاص يشتبه بعلاقتهم بالارهاب اُوقفوا منذ سنتين في سجن بلمارش الذي بات يعرف ب"غوانتاناموبريطانيا". وقررت لجنة من ثلاثة قضاة، أول من أمس، رفض طلب وزارة الداخلية إبقاء الجزائري "ج" في السجن، وأمرت بإطلاقه المشروط خشية قيامه بعمل غير محسوب النتائج، كقتل نفسه، كون ظروف السجن تدفعه الى الجنون. وفرضت اللجنة عليه البقاء تحت رقابة الكترونية في منزله ومنحته هاتفاً لا يتصل سوى برقم واحد هو رقم الطوارئ ومنعته من لقاء أحد غير زوجته وابنته من دون الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الداخلية. كذلك منعته من استخدام هواتف متنقلة او الانترنت. واعترضت وزارة الداخلية على إطلاقه انطلاقاً من اعتبارها ان الجزائري يشكّل "تهديداً للأمن القومي" باعتراف اللجنة القضائية ذاتها التي أمرت بالإفراج عنه. وقال بلانكيت أمس انه لا يصف قرار إطلاق "ج" بأنه "مجنون، لكن آخرين سيقولون عنه كذلك". ويسعى الوزير حالياً الى حرمان اللجنة القضائية من حق إطلاق بقية الموقوفين الأجانب بموجب قانون الإرهاب، على غرار ما حصل مع الجزائري. وشكّل إطلاق "ج" صفعة جديدة لبلانكيت بعد خسارته الشهر الماضي حق سجن الليبي "م" بتهمة ارتباطه بتنظيم "القاعدة". وتختلف قضية "ج" عن "م" بأن اللجنة القضائية وافقت على الاتهامات السرية الموجهة الى الأول لكنها رفضت الاتهامات الموجهة الى الثاني واعتبرت انها مضخّمة. وتحدث الليبي لوسائل إعلام بريطانية راديو 4 وصحيفة الغارديان أمس شارحاً معاناته ورفاقه في بلمارش. وقال "م" ان ظروف السجن صعبة للغاية وان السجناء يقضون أحياناً أكثر من 20 ساعة في اليوم بين أربعة جدران، وان بعض رفاقه السابقين في بلمارش يعانون مشاكل نفسية تقترب من الجنون وتدفعهم الى التفكير في الانتحار على رغم معرفتهم بأن ذلك مخالف لتعاليم الإسلام. وقال انه اعتقل في مطار هيثرو في تشرين الثاني نوفمبر 2002 ولم يُبلغ إلا بعد سبعة شهور من سجنه بأنه مشتبه في ان له علاقات مع تنظيم "القاعدة". ويعتقد بأن الليبي ينتمي الى "الجماعة المقاتلة" وسبق له ان قاتل في أفغانستان العام 1992، لكن اللجنة القضائية اعتبرت ان ذلك لا يشكّل دليلاً على علاقته ب"القاعدة". وتساءل لماذا لم تستجوبه أجهزة الاستخبارات طوال فترة اعتقاله ما دامت تشتبه بأن له علاقة بالإرهاب.