أبرز البنك الدولي أهمية الدور الذي يلعبه المهاجرون في زيادة الرفاهية على المستوى العالمي، لكنه نصح الدول النامية الراغبة في تحقيق أكبر فائدة ممكنة من مكاسب الهجرة وتقليل مخاطرها، السعي للتوصل إلى اتفاقات مع الدول المضيفة، لتحسين شروط انتقال مواطنيها المهاجرين عبر الحدود، ومساعدتهم على البحث عن فرص العمل والحفاظ عليها، وتسهيل إجراءات تحويل جزء من أجورهم المكتسبة إلى أسرهم وذويهم في بلدانهم الأصلية. وقال كبير الاقتصاديين في البنك فرنسوا بورغينيون إن"مداخيل وإنتاجية المهاجرين الذين شارف عددهم على 200 مليون شخص، أصبحتا قوة هائلة، وتشكل تحويلاتهم على وجه الخصوص وسيلة مهمة تتيح لعدد كبير من الناس الخروج من براثن الفقر المدقع. إلا أن التحدي الذي يواجه صانعي القرار في الدول النامية يكمن في تحقيق المنافع الاقتصادية للهجرة والعمل في الوقت نفسه، على تقليل مخاطر الانعكاسات الاجتماعية والسياسية المصاحبة لها". وتصدرت الآثار الاقتصادية للهجرة وتحويلات المهاجرين المواضيع الرئيسة في التقرير السنوي:"الآفاق الاقتصادية العالمية"، الذي نشره البنك، وتوقع فيه تباطؤ متوسط نمو الاقتصاديات النامية تدريجيا من 6.8 في المئة في العام الماضي إلى 5.9 في المئة في 2005، وإلى 5.7 في المئة العام المقبل. لكنه لفت إلى أن هذه المعدلات تظل قياسية، وتناهز ضعفي نظيرتها في الدول الغنية حيث يتوقع أن ينخفض متوسط النمو إلى 2.5 في المئة في كل من العامين الجاري والمقبل، مقارنة بپ3.1 في المئة في 2004. وأشارت توقعات التقرير إلى أن متوسط النمو في الدول العربية وايران سيحتفظ بمعظم قوته، منخفضاً فقط وبسبب تراجع الصادرات غير النفطية العربية إلى الأسواق الأوروبية من 4.9 في المئة في العامين الماضي والجاري، قبل أن يقفز إلى مستوى قياسي غير مسبوق يصل إلى 5.4 في المئة، مع توقع انتعاش هذه الصادرات في عام 2006. وكان ناتج الدول العربية انخفض بنحو واحد في المئة سنوياً طوال عقد التسعينات من القرن المنصرم. مكاسب الهجرة ولفت البنك في تقريره، الذي جاء ضمن جهد مكثف ترعاه الأممالمتحدة لدرس ظاهرة الهجرة العالمية، وسبل الاستفادة من مكاسبها الاقتصادية مع تقليل مخاطر تبعاتها، إلى أن تزايد أعداد المهاجرين وفق معدلات الهجرة المرصودة في العقود الثلاثة الأخيرة، من شأنه أن يزيد حجم القوى العاملة في الدول المرتفعة الدخل بنحو 3 في المئة في العقدين المقبلين، مساهماً في تحقيق مكاسب صافية تصل إلى 356 بليون دولار سنوياً، أي ما يعادل 0.6 في المئة من الدخل العالمي الحقيقي. وأكد معدو التقرير، بأن حصة الدول النامية المصدرة للعمال المهاجرين من مكاسب الهجرة تزيد كثيراً على المنافع التي تحققها الدول المضيفة. إذ أن نحو 162 بليون دولار، أي قرابة 46 في المئة من هذا الدخل المحتمل، سيكون من نصيب المهاجرين الجدد، وأن مبلغ 143 بليون دولار 40 في المئة سيذهب إلى سكان الدول النامية، بينما يتوقع ألا تزيد حصة سكان الدول ذات الدخل المرتفع على 51 بليوناً نحو 14 في المئة. ولتحقيق مكاسب الهجرة، اقترح البنك على الدول النامية"السعي للتوصل إلى اتفاقات مع الدول التي يهاجر إليها مواطنوها، لتحسين شروط انتقالهم عبر الحدود، والبحث عن فرص العمل والحفاظ عليها، وتحويل جزء من أجورهم إلى ذويهم". إلا أن البنك حذر في المقابل، من المخاطر المرتبطة بالهجرة، ولا سيما ما يعرف ب ظاهرة"العقول المهاجرة". وأكد في هذا المجال على أن الدول النامية التي تعاني من استنزاف الهجرة لأعداد كبيرة من مواطنيها من العمال المهرة وخريجي الجامعات، تحتاج إلى تحسين ظروف العمل في قطاعاتها العامة، والاستثمار في مجالات البحث والتنمية، إضافة إلى المساعدة على التعريف بفرص العمل التي تتيحها أسواقها المحلية للعائدين من حملة الشهادات العالية. التحويلات ولاحظ معدو التقرير، أن تحويلات العمالة المهاجرة تشكل بالنسبة للدول النامية حالياً أكبر مصدر لتدفق رؤوس المال الخارجية، إذ يتوقع أن تصل قيمتها الإجمالية إلى 232 بليون دولار في العام الجاري. لكنهم أوضحوا بأن هذا المبلغ الضخم الذي يزيد على أكثر من ضعفي المساعدات الإنمائية، أي القروض الميسرة والمنح التي تقدمها الدول الصناعية للدول النامية، لا يشمل سوى التحويلات المرصودة رسمياً، وأن الحجم الحقيقي للتحويلات قد لا يقل عن 350 بليون دولار. وأظهر التقرير أن الدول النامية تنفرد بنحو 72 في المئة من القيمة الإجمالية الرسمية لتحويلات العمالة المهاجرة، لكن نسبة ضخمة تراوح بين 30 وپ40 في المئة من هذه التحويلات العالمية، تتدفق فعليا ليس فقط من دول نامية إلى دول نامية أخرى، ولكن أيضاً من دول نامية إلى دول صناعية، حيث تحتل فرنسا على سبيل المثال المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر استقبالا لتحويلات العمالة المهاجرة 13 بليون دولار بعد الهند 22 بليوناً والصين 21 بليوناً والمكسيك 18 مليوناً. وأبرز البنك دور المنطقة العربية في مجال العمالة المهاجرة، مشيراً إلى أن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستتلقى ما يزيد على 21 بليون دولار من التحويلات الرسمية في العام الجاري، إلا أن قيمة التحويلات المتوقع أن تصدر من دولة عربية واحدة، هي السعودية، ستتجاوز 13 بليون دولار. وقال كبير معدي التقرير الجديد ديليب راثا ان"الهجرة تشكل بحق ظاهرة عالمية، حيث يقوم كثير من البلدان المتقدمة والنامية بإرسال المهاجرين واستضافتهم، وكلاهما يساهمان في حركة تنقل التحويلات". أكبر المستفيدين من تحويلات العمال المهاجرين 2004 البلد قيمة التحويلات ببلايين الدولارات الهند 22 الصين 21 المكسيك 18 فرنسا 13 الفليبين 12 إسبانيا 7 بلجيكا 7 ألمانيا 7 بريطانيا 6 المغرب 4 صربيا 4 باكستان 4 البرازيل 3 بنغلادش 3 مصر 3 الولاياتالمتحدة 3 البلد قيمة التحويلات نسبة مئوية من الناتج المحلي الأردن 20.4 لبنان 12.4 اليمن 10