سقطت أمس كبرى قلاع الاستيطان في قطاع غزة... تجمع"غوش قطيف"الذي اقتحمته قوات الأمن الاسرائيلية لاخلائه قسراً حسب خطة الانسحاب، وسط فرحة فلسطينية عارمة لم ينغصها سوى سقوط ثلاثة شهداء فلسطينيين برصاص مسلح اسرائيلي قرب مستوطنة"شيلو"في الضفة الغربية، في حادث دانه الرئيس محمود عباس بوصفه"جريمة"تهدف الى"تخريب عملية الانسحاب"، داعياً الى ضبط النفس. كما دان الناطق باسم الخارجية الأميركية هذا الحادث، وقال:"إننا نشعر بالقلق الشديد". أما رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون فدان بدوره الاعتداء ووصفه بأنه"عمل إرهابي يهودي". راجع ص4 و5 وأعقب الحادث اطلاق قذيفة هاون سقطت قرب موقع عسكري اسرائيلي بجوار مستوطنة"موراغ"الخالية في قطاع غزة، الأمر الذي قد يؤجج حدة التوتر في وقت تأمل اسرائيل باستكمال انسحابها من دون مشاكل، علماً بأن الحادث يأتي بعد نحو اسبوعين من مقتل اربعة فلسطينيين في مدينة شفا عمرو العربية شمال اسرائيل برصاص يهودي متطرف. وحاول شارون أمس التخفيف من وطأة الانسحاب على المستوطنين، مجدداً تعهداته بمواصلة الاستيطان وتوسيعه في الضفة الغربية. وقال في خطاب تلفزيوني انه"بكى"على مشاهد اجلاء المستوطنين التي"تقطع القلب"، لكنه ناشدهم عدم مهاجمة الجنود والشرطة، وطالبهم بالقاء اللوم عليه. ووقعت اعمال عنف محدودة اثناء عملية الاخلاء القسري للمستوطنين، اذ اضرمت مستوطنة النار في نفسها، في حين طعنت اخرى مجندة اسرائيلية، كما اصيب شرطيان وصحافي في اشتباكات، فيما احرق مستوطنون امتعتهم وسياراتهم وممتلكاتهم لضمان عدم انتفاع الفلسطينيين منها بعد مغادرتهم. وردد بعض المستوطنين لحناً كان اليهود يرددونه وهم في طريقهم الى غرف الغاز في معسكرات النازية، في حين صرح احد المستوطنين في وجه جندي:"انت تعاملني كعربي". وتمكنت قوات الامن من السيطرة على عناصر من حركة يهودية متشددة مقرها نيويورك هددوا بالانتحار جماعياً في مستوطنة"نيفيه دكاليم"احتجاجاً على الانسحاب. واعتبر المفتش العام للشرطة الاسرائيلية الجنرال موشيه كرادي ان مقاومة المستوطنين لعملية الاخلاء كانت"أخف مما كان متوقعاً"، مشيراً خلال جولة في مجمع"غوش قطيف"ان ذلك سيتيح اختصار الفترة المخصصة للاخلاء الى مدة اسبوع فقط، وهو ما توقعه عدد من المسؤولين الاسرائيليين. اما بالنسبة الى سير عملية الاخلاء، فأعلنت الشرطة الاسرائيلية ان اربع مستوطنات اخليت امس هي"بيدولاح"و"تل قطيفة"و"كيرين عاتصوما"و"موراغ". وفي شمال القطاع، كانت مستوطنة"دوغيت"خالية مساء الاثنين، كما رحل سكان"نيسانيت"من تلقاء انفسهم امس حيث قال مصور وكالة"رويترز"ان الجرافات بدأت بهدم المباني. كما رحل طوعاً سكان"رافيح يام"و"بيئات ساد"في مجمع"غوش قطيف"جنوب قطاع غزة، حيث كانت مستوطنة"سلاف"ايضاً خالية تقريباً مع رحيل ثلاث من العائلات الخمس التي تسكنها. وبحلول ظهر امس كان 60 في المئة من مستوطني القطاع قد غادروه. ولا تزال قوات الأمن تواصل عملية اخلاء مستوطنة"نيفيه ديكاليم"التي تعتبر"عاصمة"مستوطنات غزة وأكبرها. من جانبهم، ابتهج الفلسطينيون بتدخل الجيش لاجبار المستوطنين على مغادرة القطاع، وتذكر بعضهم خسارة منازله اثناء الغارات الاسرائيلية والمصادرات وعمليات الهدم، فيما استعد آخرون للعودة الى منازلهم التي كان الجيش يحتلها. وتابع المواطنون مجريات الاحداث من على اسطح المنازل القريبة من المستوطنات، فيما فضل آخرون متابعتها عبر شاشات التلفزة. ورفعت في الشوارع مئات الاعلام الفلسطينية ورايات الفصائل وهتف شبان في الشوارع بشعارات"غزة أولاً"و"اليوم غزة، وغداً الضفة"، في حين قامت"الجبهة الشعبية"بعرض عسكري ضخم في غزة ومسيرة مسلحة في رفح، معلنة أنها"لن تلقي السلاح". كما قامت حركة"الجهاد"بعرض عسكري بحري قبالة شاطئ غزة. ولم تجد احتفالات غزة أي صدى في الضفة الغربية حيث يخشى"الضفاويون"ان يكون انسحاب غزة على حسابهم من خلال تقطيع أوصال الضفة وتحويلها الى معازل وتوسيع الاستيطان وضم التكتلات الكبيرة الى اسرائيل. ونقلت"رويترز"عن سائق من الخليل حيث بدأت حركة الاستيطان وحيث يعيش مئات المستوطنين في قلب المدينة:"يجب الا نبالغ في الاحتفالات... نحن سعداء من اجل الاخوة في غزة، لكننا لا نستطيع الاحتفال لأن اسرائيل تضع حقائق على الارض في الضفة. كيف يمكن ان نحتفل بكذبة كبرى؟". وفيما استمرت عملية الاخلاء جدد رئيس المكتب السياسي ل"حركة المقاومة الاسلامية"حماس خالد مشعل تأكيد ان الانسحاب"انجاز للمقاومة"وان"المشروع الصهيوني بدأ يتراجع"، مشدداً على أن"حماس لن تلقي سلاحها". واعلن من معقل"حزب الله"في بيروت تبني نموذج الحزب في ادارة الصراع مع اسرائيل في مرحلة ما بعد الانسحاب من غزة، وتحدث عن"مزارع شبعا"اخرى في القطاع اذا بقي اثر للاحتلال عند معابرها او على مياهها.