اعربت مصادر ديبلوماسية متطابقة لپ"الحياة"امس عن"التفاؤل"بإمكان حل"عقدة المكان"الذي سيجري فيه استجواب المسؤولين الامنيين الستة، مشيرة الى احتمال طلب رئيس لجنة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس تمديد مهمته الى ما بعد 15 الشهر المقبل في حال تم تجاوز هذه"العقدة". وكان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان وممثل روسيا في نيويورك الذي تترأس بلاده مجلس الامن في هذا الشهر، طلباً من ميليس"التريث والبحث عن حلول وسط"في شأن مكان حصول الاستجوابات، الأمر الذي اعاد تفعيل حلقة التفاوض السياسية بين عدد من الاطراف. ولهذا الغرض وصل الى دمشق مسؤول الأمن القومي الروسي ايغور ايفانوف ووزير الخارجية التركي عبدالله غل وأجريا محادثات مع الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع. وقال ايفانوف بعد لقائه الشرع ان بلاده"مرتاحة لمشاركة سورية الوثيقة في تطبيق القرار 1636". وعلمت"الحياة"ان البحث الحالي عن"حل وسط"جرى بفضل عدد من العوامل، بينها"اقتناع موسكو بأن سورية متعاونة"وقناعة واشنطن ولندن ان"حجة ميليس لا يمكن ان توفر اجماعاً حولها في مجلس الأمن في حال رفع النقاش الى المجلس"، اضافة الى"وساطات عربية"قام بها الرئيس حسني مبارك مع انان والى"هجوم ديبلوماسي"شنته دمشق في الأيام الأخيرة. وقالت المصادر ان الخارجية السورية سلمت سفراء 13 دولة عضواً في مجلس الامن رسائل من الرئيس الاسد الى زعماء هذه الدول باسثناء الولاياتالمتحدة الاميركية وفرنسا، موضحة ان الرسائل تضمنت"شرح الموقف السوري ومدى تعنت ميليس الذي رفض اقتراحات دمشق بتوقيع مذكرة تفاهم تحدد آليات اجراء التحقيق، ورفض مقترحات عدة لحصول الاستجوابات في سورية او مقر الجامعة العربية". وأكدت المصادر ان المكان"الاكثر تداولاً"في الوقت الراهن لحصول الاستجوابات هو مقر القوات الدولية لقوات فك الاشتباك اندوف في معسكر نبع الفوار الواقع بين دمشق ومرتفعات الجولان المحتلة. لكن المصادر لم تستبعد ان يكون غل اقترح حصول الاستجوابات في الاراضي التركية وبپ"ضمانات تركية". وتتضمن"الضمانات"المقترحة عدم صدور امر توقيف الا بتوافر دليل قاطع على التورط وان يتم ذلك عبر اللجنة القضائية الخاصة، وان تجري المقابلات وفق مواعيد محددة وفي شكل متسلسل، مع العلم ان المسؤولين السوريين ينفون أي علاقة لدمشق باغتيال الرئيس رفيق الحريري ويؤكدون"البراءة المطلقة"لسورية. وأشارت المصادر الى احتمال حصول لقاء آخر بين ميليس والمستشار القانوني في وزارة الخارجية رياض الداودي لبحث"الآليات الجديدة"، علماً ان ميليس كان"متمسكاً بكل شروطه"في اللقاء السري الأخير الذي عقد الأربعاء الماضي، ورفض مجرد البحث في مكان بديل من"مونتفيردي". وأبلغ ميليس الجانب السوري بأن سبب تمسكه بپ"مونتفيردي"يعود لأسباب أمنية. لكن الداودي شرح له الخلفيات السياسية لهذا المقر باعتباره كان مقراً لپ"القوات اللبنانية"ومدى حساسية مجيء مسؤولين سوريين كبار الى لبنان وخصوصاً في مقر كهذا، قبل ان يقترح الداودي اماكن اخرى بينها موقع سوري"يرفع عليه علم الأممالمتحدة مع توفير جميع الاجراءات الامنية". وأشارت المصادر الديبلوماسية الى احتمال ان يكون"احد الاسباب الرئيسية لتمسك ميليس بپ"مونتفيردي"، هو الرغبة في احداث الأثر النفسي في المسؤولين"، مع العلم ان مسؤولين سوريين اشاروا الى ان ذلك يستهدف"اذلال سورية". وفي حال تم تجاوز"عقدة المكان"بين ميليس وسورية نتيجة الوساطات العربية والروسية والتركية، يتوقع بدء عملية الاستجواب"قريباً"الأمر الذي يرجح ان يطلب ميليس من مجلس الامن تمديد مهمته الى ما بعد 15 الشهر المقبل. وقالت المصادر الديبلوماسية:"في حال فشلت المفاوضات، فان ميليس سيعكف في بداية الشهر المقبل على كتابة تقريره الى مجلس الامن". وفي انقرة، اصدرت الخارجية التركية بيانا بخصوص زيارة غل لدمشق جاء فيه ان وزير الخارجية التركي"يتحرك من منطلق دعم تركيا للاستقرار وعمليات الاصلاح في المنطقة و ضرورة حل المشكلات العالقة في المنطقة سريعاً قبل ان تتحول الى مشكلات مزمنة، وملاحظته بأن الوقت المتبقي لإتمام التحقيق الدولي بدأ ينفد بسرعة قبل تطبيق قرار مجلس الامن رقم 1636". وذكرت مصادر في الخارجية التركية ل"الحياة"أن انقرة تخشى من ان يحل مؤتمر الوفاق الوطني وتحركات الجامعة العربية محل اعمال اجتماعات دول جوار العراق التي كان العراقوالولاياتالمتحدة قد طالبا بوقف عقدها بحجة انها تشكل تدخلاً في الشؤون العراقية الداخلية". واضافت هذه المصادر"ان التنسيق التركي - السوري في ما يخص العراق مهدد بالشلل في ظل انشغال سورية الدائم بملف لجنة التحقيق والتعامل معه، في وقت تزداد فيه التحديات، اذ كانت زيارة الزعيم الكردي العراقي مسعود البرزاني لواشنطن وعدد من العواصم الاوروبية بصفته رئيس اقليم كردستان العراق اثارت العديد من التساؤلات على الساحة التركية حول توقيت تلك الزيارات ومعناها راهنا. وعلمت"الحياة"ان غل كان التقى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في البحرين على هامش منتدى الشفافية الذي عقد هناك بداية الاسبوع الجاري ونقل لها قلق تركيا العميق من زعزعة الامن والاستقرار مجدداً في المنطقة وان تركيا لا تريد ان ترى عقوبات دولية تفرض على دمشق لأن من شأن ذلك عرقلة مسيرة الاصلاح التي يقودها الرئيس الاسد. وشدد غل على ضرورة ان تفضي قرارات الاممالمتحدة الى دعم لجنة التحقيق الدولية وألا يكون الهدف الاساس منها تهديد سورية والضغط عليها سياسياً، وشدد في الوقت نفسه على ضرورة تعاون دمشق مع لجنة التحقيق وضرورة تجاوز ازمة مكان استجواب المسؤولين الامنيين السوريين الستة. وعقبت مصادر الخارجية التركية ل"الحياة"على لقاء غل - رايس بأنه خرج بنتائج ايجابية مما دعا غل للتوجه الى دمشق.