بعد 72 ساعة من النقاش الساخن قلبت آراء الخارجين من قاعة الحوار الوطني الخامس الذي درس الخروج ب"رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية"، توقعات المتابعين بعدما أرسلت الابتسامة الجماعية الإجابة الأولى. الحوار الوطني في أبها مر بثلاث مراحل بدأت بالخلاف حول"نحن ونحن"بدل أن تكون"نحن والآخر"، ثم رسمت صورة أولية في اليوم الثاني عن"استحالة الاتفاق"على الرؤية النهائية بعد تصاعد النقاش إلى درجة الاختلاف، خصوصاً في تعريفات مهمة تتعلق ب"الآخر"، ثم إجماع أدهش المنتظرين في الخارج إذ أن كل التيارات، من إسلاميين ومحافظين وليبراليين وتقليديين وتكنوقراط، قالوا:"راضون"، وزادوا بإجماع آخر على ضرورة ترجمة ما اتفق عليه على أرض الواقع. الرؤية التي اقتنع بها المشاركون، وضعتها آراء 700 سعودي جُمعت خلال 13 لقاءً تحضيرياً، وأعيد نقاشها خلال اللقاء الأخير الذي خرج بوثيقة حملت عنوان:"الرؤية الوطنية للتعامل مع الثقافات العالمية"، مطالبة بنشرها وتوعية المجتمع بها، وتبنيها من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية. وقطعت الوثيقة الطريق أمام التأويلات التي أثارها بعض الآراء حول اسم"نحن"وعبرت عنه بأنه"المواطنون السعوديون الذين يجمعهم دين واحد هو الإسلام، ووطن واحد هو المملكة العربية السعودية، ولهم آراء وتوجهات متنوعة"، أما"الآخر"فوصل المجتمعون إلى أنه"المجتمعات الإنسانية الأخرى بكل أديانها وحضاراتها وأوطانها". وشملت الرؤية منطلقات عامة إنسانية، شرعية، وطنية، وشملت طرق التعامل النواحي الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولخصت داخلها الطريقة التي اتفق المشاركون في الحوار على أنها ستبني مرحلة مقبلة أكثر تفهماً وتصحيحاً في العلاقة مع"الآخر". وتضمنت الرؤية تأكيد أن"السعوديين بكل أطيافهم جزء من المجتمع الإنساني الدولي، يشارك المجتمعات الحضارية الأخرى في إحقاق القيم الإنسانية السامية، ويتعاون مع المجتمعات الأخرى في إعمار الأرض، كما أنهم يستمدون ثقافتهم من القيم الإسلامية النبيلة، والأعراف العربية الأصيلة التي تقوم على احترام الآخر ومعتقداته"، مشددة على"الانضباط المتزن على ثقافته وفكره الآخر، كما أنهم يؤمنون بأن التنوع الداخلي مذهبياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً سنة كونية، وأنه يمثل منطلقاً في التعامل مع الآخر، ولا يجوز استخدامه أداةً لاختراق الوحدة الوطنية".