دعا الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الشعب الجزائري إلى التعبير عن موقفه إزاء كيفية التعاطي مستقبلاً مع ملف الجماعات الإسلامية المسلحة في استفتاء يجري يوم الخميس 29 أيلول سبتمبر المقبل. وقال في كلمة، مساء أمس، أمام 1340 موظفاً كبيراً في الدولة حضروا إلى قصر الأمم بنادي الصنوبر 20 كلم غرب العاصمة، أنه يراهن على الاستفتاء حول"ميثاق من أجل السلم والمصالحة والوطنية"من أجل وقف النزيف الدموي. وينشر"الميثاق"اليوم الاثنين من دون الحاجة إلى المصادقة عليه من الحكومة أو البرلمان، مثلما كان مقرراً في السابق. ويختلف"الميثاق"الذي دُعي الشعب الجزائري الى التصويت عليه، عن مبادئ"العفو الشامل"الذي كان دعا إليه الرئيس بوتفليقة في حملته الانتخابية الأخيرة، إذ أنه سيستثني هذه المرة من العفو عناصر الجماعات المسلحة الذين تورطوا في"المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية". وذكر الرئيس بوتفليقة في كلمته أن الميثاق الذي سيعرض على الاستفتاء ينص على"حظر ممارسة أي نشاط سياسي، أياً كان شكله، من قبل المتسببين في ذلك العبث، وكذلك من قبل كل من كانت له مسؤولية في تدبير وتطبيق سياسة تدعو إلى ما يُزعم جهاداً ضد الأمة ومؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية". وفُسّر كلامه هذا بأنه إغلاق للباب أمام عودة محتملة لحزب"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"المحظورة. واعترف الرئيس الجزائري بأن لجوءه إلى وضع هذه الشروط تعود أساساً إلى اقتناعه بأن"الجرح الوطني لم يندمل بعد لأن الإرهاب الذي خف شره لم ينته كلياً"، وأيضاً لأن المصالحة الوطنية التي عرضها على الجزائريين في شكلها الحالي"هي المخرج الأمثل إن لم أقل الوحيد الذي تتيحه التوازنات الوطنية"حالياً، مشيراً إلى اقتناعه بأن حادثة قتل الديبلوماسيين الجزائريين في العراق أخيراً تدخل"ضمن المحاولات المبذولة للوقوف في وجه سياسة المصالحة الوطنية التي ننتهجها". بنود ميثاق المصالحة ويرتكز"الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية"على أربعة محاور: أولاً أن أي جهد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن ان ينجح من دون"تجسيد إرادة السلم والمصالحة ... ومن دون الاستتباب التام للسلم بالمصالحة الوطنية". ثانياً تأكيد"الإجلال والوفاء لشهداء الواجب الوطني وضحايا الإرهاب والتضامن الجماعي مع ذويهم". ثالثاً"العرفان لكل أولئك الذين بذلوا أرواحهم لعتق مواطنينا من التقتيل على يد الفلول الهمجية ولإنقاذ الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية"، في إشارة إلى أجهزة الأمن والجيش والوطنيين من المدنيين الذين حملوا السلاح ضد الجماعات المسلحة. ويتعهد الميثاق في بنده الأخير"مواصلة الكفاح الضاري ضد الإرهاب وفي سبيل أمنكم"من خلال مجموعة من الاقتراحات: 1/ إبطال المتابعات القضائية في حق كل الأفراد الذين كفوا فعلاً عن نشاطهم المسلح وسلموا أنفسهم للسلطات اعتباراً من 13 كانون الثاني يناير 2000 تاريخ انقضاء مفعول القانون المتضمن الوئام المدني، على أن لا يكونوا من الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية. 2/ إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد داخل الوطن وخارجه أو المحكوم عليهم غيابياً الذين يمثلون طوعاً أمام الهيئات المختصة. ولا ينطبق هذا على الأفراد الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو إستعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. 3/ العفو لمصلحة الأفراد المحكوم عليهم والموجودين رهن الحبس عقاباً على اقترافهم أعمال عنف غير المجازر الجماعية أو إنتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الإعتداءات على الأماكن العمومية. 4/ إبدال العقوبات أو جزء منها عن جميع الأفراد الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية أو لمطلوبين بسبب أفعال إرهابية، الذين لا تشملهم إجراءات إبطال المتابعات أو إجراءات العفو السالفة الذكر. وبموجب أحكام"الميثاق"سيتم رفع كل المضايقات التي كان يعاني منها الأشخاص الذين استفادوا من تدابير الوئام المدني سنة 1999، وعددهم يزيد على 6000 عنصر مسلح، إضافة إلى التسوية النهائية للوضعية الاجتماعية للأشخاص الذين طبقت في حقهم إجراءات ادراية في إطار نشاطهم في خدمة الدولة ترتب عنها فصلهم من مناصبهم. ويقترح المشروع تعويضات لعائلات المفقودين من طرف مصالح الأمن واعتبارهم"ضحايا المأساة الوطنية"على غرار ضحايا الجماعات الإسلامية المسلحة مع حظر تجريم عائلات المسلحين"فلا يمكن أن يتحمل أقارب وأرامل ويتامى الذين التحقوا بصفوف الإرهابيين وزر ما اقترف هؤلاء من أعمال".