سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمم المتحدة تقترح اطاراً لتمويل زيادة استخدام التكنولوجيا في الدول الفقيرة ... وافكار لصيغة لادارة الانترنت . مع بقائها في قبضة أميركا . قمة مجتمع المعلومات في تونس أمام تحدي ردم "الهوة الرقمية"
تشهد تونس غداً حدثاً عالمياً مهماً باستضافتها المرحلة الثانية والأخيرة من"القمة العالمية لمجتمع المعلومات"التي تعقد في العاصمة التونسية، اذ يتوقع منظمو القمة ان يلتقي أكثر من 50 رئيس دولة ورئيس حكومة, وممثلو حكومات العالم، اضافة الى ممثلي القطاع الخاص في مجالات التكنولوجيا والاتصالات وممثلي منظمات المجتمع المدني وشبكات المنظمات غير الحكومية حول العالم، لمناقشة"ردم الهوة الرقمية"والتفاوت الهائل في استخدام التكنولوجيا والانترنت بين دول العالم، واتخاذ القرارات في شأن تعزيز مجتمع المعلومات، ولبحث الاقتراحات الأخيرة في شأن ادارة شبكة الانترنت عالمياً واقليمياً، خصوصاً أن نظم ادارتها ما زالت تنطلق من مصدرها الأساس، أي الولاياتالمتحدة، اضافة الى حسم الموقف من انشاء صندوق عالمي لدعم الدول الفقيرة من أجل مساعدتها على تنمية قدراتها لردم الهوة الرقمية، نظراً الى الدور الحاسم للتكنولوجيا والانترنت في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتكتسب هذه القمة الثلاثية بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الحكومية، أهميتها من عوامل عدة، منها أنها ثمرة تحضيرات استمرت سنوات من أجل التوصل الى قرارات دولية على مستوى القيادة السياسية العليا للحكومات في العالم، في العناوين المذكورة وغيرها الكثير من التحديات التي تواجه المجتمعات في ما يخص التكنولوجيا. ولا ينفصل هدف الوصول الى"مجتمع المعلومات"توفير القدرة على استخدام التكنولوجيا في الاتصالات والمعلومات والتنمية... في كل دول العالم، في العام 2015، عن أهداف قمة الألفية التي عقدت عام 2000 في الأممالمتحدة والتي وضعت أهدافاً تنموية، منها أيضاً التخطيط للقضاء على الفقر، في العام نفسه. وانطلقت التحضيرات في هذا السياق لقمة مجتمع المعلومات عام 2001، بوضع جدول الأعمال الذي يحفل بالعناوين، فعقدت القمة الأولى في كانون الأول ديسمبر عام 2003 في جنيف، وسمحت بحوار بين ممثلي الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وبقدر ما كانت الاجتماعات التحضيرية مجالاً مفيداً لهذه القطاعات الثلاثة التي تتألف منها القمة، لأنها وفرت"اختبارات"تعرّف على تأثيرات التكنولوجيا وتفاوتها بين الدول المختلفة، وسمحت حتى للدول المتقدمة بمقاربة أكثر شمولية لسبل تنظيم وسائط التكنولوجيا، لا سيما الانترنت، لأن الأخيرة متطورة ومتغيرة في شكل لا يسمح باعتماد أنظمة ثابتة لاستخدامها، فقد كشفت بوضوح الخلافات القائمة بين المجتمعات المتقدمة وتلك النامية، وبين قيادات المجتمعات المتقدمة نفسها، وبين التيارات المختلفة داخل المجتمعات النامية حول سبل الارتقاء الى مجتمع المعلومات على المستوى العالمي. ومن بين المواضيع التي يطرحها هذا الارتقاء مدى اتاحة الحريات السياسية في المجتمعات، للمعلومات عبر الاتصالات التقليدية وعبر الانترنت. هذا فضلاً عن أنها طرحت في ظل الوضع السياسي العالمي مسألة أمن الانترنت في الصراعات الدائرة منذ عام 2001 11 أيلول/ سبتمبر ومدى استعداد الدول المحافظة للانفتاح على المعلومات المفتوحة للشبكة العالمية... وقبلها الفضائيات ومحطات التلفزة.... ولا تقتصر الصفة السياسية للقمة على هذه العناوين، بل تتعداها الى مسائل أخرى أكثر تعقيداً ترتبط بالسياسات الاقتصادية والتنموية وحقوق الانسان والتربية والثقافة ودور التطور التكنولوجي في محاربة الفقر... أنتجت التحضيرات للقمة أطناناً من أوراق العمل في شتى المجالات، وجمعت في قمة 2003 في جنيف، الى الحكومات, مئات الخبراء وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، واحتضنت عشرات ورش العمل بين القطاعات كافة، على هامش القمة، راوحت مواضيعها بين العناوين التقنية وبين الحريات والديموقراطية في مجتمع المعلومات، كان للعالم العربي والاعلام والحريات فيه نصيبه منها سواء من زاوية القصور التكنولوجي فيه... أو من زاوية الحريات الاعلامية والانفتاح وتغطية أحداثه والحوار بين الشمال والجنوب حول التنمية, وبين الغرب والشرق حول الثقافة والخصوصية والأمن كانت مضت سبعة شهور على حرب احتلال العراق... وفتحت ورش العمل هذه مجالاً لحوار واسع بين الاعلام الغربي والاعلام العربي. انتهت قمة جنيف الى ترحيل عدد من مواضيع الخلاف الى قمة تونس التي تعقد غداً، أهمها: 1 - نقل ادارة شبكة الانترنت، من تحت اشراف الولاياتالمتحدة الى الأممالمتحدة, وهو مطلب طرحه عدد من دول العالم الثالث المناهضة للسياسة الأميركية على الصعيد الدولي، لكن أميركا ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول المتقدمة لم تعر اهتماماً لهذا المطلب داعية الى ابقاء الأمور على ما هي عليه ستاتيكو أثناء مداولات جنيف، خصوصاً أن تطوير الشبكة أو توسيعها ما زال عملاً ريادياً تقوم به الولاياتالمتحدة, ومخافة أن يعوق انتقال ادارتها الى جهة دولية هذا العمل، أو يتسبب بفوضى فيه. هذا فضلاً عن أن واشنطن تريد الاحتفاظ بقدرتها على السيطرة على"أمن"الشبكة. لكن القمة قررت مواصلة البحث لايجاد قواسم مشتركة. 2 - ايجاد آلية لتمويل ردم الهوة الرقمية بين الدول الفقيرة والدول الغنية، وهو مطلب طرح من دول العالم الثالث وكانت المجموعة الأفريقية بقيادة الرئيس السنغالي عبدالله واد المحرك الرئيس لهذا المطلب. فالقارة هي الأكثر بعداً عن اللحاق بركب التطور التكنولوجي والاحصاءات في هذا المجال مخيفة. رفضت الادارة الأميركية والاتحاد الأوروبي هذا التوجه بحجة"اننا ندعم التنمية في دولكم وعليكم الافادة منها من أجل تطوير التكنولوجيا، فضلاً عن أن المساعدات تذهب هدراً بسبب الفساد". وبسبب الضغط الأفريقي والتفهم من جانب الأممالمتحدة، توصلت القمة الى تسوية بتكليف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تشكيل فريق عمل يقدم خطة عمل حول آليات التمويل الممكنة الى قمة تونس. 3 - متابعة وملاحقة تنفيذ ما تقره القمة عبر استحداث آليات تضمن تنفيذ القرارات. وهو ما عارضته الولاياتالمتحدة التي ترى ان الآليات تأتي عبر سياسات الانفتاح الوطنية وفي اتجاه اقتصاد السوق مع ما يتطلبه من اصلاحات وتوسيع القطاع الخاص وأن متابعة تنفيذ القرارات تتم في اطار السياسة الثنائية في كل دولة في علاقتها مع كل من الدول المتقدمة ومع المنظمات الدولية. فواشنطن لم تكن أصلاً مع القمة، خصوصاً أن تمثيلها في جنيف عام 2003 على مستوى وزير وكانت ترغب بأن تنتهي العملية بانتهاء القمة في تونس. في المقابل أصرت دول العالم الثالث وعقدت ثلاثة اجتماعات تحضيرية لقمة تونس على مستوى الخبراء والديبلوماسيين في كنف الأممالمتحدة، كان آخرها على مدى أسبوعين في جنيف بين 19 و 30 أيلول الماضي، ناقشت مسودات أعدت في الاجتماعين السابقين وكان التقدم في معالجة الخلاف حول العناوين الثلاثة المذكورة بطيئاً، الى أن أعلن الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات يوشيو أوتسومي منظمة تابعة للأمم المتحدة في اليوم ما قبل الأخير للاجتماعات التحضيرية، عن التوصل الى"اختراق"في ما يتعلق بصيغة ادارة الانترنت، بعد الاقتراحات التي تقدم بها الاتحاد الأوروبي، الذي كان متضامناً مع الولاياتالمتحدة في الحفاظ على الستاتيكو الذي كان يعني بقاء الانترنت بإدارة"مؤسسة الانترنت الأميركية لاعتماد الأسماء والأرقام". ICANN. وقضى الاقتراح الأوروبي في وثيقة صدرت عن ممثليه في جنيف، بقيام صيغة ادارة للانترنت من القطاعين العام والخاص تتضمن انشاء منتدى متعدد الشراكة. وتولى ممثلو بريطانيا تقديم العرض الجديد الذي يؤدي عملياً الى انفصال الموقف الأوروبي عن الجانب الأميركي، عبر ادخال تعديلات على بروتوكول الانترنت، الا ان المندوبين الأميركيين سارعوا الى اعادة التشديد على موقفهم المتحفظ واشترطوا أن تضمن أي صيغة استقرار الشبكة وأمنها وأن تكون مبنية على تنافسية السوق وتعترف بقيادة القطاع الخاص لها وأن تدعم التجديد الحاصل في الشبكة. وقال المندوب الأميركي انه تحت أي ظرف لن تأخذ بلاده موقفاً قد يؤثر في أمن الشبكة واستقرارها ونظامها وهي ستحتفظ بدورها التاريخي في السماح بإجراء تغييرات في مسالك الملفات على الشبكة. وقدمت الأرجنتين اقتراحاً حول ادارة الانترنت حظي بدعم الولاياتالمتحدة، لكنه كان أقل مما قدمه المندوب البريطاني. وترك حسم النص النهائي الى قمة تونس. أنان ينفي... لكن الخلاف بقي كبيراً فيما تمسكت واشنطن برفضها شراكة أي كان في ادارة الانترنت، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى كتابة مقال وزع على الصحف العالمية ونشرته"الحياة"جاء فيه:"ثمة تصور خاطئ يتردد أخيراً بوتيرة مثيرة للقلق، بأن الأممالمتحدة ترغب في الاستيلاء على الانترنت والقيام بدور الشرطي فيها والسيطرة عليها وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة... فهي لا ترغب سوى في ضمان اتاحتها على نطاق عالمي وهذا الهدف هو محور قمة تونس". وأشار أنان في مقاله الى دور الانترنت الكبير والفوائد التي يجنيها العالم منها، مثل اغاثة ضحايا الكوارث في سرعة أكبر وتوفير المعلومات الطبية لانقاذ الفقراء في المناطق النائية واتاحة وصول الشعوب الرازحة تحت نير قمع الحكومات الى معلومات لا تخضع للرقابة... لكل من هذه المواضيع وغيرها فصول في الوثائق المطروحة على القمة... كما أشار الى القلق المشروع من استخدام الانترنت للتحريض على الارهاب ومساعدة الارهابيين ونشر مواد اباحية... وتمجيد الايديولوجيات البغيضة النازية. ورأى أنان ان الدفاع عن الانترنت هو دفاع عن الحرية نفسها وشكر الولاياتالمتحدة على انشائها الشبكة، لكنه لمح الى وجوب تقاسم سلطتها عليها مع الآخرين عبر زيادة تدويل ترتيبات ادارتها. لكنه أقر بأن قمة جنيف في العام 2003 كانت وصلت الى طريق مسدود في الحوار حول هذه المسألة. وعرض أنان لما توصل اليه فريق العمل الذي أنشأه والذي أقر"أهمية قيام منتدى يجمع كل أصحاب الشأن من دون أن تكون له سلطة القرار على الشبكة، وأكد أن هناك اقتراحات بألا يكون للأمم المتحدة دور على الاطلاق في ادارة الانترنت". وخلاصة القول ان هناك تسع مسودات نصوص مقدمة حول مسألة ادارة الانترنت بينها ما يبقي على ادارتها في يد أميركا، لكن مع صيغة المنتدى المتعدد الشراكة الذي يمكن تكليفه بتطوير السياسات العامة للانترنت. التمويل... مبدئياً أقرت الاجتماعات التحضيرية مبدأ الحاجة الى التمويل من أجل احداث تقدم في ردم الهوة الرقمية، في الدول النامية والفقيرة. وكان السجال حول هذا العنوان نموذجياً في علاقات الدول الغنية مع نقيضاتها تكراراً لذلك الذي يجري حول كل جوانب التنمية، أعاد طرح مسألة الحكم الرشيد ومحاربة الفساد وحقوق الانسان واقتصاد السوق... الخ. وتشكلت فرق صياغة ولجان تعديلات كثيرة في شأن هذا العنوان وغيره، كان ممثلو أفريقيا وأميركا اللاتينية وجنوب شرقي آسيا والمجموعة العربية المحرّك فيها، وفقاً لأهمية العنوان الذي كان يطرح لها. لكن المجموعة الأفريقية والأميركية اللاتينية كانت فاعلة في صياغات عنوان التمويل... واستندت الصياغة النهائية التي يفترض بالقمة أن تحسم الخلافات في شأنها، حول مسألة التمويل الى ما أنجزته مجموعة العمل Task Force التي كلفت قمة جنيف أنان تشكيلها من أجل وضع مقترحات حول التمويل. ونص تقرير المجموعة على أهمية دور القطاع الخاص في هذا الهدف وعلى وجوب ايجاد آليات تمويل في تسعة مجالات: برامج التأهيل في مجال الاتصالات، العمود الفقري للبنية الاقليمية للانترنت ونقاط التبادل، معاونة الدول الأقل نمواً والدول الصغيرة على خفض كلفة الاتصالات قياساً الى كلفتها في الدول المانحة، ادخال وسائل الاتصال التكنولوجية في تطبيق استراتيجيات استئصال الفقر، وخصوصاً في مجالات الصحة والتربية والزراعة والبيئة، دعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، رعاية الصناعات لوسائل الاتصال التكنولوجية في الدول النامية، دعم الحكومات المحلية والمبادرات المملوكة في القطاع العام التي تقدم خدمات الاتصالات التكنولوجية للمجموعات، وأخيراً تأمين التنسيق بين الحكومات والقطاع الخاص. ولم يصادف التوافق في شأن توصيات المجموعة أي عائق في انتظار بلورة الأمر في القرارات السياسية لقمة الغد التي يفترض أن تقرر التزاماً سياسياً على مستوى الحكومات في التمويل. لكن القرارات السياسية تحتاج الى آليات للتطبيق والمتابعة. حاولت حكومات بعض الدول الكبرى التملص من التزام نص واضح في شأن التطبيق تارة بدعم نصوص من نوع"آليات للمتابعة"في مقابل اصرار ممثلي الدول الصغيرة والنامية والمجتمع المدني على"ميكانيكية واضحة للتطبيق". وهنا أيضاً دفعت المجموعة الأفريقية والأميركية اللاتينية من أجل تبني نصوص واضحة ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذه الآليات. حصل اجماع على عدم انشاء هيئة دولية خاصة لمتابعة القرارات وعلى ايكال المهمة الى الأمانة العامة على أن تقدم تقريراً سنوياً حول تطور مجتمع المعلومات في العالم، ودعمت واشنطن هذا التوجه الذي لا يجافي اقتراحاً مكملاً يقضي بأن تتولى منظمات الأممالمتحدة المتخصصة كل في مجالها متابعة تنفيذ القرارات. وأصرت المملكة العربية السعودية على اعتبار الاتحاد الدولي للاتصالات، المنظمة الأكثر تأهيلاً بإمكاناتها لتكون منسق آليات التنفيذ وتقويم مدى التقدم، فيما اقترح الأفارقة ايجاد صلة وصل بين أهداف قمة الألفية التنموية وبين قرارات قمة مجتمع المعلومات فيما اعتبرت سويسرا مضيفة القمة الأولى أن أي هيئة للمتابعة يجب أن تنشأ في العام 2006 من دون تأخير. وتركت الصيغة النهائية لقرارات القمة السياسية. تصاعد المواجهة حول حقوق الإنسان في تونس يعطي عقد مجتمع المعلومات في تونس دفعاً سياسياً معنوياً للدول العربية، في سياق حاجاتها الأكيدة والمتفاوتة لنقل التكنولوجيا الى مجتمعاتها، لكنه يطرح في الوقت نفسه مدى انسجام هذه الدول مع الغرض الأساس من القمة وهو إتاحة المعلومات عبر تطوير وسائل الاتصال والإعلام فيها، لكل المجتمعات والمجموعات، مع ما يعنيه ذلك من انفتاح سياسي يساهم وفق مفهوم الدول الغربية للتنمية الاقتصادية، في اللحاق بالتفاوت التكنولوجي ومفهوم اتاحة المعلومات للجميع. وتسعى الحكومة التونسية الى دعم دولي لخطتها الطموحة التي بدأتها بمكننة جزء من القطاع العام، وسياسة"حاسوب لكل بيت"التي تعمل على تطبيقها". إلا ان استضافة تونس للقمة فتح باباً واسعاً لطرح قضية حقوق الإنسان فيها، والحريات والديموقراطية، في وقت تتعرض احزاب وهيئات اهلية ونقابية ومدنية لملاحقات متواصلة، ازدادت وتيرتها مع قرب عقد القمة، فيما ارتفعت اصوات قادة المعارضة وهذه الهيئات لتنبيه قادة المجتمع الدولي الى ما يتعرضون له من السلطات الحكومية والأمنية، فاستضافة القمة الهادفة الى تعميم وسائل الاتصال والمعلومات لم تمنع اتخاذ اجراءات"إلكترونية"تحول دون وصول رسائل بالفاكس الى بعض المنظمات المعارضة من منظمات متضامنة معها، من الخارج مثلاً، وتحول دون وصول رسائل إلكترونية الى اصحابها في تونس، لأنهم من المعارضين الذين يقومون بتحركات لمناسبة القمة من اجل الإفراج عن زملاء لهم في السجن... وفي الاجتماعات التحضيرية للقمة التي عقدت في جنيف، حصلت مواجهات عدة بين ممثلي المنظمات الأهلية التونسية المعارضة والمدافعة عن حقوق الإنسان وممثلي الحكومة التونسية الذين كان لهم حضور فاعل في الأعمال التحضيرية للقمة التي تستضيفها دولتهم. وفيما تحدث المعارضون عن حصر التراخيص بالوسائل الإعلامية لمن هم مقربون من السلطة والأقارب اكد ممثلو الحكومة ان الترخيص للمؤسسات الإعلامية اخذ يطلق تطويراً جديداً للحياة السياسية التونسية. إلا ان بعض الندوات واللقاءات شهدت مواجهات ليس بين المعارضة وبين ممثلي الحكومة فحسب، بل بين الأخيرة وبين منظمات دولية عدة اكثر من عشر منظمات بينها الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان IFEX والاتحاد الدولي للصحافيين والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، التي عرضت تقارير عن حالات قمع وسجن وتعذيب لمعارضين وإعلاميين ولسجناء رأي، وشاركت نقابة الصحافيين التونسيين ورابطة حقوق الإنسان في تونس في تقديم تقارير حول ما يعتبر انتهاكات الحريات وحق التعبير، وتخلل احدى الندوات شهادة من زوجة المعتقل محمد عبو، بسبب كتابته مقالاً على الإنترنت يعارض فيه زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون الى تونس للمشاركة في قمة مجتمع المعلومات. وإزاء هذه التقارير كادت منظمات دولية تعنى بالحريات العامة والإعلامية تتخذ قراراً مع منظمات مدنية اخرى بمقاطعة القمة، بسبب اوضاع الحريات في تونس، إلا انها عادت فقررت المشاركة في دعمها لشقيقاتها التونسية وفي اجتماع مواز للقمة. وشكا ممثلو المنظمات التونسية المدنية المعارضة من ان السلطات سمحت لبعض المنظمات بالمشاركة في القمة وحجبت ذلك عن منظمات اخرى. وبعد انتهاء اجتماعات جنيف، في 24 تشرين الاول اكتوبر الماضي أطلق عدد من المعارضين نداء اقترن مع اضراب عن الطعام عرض لما سماه"تدهور وضع الحريات في تونس الى حد لم يعد يحتمل". ووقع النداء، المضربون عن الطعام، كل من الامين العام للحزب الديموقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي، الناطق باسم حزب العمال الشيوعي حمه الهمامي، نائب رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية عبدالرؤوف العيادي، رئيس لجنة الدفاع عن محمد عبو وعضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان العياشي الهمامي، رئيس نقابة الصحافيين التونسيين لطفي حجي، رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين محمد النوري ورئيس مركز تونس للدفاع عن استقلال القضاء والمحاماة القاضي مختار اليحياوي. ونص النداء على ان السلطة"عمدت في الاسابيع الماضية الى مصادرة مقر جمعية القضاة التونسيين والى تنصيب هيئة صورية على رأسها وصعّدت من اجراءات محاصرة المحاكم ومنع العموم والمراقبين من حضور المحاكمات السياسية وتهميش دور المحامين". اضاف:"كما عمدت في الفترة نفسها الى استصدار قرار قضائي لمنع عقد المؤتمر الوطني السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والى منع فروعها من عقد اجتماعات في مقراتها في مختلف المدن والاعتداء على عدد من رموزها. ومنعت عقد مؤتمر نقابة الصحافيين التونسيين وأمعنت في محاصرة حرية الصحافة والاعلام والضغط على الصحافيين". كما اشار الى"استمرار توقيف عدد من المساجين السياسيين والشبان تحت ستار مكافحة الارهاب". وطالب البيان بحرية الاعلام والصحافة وانهاء معاناة المساجين السياسيين. وفي مطلع الشهر الجاري صدر عن"مجموعة مراقبة الوضع في تونس"في"الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان"بيان مشترك مع"العمل المشترك في تونس"ناشد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي"التدخل لوضع حد لاضطهاد الصحافيين ومستخدمي الانترنت قبل عقد القمة". وأبدى البيان"قلق الفيديرالية ومجموعة العمل من اجوبة السلطات حيال الاضراب عن الطعام"الذي نفذته الشخصيات الثماني المذكورة اعلاه، داعياً الى الافراج عن المعتقلين السياسيين وخصوصاً الصحافي حمادي جبالي ومحمد عبو. واعرب البيان عن قلقه لصحة جبالي رئيس تحرير مجلة"الفجر"المسجون منذ العام 1991، مشيراً الى انه قبل بوضع حد لإضرابه عن الطعام في 21 الشهر الماضي بعد ان دام الاضراب خمسة اسابيع. واشار البيان الى الافراج عن 31 سجيناً سياسياً من دون جبالي في عيد الفطر. وقد وقع بيان مجموعة مراقبة الوضع في تونس 13 منظمة معنية بحقوق الانسان والحريات في العالم. يذكر ان جبالي عاد الى الاضراب عن الطعام قبل بضعة ايام كما اعلنت"التضامن التونسية"وزوجته في رسالة بعثت بها عبر الانترنت. وأعلنت"العمل من اجل الحقيقة"ان الصحافي الفرنسي كريستوف بولتسانكي تعرض لاعتداء في تونس قرب فندقه حيث هاجمه 4 اشخاص واوسعوه ضرباً. قمة موازية للمنظمات الأهلية... تبحث عن مقر! مشاركة منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العالمية في قمع مجتمع المعلومات، في مرحلتها الأولى في جنيف، ثم غداً في تونس، عبر حضور مندوبيها في الاجتماعات الفرعية المعنية بجدول اعمال القمة لمناقشة النصوص المطروحة عليها، توخت اعطاء دور فاعل لهذه المنظمات خلافاً لقمم عالمية اخرى لمعالجة مشكلات التنمية في العالم، والتي اقتصرت على الحكومات. وجاهد ممثلو هذه المنظمات الذين شاركوا بالآلاف في الندوات وورش العمل التي عقدت على هامش قمة جنيف، وفي اعمال القمة نفسها للإفادة من الفرصة من اجل اعطاء دور لها، خصوصاً في آليات متابعة قرارات قمة تونس بعد التصديق على قراراتها، ليتمكنوا من الضغط على الدول كي تنفذ هذه القرارات ولا تبقى حبراً على ورق لجهة اجراءات"ردم الهوة الرقمية". وكان لمشاركة منظمات المجتمع المدني التي كانت ممثلة اما في اطار بلدانها او في إطار تكتلات وتجمعات واتحادات اقليمية لها وجودها في مناطق عدة من العالم، حضور أثر معنوياً وسياسياً في اجواء التحضيرات للقمة. وفي جنيف أصدرت منظمات المجتمع المدني إعلاناً خاصاً بها ومستقلاً عن قمة الحكومات تناول موقفها من اتاحة مجتمع المعلومات للجميع وحق الشعوب في الانفتاح وتمكينها من الوصول الى المعلومات والتكنولوجيا. وكان من الطبيعي ان تصر هذه المنظمات على تخطي الحدود التي تضعها الحكومات حول تبادل المعلومات وإتاحتها للشعوب. وسمح لها الاشتراك في اعمال القمة بإثارة قضايا الحريات والديموقراطية في دول بعضها وما تتعرض له من قمع. إلا ان الموضوع الأبرز الذي سعت هذه المنظمات الى اعطاء دور عملي لها فيه هو آليات متابعة تنفيذ قرارات القمة. وفي وقت جاء في مسودات القرارات التي حضرتها الأممالمتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات ان أطر المتابعة يفترض ان تكون متعددة الشراكة من الأطراف الثلاثة المكونة للقمة أي الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، فإن تعديلات ادخلت على النصوص بحيث تحصر متابعة آليات تنفيذ القرارات بهيئات مثل المجلس الاقتصادي ? الاجتماعي في الأممالمتحدة اقتراح روسي اساساً، ودارت النقاشات كما هو مبين اعلاه حول خيارات اخرى منها الاتحاد الدولي للاتصالات... الخ. إلا ان منظمات المجتمع المدني كانت الأكثر اعتراضاً على هذه النقطة من بين نقاط الخلاف الأخرى الكبرى تمويل ردم الهوة وصيغة ادارة الإنترنت لأن ايكال مهمة المتابعة لهيئات تابعة للأمم المتحدة ينفي صفة تعددية الشراكة في ملاحقة تنفيذ القرارات، على رغم ان الأمين العام كوفي انان كان وافق على مشاركة المجتمع المدني في مجموعة العمل التي شكلها لتقديم اقتراحات في شأن اطر التمويل... ومن المتوقع ان تواصل هذه المنظمات سعيها في تونس الى صيغة تشركها في اطر المتابعة... لعبت هذه الخلافات، اضافة الى قرار منظمات المجتمع المدني الدولية، التضامن مع منظمات المجتمع المدني التونسية في مواجهة الحكومة التونسية ومواصلتها اعتقال سجناء سياسيين والتضييق على المعارضة... الخ، في اتجاه هذه المنظمات الى الدعوة الى عقد"القمة المدنية حول مجتمع المعلومات"، في شكل مواز للقمة العالمية، وخارج مقرها الرسمي في تونس العاصمة. وصدرت المبادرة بالدعوة الى القمة من ثمانية اتحادات عربية وعالمية، ووقع حتى يوم امس على المشاركة فيها ممثلو 79 منظمة دولية من المنظمات الحكومية، بينها اتحادات ومؤسسات كثيرة تعنى بحرية الإعلام والصحافة، اضافة الى نقابة الصحافيين التونسيين وعدد من المنظمات التونسية الأهلية... وجاء في بيان صدر عن المنظمات الپ79 آخر الأسبوع الماضي، ان سعي هذه المنظمات الى تأمين مقر للقمة الموازية اتخذ القرار فيها خلال لقاء هذه المنظمات على هامش الاجتماعات التحضيرية التي عقدت في جنيف في ايلول/ سبتمبر الماضي يجد صعوبة. وكانت مؤسسة"هنريش بول"الألمانية أمّنت حجزاً لعقد القمة في احد الفنادق. لكن مصادر الاتحادات الموقعة اشارت الى ضغوط من الحكومة التونسية ادت الى إلغاء الحجز كما جاء في البيان الصادر عن المنظمات الپ79. وأنشأت القمة المدنية حول مجتمع المعلومات موقعاً خاصاً بها على الإنترنت. الشبكة العربية الأهلية المنظمات الأهلية العربية كان لها حضور في قمة جنيف في العام 2003، وفي الأعمال التحضيرية لقمة الغد في تونس. ومن بين النشاطات التي قامت بها في ايلول الماضي في جنيف،"شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية"رعايتها ورشة عمل حول تطوير وإصلاح الإعلام في الدول العربية عقدت على مرحلتين: في عمان الربيع الماضي ثم في جنيف في حضور ممثلين عن برنامج الأممالمتحدة للتنمية، وخلصت الى مسودة عمل تحت هذا العنوان. واستخلصت المسودة من مناقشات دارت بين اعلاميين عرب وممثلي منظمات اهلية وانتهت الى اقتراحات حول تعزيز حرية نشر الصحف وإصدارها وتعزيز استقلالية وسائل الإعلام الرسمية وحرية عمل الصحافيين والتنظيم النقابي للإعلاميين وتعزيز دور القضاء وتخفيف العقوبات على الإعلاميين وزيادة الشفافية في تعامل الدولة مع وسائل الإعلام وضمان جودة المادة الصحافية وإنشاء وظيفة الوسيط للشكاوى في الوسائل الإعلامية وتنظيم التعامل مع إعلام الإنترنت. وأشارت المسودة في تشخيصها لوضع الإعلام العربي الى سيطرة الدولة في معظم الدول العربية على وسائل الإعلام وتمتع وزارات الداخلية والإعلام والحكومة بسلطات منح وإلغاء تراخيص هذه الوسائل والرقابة على محتوياتها. وأوضحت ان هناك 17 دولة عربية لا تسمح بإصدار صحيفة من دون ترخيص مسبق و10 بلدان عربية تتمتع الجهة الإدارية فيها بسلطة الغاء التراخيص من دون حكم قضائي وأن دساتير بعض الدول العربية تنص على التزام الصحافة استراتيجية الحزب الحاكم، فيما القنوات الإذاعية والتلفزيونية منوط بها الدفاع عن سياسات الدولة والإعلاميون فيها موظفون في القطاع العام. وتحدثت المسودة عن العوائق الكثيرة امام تداول صحافة الأحزاب غير الحاكمة وعن تعرض الصحافيين لعقوبات قاسية.