تراجع أعضاء ديموقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي سبق أن صوتوا ضد الانتهاكات بحق المعتقلين لدى السلطات الأميركية عن موقفهم، وصوّتوا لمصلحة قرار يدعمه الجمهوريون ويحول دون منح المعتقلين في غوانتانامو حق اللجوء إلى المحاكم الفيديرالية الأميركية. وبعدما دعم أربعة من خمسة ديموقراطيين تجريد معتقلي سجن الخليج الكوبي من الحق القانوني الذي منحته لهم المحكمة العليا للاعتراض على ظروف سجنهم، منحوا الإدارة سلطات استنسابية تقر بحقها في التعامل كما تملي عليها مصالحها مع المشتبه بهم في نشاطات إرهابية عبر حرمانهم من اللجوء إلى القضاء المدني. وتبني القرار بغالبية 49 صوتاً مقابل 42. وفي إطار موازنة الدفاع، أقر مجلس الشيوخ تعديلًا يحرم الأجانب المشتبه بهم في نشاطات إرهابية من حق اللجوء إلى القضاء المدني بحجة تفادي الضغط على المحاكم. ويمنع التعديل الجديد خصوصاً المحكمة العليا من النظر في شرعية المحاكم العسكرية الاستثنائية، واللجان العسكرية التي أنشأتها إدارة بوش لمحاكمة هؤلاء السجناء. وكانت المحكمة العليا قررت الاثنين الماضي حسم هذه القضية عبر النظر في ملف اليمني سليم احمد حمدان، السائق السابق لاسامة بن لادن الذي اعتقل في أفغانستان في 2001. وبرّر السناتور الديموقراطي عن كونيكتيكت جوزف ليبرمان موقفه بالقول في بيان:"الأجنبي الذي يعتقل ويصنف مقاتلاً عدواً في الحرب على الإرهاب لا يملك الحق في اللجوء إلى محاكمنا، تماماً كما كان حال أي جندي اعتقل في الحرب العالمية الثانية". أما السيناتور الديموقراطي عن داكوتا الشمالية كنت كونراد، فقال في اتصال هاتفي إن جنوداً متقاعدين أبلغوه خلال مأدبة غداء لمناسبة يوم قدامى العسكريين في فارغو الجمعة إنهم يدعمون اقتراح السناتور جون ماكاين الذي يحض على منع المعاملة الوحشية للمعتقلين في السجون، لكنهم يعارضون منح معتقلي غوانتانامو خيار اللجوء إلى المحاكم الأميركية. وقال كونراد:"لا أعتقد بأن منح المقاتلين الأعداء حق الوصول إلى النظام القضائي الفيديرالي سابقة نريد اعتمادها". وكان رأي مماثل لناطقين باسم سيناتورين ديموقراطيين، ميري لاندريو لويزيانا وبن نلسون نبراسكا. وقال ديفيد ديمارتينو الناطق باسم نلسون:"يعتقد السناتور بوجوب الإبقاء على نظام المحاكم العسكرية، وإذا فشل هذا النظام، علينا إصلاحه لا إخراجهم منه". وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام لتبرير القرار"علينا الا نعطي الارهابيين والمقاتلين الاعداء ومفجري حفلات الزفاف ومن يصدمون الطائرات بالأبراج القدرة على ملاحقة قواتنا قضائياً لأي سبب كان". ولكن غراهام الذي يعلن معارضته لممارسة التعذيب بحق السجناء، أضاف:"إذا لم نسيطر على التجاوزات التي ترتكب في حق المعتقلين سنخسر الحرب. لكن إذا لم نمنع التجاوزات القانونية التي يقوم بها السجناء فإننا سنضر بقدرتنا في الدفاع عن أنفسنا". وعبّر خبراء قانونيون عن قلقهم من الأمر. وقال المحامي اوجين فيدل:"سنكون أمام ما يشبه الأوامر الاستبدادية"، التي كانت تخول ملوك فرنسا سلطة إرسال منتقديهم إلى سجن الباستيل. وقال استاذ القانون في واشنطن جوناثان تيرلي إن قرار مجلس الشيوخ هدفه"تجنيب إدارة بوش انتكاسة جديدة أمام المحكمة العليا". وأضاف أن اعتماد التعديل"سيسيء مجدداً إلى سمعة الولاياتالمتحدة بصفتها دولة ملتزمة بالدفاع عن دولة القانون". فالقرار الذي ينتهك مبدأ"قانون الإحضار"الذي يضمن حق المتهم في المثول أمام قاض، يواجه انتقادات حتى في أوساط المحافظين. في غضون ذلك، وقبيل الزيارة المقررة الأسبوع المقبل لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد إلى استراليا للمشاركة في المحادثات الوزارية الأسترالية - الأميركية السنوية، تعرضت الحكومة الأسترالية الى ضغوط جديدة أمس، تطالبها بالعمل على إطلاق سراح السجين الأسترالي ديفيد هيكس المعتقل في غوانتانامو. وقالت وزيرة شؤون قدامى المحاربين السابقة دانا فال وهي عضو حالي في البرلمان، إن هيكس عوقب بما فيه الكفاية. ورفض رئيس الوزراء جون هاورد التدخل، وأكد أن بلاده تؤيد في شكل كامل جلسات الاستماع التي تجريها اللجنة العسكرية الأميركية في التهم الموجهة إلى هيكس. ودأبت استراليا على رفض إعادة هيكس إليها باعتبار أن دعم تنظيم"القاعدة"وحركة طالبان لا يعد جريمة بموجب القانون الأسترالي، ما يحول دون محاكمته في استراليا. وأفادت فال أنها تحدثت مباشرة مع هاورد وطلبت منه إثارة القضية لدى الولاياتالمتحدة.