بالتأكيد إنه أمرٌ يدعو للشعور بالراحة بأن اتجه مجلس الشيوخ في نهاية المطاف إلى القيام بعمل رفض القيام به مما كان مدعاة للعار قبل أربع سنوات بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر طالباً من الإدارة الأمريكية اتباع القانون ومعاهدات جنيف في التعامل مع السجناء الذين تعتقلهم القوات المسلحة وعناصر المخابرات. ولكن فإن الذي بدأ كمحاولة تدعو للفخر من السناتور جون مكين لوقف التعذيب والانتهاكات ضد السجناء قد أصبحت تعديلات متشابكة وصفقات وراء الكواليس تشكل تهديداً حقيقياً لتقويض القانون المقدس والذي ينص على أن الحكومة لا يمكنها وضع الناس خلف الأسوار للأبد بدون توضيح سبب ذلك. ففي يوم الخميس أجاز مجلس الشيوخ إجراءً يحرم الأجانب المصنفين بأنهم مقاتلون أعداء غير شرعيين بحق الاستماع بموجب مبدأ يُعرف بقانون هابيس كوربس. وعوضاً عن ذلك فإن الإجراء سيفوض مراجعة تلقائية من قبل المحكمة الفدرالية حول وضع السجناء المعتقلين الآن في غوانتانامو في كوبا وأي سجناء في المستقبل من هذا القبيل وأنه سيستثني الاعترافات القسرية من تلك المراجعة ويضع ضوابط جديدة مهمة على عمليات غوانتانامو. وهذه الإجراءات الوقائية المقترحة من السناتور الجمهوري ليندسي غراهام من كارولينا الجنوبية الذي أبدى شجاعة حقيقية في شجب الانتهاكات ضد المعتقلين قد جاءت متأخرة كثيراً وقد اقترح السناتور غراهام المحامي العسكري السابق كذلك استثناء قانون هابيس كوربس مجادلاً بأن لم يعن مطلقاً تطبيقه على أسرى الحرب إذا تجاوزنا ذكر إرهابيين أجانب. ويقول بأن سجناء غوانتانامو يعيقون المحاكم بالتماسات تعرقل من جهود الحصول على معلومات استخباراتية مهمة للغاية. والسناتور غراهام الذي يتسم بالحرص والتمسك بالمبدأ يجادل ببلاغة من أجل إجرائه ويتعين على مجلس الشيوخ تبني اقتراحه لمراجعة المحكمة الفدرالية للاعتقالات ويا حبذا لو كان ذلك بهامش كبير للغاية ويتعين على مجلس النواب أن يحذو حذوه وإننا نحب أن نرى الكونغرس بعد ذلك يتحدى تهديدات النقض الحتمية من البيت الأبيض والتي يقودها نائب الرئيس ديك تشيني والذي لا يزال يحوم بحذر حول الكونغرس محاولاً جعل التعذيب قانونياً في سجون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السرية في كل أرجاء العالم غير اننا لا نستطيع تأييد غراهام في إعادة كتابة قانون هابيس كوربس. وأقل من مائتين من سجناء غوانتانامو البالغ عددهم تقريباً خمسمائة سجين قد تقدموا بالتماسات لجلسات استماع وانهم لا يحاولون الحصول على محاكمات وإنما فقط يسألون عن سبب اعتقالهم وطبقاً لمسؤولين حكوميين وعسكريين فإن الأغلبية الساحقة منهم ما كان يتعين أخذهم مساجين في المقام الأول فإن هؤلاء الرجال يعيشون في حبس انفرادي طيلة أربع سنوات تقريباً ويخضعون لتحقيقات امتدت طيلة شهور فهل بقي لهم حقاً شيء يقولونه؟ ويجادل السناتور غراهام أن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر فعل حرب وليس جريمة تحكم فيها محاكم أمريكية ويحاول إعادة عمليات مناهضة الإرهاب إلى معاهدات جنيف كما أن لتعديلات منع التعذيب والانتهاكات والقسوة للسناتور جون مكين لها نفس الهدف ونحن نشاطره ذلك غير أن الإدارة الأمريكية التي استخفت بمعاهدات جنيف بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر لا يمكن الثقة في اتباعها لهذه المعاهدات الآن. وستكون هنالك تعديلات وتعديلات مضادة في مجلس الشيوخ الأسبوع القادم وفي النهاية فإن التحالف الصحيح والملائم لأعضاء مجلس الشيوخ ربما يجيز قوانين جديدة قيمة حول المقاتلين غير الشرعيين غير انهم متأكدون من جلب معارضة شرسة من البيت الأبيض والذي من المرجح أن يوافق بصعوبة على مراجعة المحكمة الفدرالية لسياساته الخاصة بالاعتقال. ويظهر لنا التاريخ بأن السلطة في الأيدي الخاطئة لاعتقال الناس بدون توضيح أسباب ذلك تعتبر أداة للاستبداد ولننظر فقط في حالة ناتان شارانكسي أو نيلسون مانديلا ومع أن الإدارة الأمريكية تكره هذا النوع من المقارنة غير اننا نعجب لماذا تستمر في التسبب فيها. (خدمة نيويورك تايمز خاص ب «الرياض»)