حقق رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي فوزاً ساحقاً في الانتخابات اليابانية امس، بعدما راهن على انتخابات مبكرة، قال المشككون في البداية انها بمثابة انتحار سياسي. وتمكن الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي يتزعمه كويزومي من تحقيق نصر يمكنه من حكم البلاد من دون شريك ائتلافي للمرة الاولى منذ 15 عاماً، بحسب استطلاعات الرأي لدى نهاية عمليات الاقتراع. وكان كويزومي دعا الى انتخابات مبكرة الشهر الماضي، بعدما افشل المتمردون في حزبه الهدف الذي يسعى الى تحقيقه منذ فترة طويلة وهو تخصيص مؤسسة البريد العملاقة والتي قال انها خطوة ضرورية لانعاش ثاني اكبر اقتصاد في العالم. ووعد كويزومي بالاستقالة من زعامة الحزب الليبرالي الديموقراطي في حال لم يحقق الفوز، الا ان مؤسسة طوكيو للارسال ذكرت بعد دقائق من اغلاق مراكز الاقتراع ان الحزب الليبرالي الديموقراطي سيفوز ب307 مقاعد في مجلس النواب المؤلف من 480 مقعداً. وكان للحزب 249 مقعداً عندما قام كويزومي بحل المجلس الشهر الماضي، بعدما قام منشقون عن الحزب بافشال خطته لخصخصة"مؤسسة بريد اليابان". وتوقعت مؤسسة طوكيو للارسال حصول الحزب الديموقراطي المعارض على 105 مقاعد وهو اقل بكثير من ال175 مقعداً التي فاز بها في الانتخابات الاخيرة، ما يعطي كويزومي القوة الكافية لتطبيق الاصلاحات التي قال انه ستحدث تغيرات كبيرة في السياسة اليابانية. وذكرت مؤسسة"ان اتش كي"العامة للارسال انها تتوقع ان يفوز حزب كويزومي بما بين 285 الى 325 مقعداً بينما تتوقع ان يحصل الحزب الديموقراطي على ما بين 84 و127 مقعداً. ولا يتوقع ظهور النتائج الرسمية قبل ساعات، الا ان تارانوسوكي كاتاياما، احد النواب البارزين من الحزب الحاكم، اعرب عن ثقته بفوز الحزب وقال"لقد تلقيت تقارير جيدة عن نتائج الانتخابات. وصرح لتلفزيون اساهي بالقول"اعتقد بأن الناخبين يؤيدون مبادراتنا الاصلاحية وجهودنا لاستكمال تلك المبادرات". وكان كويزومي، الحليف القوي للرئيس الاميركي جورج بوش، دعا الى اجراء الانتخابات قبل اكثر من عامين من موعدها المقرر. واعتبر الكثيرون اجراء تلك الانتخابات مغامرة خطرة، اذ حذر المراقبون الكثير من حزب كويزومي من ان اجراء الانتخابات سيخرج الحزب الليبرالي الديموقراطي من الحكم بعد ان حكم البلاد منذ عام 1955 دون توقف تقريباً. لكن وبعد يومين من قرار اجراء الانتخابات، اظهرت استطلاعات الرأي ان كويزومي الذي كسر المعايير التقليدية للسياسيين اليابانيين، سيحصل على دعم شعبي قوي. وصرح هيروشي كاواهارا الاستاذ في السياسة اليابانية في جامعة واسيدا في طوكيو ان كويزومي"سيكون قادراً الآن على تطبيق الاصلاحات ومن بينها تخصيص مؤسسة البريد والتي ستتم الموافقة عليها بالتأكيد". وحشد كويزومي منافسين له ممن يجدون قبولاً لدى وسائل الاعلام ومن بينهم ملكة جمال سابقة وأحد المليونيريين الشباب من مالكي شركات الانترنت، للتنافس على مقاعد ضد المنشقين الذين طردهم من حزبه. وفي بلد يمكن ان تشكل فيه الانتخابات مواجهات غير مثيرة بين البيروقراطيين، وصفت وسائل الاعلام المرشحين ب"القتلة الماجورين"والحملة الانتخابية ب"مسرح كويزومي". خصخصة البريد وابقى كويزومي الاضواء مسلطة على تفكيك مؤسسة البريد اليابانية العملاقة التي تعتبر اكبر مؤسسة مالية في العالم حيث تمتلك اصولاً بقيمة ثلاثة تريليونات دولار. وتمتلك المؤسسة 25 الف فرع في كل انحاء اليابان تقوم بعمليات تتجاوز توزيع الرسائل لتشمل حسابات التوفير والتأمين، وشكلت تلك المؤسسة قاعدة دعم مهمة للحزب الليبرالي الديموقراطي. ويقول كويزومي ان خصخصة نظام البريد سينشط الاقتصاد الذي يعاني من انخفاض النمو ويخلصه من مشاريع البناء غير المجدية. ولا يتفق كل الخبراء مع كويزومي في الرأي حيث يشيرون الى ان خطته لخصخصة مؤسسة البريد قد فقدت بعضاً من قوتها وان مؤسسة البريد بعد تقسيمها لن تتمتع سوى ببعض الدعم الشعبي لانها ستتنافس مع البنوك الخاصة. وقد عارض الحزب الديموقراطي، المعارض الرئيسي للحكومة، الخصخصة الفورية لمؤسسة البريد الا انه وعد بتطبيق مجموعة خاصة من الاصلاحات، بما فيها اجراء خفض كبير على الانفاق الحكومي واصلاح نظام التقاعد. العلاقات مع الصين كما وعد الديموقراطيون باصلاح العلاقات المتدهورة مع الصين التي ازدادت تدهوراً بسبب الزيارات المنتظمة التي يقوم بها كويزومي لنصب تذكاري اقيم تكريماً لارواح يابانيين سقطوا من اجل الوطن. الا ان كويزومي جعل خصخصة مؤسسة البريد الاختبار الحقيقي لدعم الاصلاحات. وتوقع المحللون انه حتى بعد حصوله على فوز ساحق، فان كويزومي لا يزال يواجه معركة تتعلق بتوجه الحزب الليبرالي الديموقراطي. وقد رفض كويزومي دعوات من مؤيديه بالبقاء في السلطة الى ما بعد ايلول سبتمبر من العام المقبل، وهي فترة التقاعد التي فرضها على نفسه.